منير فخري عبد النور: قبلت منصب وزير السياحة لأن مصر في مفترق طرق

قال لـ«الشرق الأوسط»: لم أتخل عن حزب الوفد.. وتعييني رسالة للشعب بأن التغيير بات عميقا

منير فخري عبد النور
TT

أكد منير فخري عبد النور، وزير السياحة المصري، أنه قبل المنصب الوزاري لأن مصر في مفترق طرق، وفى أمس الحاجة لجهود كل المصريين الوطنيين، نافيا أن يكون قد تخلى عن حزب الوفد المعارض الذي كان يشغل منصب سكرتيره العام.

وقال عبد النور في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن سبب اختياره في الوزارة هو توجيه رسالة من الحكومة الجديدة تؤكد للمجتمع المصري أن هناك تغييرا وانفتاحا سياسيا واتباع اتجاهات مختلفة، وأن التغيير بات عميقا في كل المجالات.

وأضاف أنه يواجه مهمتين أساسيتين، الأولى والأهم هي تحريك عجلة السياحة، والثانية هي إعادة ترتيب البيت من الداخل لأن هناك مخالفات كثيرة في الوزارة. وقال إن السياحة في مصر لن تعود إلى سابق عهدها إلا عندما يعود الأمن إلى الشارع ويرفع حظر التجول تماما.

* في اعتقادك، ما سبب اختيارك في حكومة أحمد شفيق ومن بعدها حكومة عصام شرف رغم انتمائك لحزب الوفد المعارض؟

- الأسباب تتلخص في كونها رسالة من الحكومة الجديدة تؤكد للمجتمع المصري أن هناك تغييرا وانفتاحا سياسيا واتباع اتجاهات مختلفة، وأن التغيير بات عميقا في كل المجالات، لأن هذا الاختيار لم يكن ليحدث قبل ثورة 25 يناير (كانون الثاني).

* لكن كلتا الحكومتين هي لتصريف الأعمال، فهل يزعجك هذا اللقب؟

- إطلاقا، فاللقب لا يهمني كثيرا، لأن الواجب الوطني يقتضى تحمل الأمانة والمسؤولية تحت كل الظروف والمسميات، ووصف الحكومة الحالية بحكومة «تصريف الأعمال» خاطئ فهي حكومة أزمة أكثر منها حكومة لتصريف الأعمال.

* لكن هل وزارة السياحة هي المكان المناسب لخبراتك وتخصصك؟

- أتصور أن قيادة وزارة السياحة أو أي وزارة أخرى لا تحتاج إلى تخصص، لكنها تحتاج إلى رؤية واضحة، وإدارة حكيمة وجيدة، وتوجه سياسي، كما أنني رجل اقتصادي وأي وزارة لها علاقة بهذا التخصص يمكنني التعامل مع متطلباتها والتفاعل مع مشكلاتها بيسر وسهولة، ولقد رأينا في مصر وأوروبا مدنيين يتولون وزارة الداخلية وغيرها من الوزارات بصرف النظر عن التخصص.

* ما هي أسباب قبولك للمنصب الوزاري؟

- السبب هو أن مصر في مفترق طرق، وفى أمس الحاجة لجهود كل المصريين الوطنيين، الذين لديهم القدرة على تقديم المساندة والمساعدة، لذلك قبلت المشاركة في الحكومة كوزير للسياحة.

* رغم أن هذا المنصب سبب لك أزمة في حزب الوفد الذي كنت سكرتيرا عاما له؟

- لم أتخل عن حزب الوفد، لكن الحزب انقسم ما بين مؤيد ومعارض، وهذا أمر طبيعي لحزب ليبرالي كبير مثل الوفد أن تكون به آراء مختلفة، وفي النهاية كانت سيادة الرأي للأغلبية فتقدمت بالاستقالة.

* وما العقبات التي واجهتك عند توليك وزارة السياحة؟

- عقبات كثيرة جدا، فقد وجدت نفسي أمام «فورة» في القطاع بأكمله، ومطلوب مني مهمتان أساسيتان، الأولى والأهم هي تحريك عجلة السياحة، فهناك عدد لا يستهان به من القوى العاملة يتأثر بالسياحة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وهناك استثمارات بالملايين في هذا القطاع يجب الحفاظ عليها، بالإضافة إلى تحدي الظروف والأوضاع الأمنية الراهنة. والمهمة الثانية هي إعادة ترتيب البيت من الداخل، لأن هناك مخالفات كثيرة للقواعد القانونية، وأنا أقر بوجود مشكلات في الوزارة، منها أن هناك فروقا كبيرة بين مرتبات الموظفين، وهناك شركات حصلت على تسهيلات ليست من حقها في وقت ما، لكن يجب أن يمنحوني فرصة للحل الذي يجب أن يكون على أساس من الحكمة والتروي قبل اتخاذ القرار المناسب.

* وهل اشتراك مصر في مؤتمرات ومعارض دولية لتنشيط السياحة يصب في صالح تحقيق المهمة الأولى لك؟

- نعم، فقد أصبح اشتراك مصر في هذه المعارض في الظروف الحالية ضرورة حتمية. لقد سافرت إلى معرض برلين مؤخرا وكان ذلك فرصة للتعرف على الشركات السياحية ودعم العلاقات المشتركة، خاصة أن مصر بلد سياحي من الدرجة الأولى، والعالم لا يستطيع الاستغناء عن المجيء إلى مصر فهي مقصد سياحي مهم خاصة في الشتاء.

* في رأيك، كم هو الوقت المطلوب لتعافي السياحة المصرية، وكيف ترى مستقبل السياحة؟

- عندما يعود الأمن إلى الشارع المصري ويرفع حظر التجول ستعود السياحة، فقليل من الأمن يعطينا الكثير من السياحة، ومن دون هذه المعادلة لن تتعافى الساحة السياحية في مصر. أما مستقبل السياحة فعندنا أمل كبير في مستقبل منير، فقد منحنا الله جوا رائعا وموقعا جغرافيا مميزا وشعبا دائم الابتسامة وشواطئ خلابة، فيجب استغلال كل هذا وإلا سنكون ناكرين لما وهبه الله لنا من مقومات طبيعية.

* تقدم وزارة السياحة دعما للطيران العارض (الشارتر) بمطاري شرم الشيخ والغردقة بقيمة 84 مليون جنيه، أليس هذا الرقم كبيرا في ظل الظروف الراهنة؟

- بالعكس هذا القرار مهم جدا في هذه الظروف، و84 مليون جنيه هي السقف الأعلى وليس من الضروري إنفاقه كاملا، فلا يمكن أن ينتقل فرد من بلد إلى بلد من دون طاقة نقل جوي، فأردنا تشجيع شركات السياحة العالمية التي لا تريد المخاطرة باستئجار طائرات قد لا يقبل عليها الركاب، فعقدنا معهم اتفاقا على أن الوزارة ستتحمل الفارق في الأسعار، فكان هذا أكبر تشجيع للطائرات، وأدى إلى قدوم الكثير من الوفود والرحلات، والتجربة في الأيام السابقة أكدت جدوى القرار.

* اتهم البعض الفريق أحمد شفيق رئيس الحكومة السابق بأن اختياره لوزراء من أحزاب معارضة مثلك والدكتور جودة عبد الخالق من حزب التجمع، يعد عبثا سياسيا..

- هذا اتهام في غير محله، فحكومة أحمد شفيق ومن بعدها حكومة عصام شرف حكومة وطنية بكل معاني الكلمة، وأعضاؤها تميزوا بالتغير العميق، وكان يجب التكاتف معهم لمواجهة الأخطار والعقبات التي تعصف بمصر اليوم، ووقت تولي الفريق أحمد شفيق الرئاسة لم يكن الخلاف على حكومته، قدر ما كان الخلاف على شخصه لأسباب معروفة للجميع، والرأي العام لم يكن معترضا على دخول بعض الأسماء قدر مطالبته بخروج بعض الوجوه القديمة من الوزارة.

* كيف ترى مقدرة كل من الفريق أحمد شفيق والدكتور عصام شرف على تنفيذ مطالب ثورة 25 يناير؟

- المقارنة مستحيلة، لأن الشخصيات مختلفة والأوضاع مختلفة، والاثنان مرا بظروف مختلفة، ومن يرى أن عصام وشفيق أوضاعهما متشابهة بحكم تقلد المنصب نفسه فهو مخطئ، فالفريق أحمد شفيق كان وجوده على رأس الحكومة يمثل للشعب ارتباطا بكل ما كان قبل الثورة، رغم كل محاولاته المضنية لإثبات عكس هذا، فاختار الشعب القطيعة الفجائية التي لم تكن حلا في أي وضع من الأوضاع. ومن ينظر إلى الثورة الفرنسية عام 1789 حتى إعدام لويس التاسع عشر يجد أن هناك فترة 9 سنوات ظل فيها كثير من القيادات يعملون في مناصبهم نفسها، وكذلك ثورة يوليو (تموز) 1952 في مصر ظل علي باشا ماهر يشغل منصب رئيس الوزراء رغم انتمائه للنظام القديم.

ومطالب الثورة لن تنفذ بين يوم وليلة، وتحتاج إلى وقت، فلا يمكن بين يوم وليلة ولا حتى سنة إزالة كل التراكمات التي حدثت منذ سنوات، فنحن نحتاج إلى تعديلات إنمائية واقتصادية للوصول إلى النتيجة.

* هل زرت ميدان التحرير أثناء الثورة؟

- نعم، لقد كنت موجودا في ميدان التحرير بدءا من يوم 25 يناير وعلى مدار الـ18 يوما التي أعقبته حتى تنحي الرئيس السابق حسني مبارك.

* كيف ترى رئيس مصر القادم؟

- أملي أن يكون رجل دولة من الدرجة الأولى له خبرة، ويكون قادرا على إقناع الرأي العام به، لأننا أصبحنا نتعامل مع رأي عام صعب المنال، وتغير كثيرا بعد الثورة، فهو يريد تحقيق جميع آماله فورا سواء اقتصادية، أو اجتماعية، أو فئوية.

* بصفتك مسيحيا مصريا، كان لك موقف وقت حادث «كنيسة القديسين» في شهر يناير الماضي، وحملت النظام وقتها المسؤولية، وقلت «إن جبهتنا الوطنية ضعيفة».. ما السبب في ذلك؟

- كان السبب هو تكرار هذا النوع من الحوادث ووقوف الدولة عاجزة عن الردع، وكنت ألمح دوما أن هناك يدا بعينها وراء هذه الأحداث لاستفادتها بشكل أو بآخر، وعندما خرجت تصريحات بأن الحادث دبر في الخارج، قلت لا بل الحادث دبر ونفذ على أرض مصر.