محمد حسان: لا أفكر في الترشح للرئاسة بمصر.. والسلفيون سيخوضون الانتخابات البرلمانية المقبلة

قال لـ«الشرق الأوسط»: ليس من حق أحد أن يحجب المشاركة عن الإسلاميين

الشيخ محمد حسان
TT

كشف الداعية الإسلامي الشيخ محمد حسان، أحد قيادات التيار السلفي بمصر، عن أنه لا يفكر في الترشح لانتخابات الرئاسة بمصر. مؤكدا أنه لا يتطلع لمنصب ديني أو سياسي وقال: «سأظل ما حييت معاهدا ربي على ذلك، فكل همي أن أظل خادما لدعوة الله ثم لبلدي مصر».

وقال حسان، في حوار مع «الشرق الأوسط»: إن بعض قيادات وأعضاء جمعية أنصار السنة من السلفيين سيخوضون الانتخابات البرلمانية المقررة في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، خاصة في القاهرة والإسكندرية. مضيفا «لقد أوجبت المرحلة الحرجة الدقيقة التي تمر بها مصر في الوقت الراهن على أهل العلم، أن يتحركوا كما تحركوا من قبل بالدعوة».

وأشار إلى أن التيار السلفي بصدد إنشاء حزب سياسي وفق القواعد والقوانين المطروحة. معتبرا أن الإسلاميين من حقهم أن يعبروا عن آرائهم بأدب جم في إطار احترام الرأي والرأي الآخر، وليس من حق أحد أن يحجب عنهم المشاركة أو العمل السياسي.

* لم يعرف عن جمعية أنصار السنة ميلها إلى السياسة أو العمل السياسي أو حتى الدعوة لحزب معين، لكن الآونة الأخيرة شهدت حراكا سياسيا كبيرا للجماعات الإسلامية، خاصة أنصار السنة التي دخلت على خط التأييد للتعديلات الدستورية، فما السبب في هذا التحول؟

- لقد أوجبت المرحلة الحرجة الدقيقة التي تمر بها مصر في الوقت الراهن على أهل العلم أن يتحركوا كما تحركوا من قبل بالدعوة. عليهم أن يتحركوا في المرحلة الراهنة ويوجهوا الناس إلى ما يرونه صالحا لهذا البلد الكريم. وأنا أعترف بأن السلفيين لا يجيدون العمل السياسي كغيرهم من الجماعات المتمرسة في هذا الميدان، ولكنهم دخلوا من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودخلوا من باب السياسة الشرعية، ونحن لا نقول: لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين، ولكن نقول إن للدين حكما في كل جزئية من جزئيات الحياة، ولا نأخذ من الدين ما يتوافق وحاجاتنا ورغباتنا، بل إن شئت فقل لأهوائنا، ثم نترك ما لا يتفق وهذه الأهواء والرغبات، وواجب على إخواننا أن يذكروا الأمة بما يرونه صالحا لهذا البلد الكريم لقول الله عز وجل «يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة».

* بعد صدور قانون الأحزاب الجديد، هل تنوي جمعية أنصار السنة إنشاء حزب سياسي قريبا، أم أنها ستنضم لحزب معين، خاصة مع دخول بعض التيارات الإسلامية الأخرى ضمن أحزاب سياسية؟

- نعم، نحن بصدد إنشاء حزب وفق القواعد والقوانين المطروحة، وليس هذا منكرا على التيارات الإسلامية، فهم، كأي مواطن مصري، من حقهم أن يعبروا عن آرائهم بأدب جم في إطار احترام الرأي والرأي الآخر، وليس من حق أحد أن يحجب عنهم المشاركة أو العمل السياسي، فهم مواطنون يعيشون في هذا البلد، ومن حقهم أن يشاركوا كغيرهم. وجمعية أنصار السنة تضم مواطنين مصريين يريدون المشاركة في صناعة مستقبل بلدهم، وفق الكتاب والسنة. والجمعية لن تجيد سياسة اللف والدوران والمكر والخداع، بل ربما يطرحون سياسة مبنية على الرحمة العدل والحق.

* هل ستشاركون في الانتخابات البرلمانية المقبلة؟

- نعم سيشارك فيها الكثير من إخواننا في الإسكندرية والقاهرة، سواء في انتخابات مجلس الشعب أو مجلس الشورى.

* ما رأيكم في النموذج التركي كدولة مدنية ذات مرجعية إسلامية؟

- أنا لا أقول مسميات الدولة المنشودة الآن، سواء أكانت دولة دينية أو مدنية أو ديمقراطية.. لن نتوقف عند المسمى ولا عند المصطلح، ولكن سنتوقف عند المنهج الذي ستحكم به الدولة، ومنطلقنا حديث النبي، صلي الله عليه وسلم، «اسمعوا وأطيعوا وإن تأمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله جل وعلا»، فلا مساحة عندنا لمسمى الدولة، المهم أن يكون المنهج الذي ستحكم به الدولة منبثق من المادة الثانية للدستور التي تنص على أن الدين الإسلامي هو الدين الرسمي للدولة والشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.. لا يهم المسمى.. المهم هو أن تحكم الدولة بهذا المنهج الذي نصت عليه المادة الثانية للدستور.

* بم تفسر حالة الرهبة أو الخوف التي انتابت البعض من قيام دولة إسلامية في مصر؟

- لا خوف من الإسلام، فالإسلام ليس دين محمد، صلي الله عليه وسلم، فحسب، بل هو دين جميع النبيين والمرسلين، والإسلام ليس فزاعة، وأنا أريد أن أطمئن إخواننا، على اختلاف أفكارهم وأطيافهم وآيديولوجياتهم وأفكارهم، وأقول إن الإسلام دين الله تبارك وتعالى الذي يتسم بربانية المنهج، الذي يتسم بالتكامل والشمول والتوازن والاعتدال والتميز والمفاصلة والحق والسماحة في التعامل مع الآخرين، فالإسلام لا يفرض معتقده على الآخر، ويكفي أن نذكر بقول الله تعالى «ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره حتى يكونوا مؤمنين»، وبقوله تعالى «وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر».. وأعتقد أنه ليس من حق أي شخص أن يكسر المصباح الذي أحمله في يدي لأنير لمن يعيشون في الظلام، وإنما أنا أبلغ، فمن أراد أن يدخل بعد ذلك في دين الله تبارك وتعالى فأهلا وسهلا.

الأمر الآخر أن الإسلام ليس كما صوره البعض، بأن الإسلام قطع أذن وحرق وجوه المتبرجات بماء النار وهدم الأضرحة في المساجد، فقد عاشت مصر في حالة رعب وفزع لمدة أسبوع من الإسلاميين بصفة عامة والسلفيين بصفة خاصة، وقال البعض إن السلفيين خرجوا من جحورهم ويريدون أن يقلبوا مصر رأسا على عقب، وهذا غير صحيح، فالإسلام له ضوابط في تغيير المنكر، وأرجو أن يكون ذلك واضحا للجميع.

* ولكن في الفترة الأخيرة ظهر بعض الشباب المتحمس من أنصاركم، قاموا بأعمال عنف، معتقدين أنه تغيير للمنكر، مما أدى إلى اتهام السلفيين بوجه عام بمحاولة فرض الدين بالقوة؟

- أنا أوضحت حكم الإسلام في فقه تغيير المنكر، وليس من الإنصاف أن نحاكم الإسلام كدين له أصوله وقواعده وضوابطه لخطأ فردي أو حتى جماعي يقع فيه أحد المنتسبين إلى هذا الدين أو تقع فيه جماعة تنتسب لهذا الدين. وأنا إلى الآن لا أعلم حادثة واحدة اتهم فيها السلفيون بشكل واضح وعادل.

* البعض طالب بتطبيق الحدود، فهل تعتقدون أن الظروف مواتية لهذا الأمر؟

- اسمح لي أن أقول إن من الإجحاف أن يختزل الإسلام بعقيدته وشريعته وأخلاقه ومعاملاته وسلوكه في تطبيق الحدود، لكن مع ذلك نحن نعتز بالحدود، وهي دين ربنا، فيقول عز وجل: «ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون»، لكن إذا وقفت مع إثبات حكم الزنى في الإسلام مثلا، لرأيت عجبا، ستعلم علم اليقين أن الدين يدرأ الحدود بالشبهات، وهو أمر متفق عليه بين كل الفقهاء، فالإسلام ليس دينا متعطشا، كما يصوره البعض لقطع الأيدي وجلد الظهور، لكن قد يرى البعض التدرج في إقامة الحدود.

* ما رأيكم في ترشيح مسيحي أو امرأة للرئاسة في مصر؟

- فقهاء الأمة أجمعوا على أن المرأة لا يجوز لها تولي الولاية العامة، وأنا لا أستحي من هذا، وأنا لا أجيد الأتيكيت الفكري ولا أعرف دبلوماسية الحوار في أصول الشرع وفي أحكام الدين، وكيف أتنكر للإجماع، وهذا أمر واضح وبين. فالعلماء منعوا تولي المرأة للولاية العامة، ومنهم من أباح ومنهم من منع توليها للولاية الخاصة. أما أن يتولى غير المسلم الولاية العامة في بلد مسلم، فأنا أقول لو فكرت روما في ترشيح رجل مسلم لحكم إيطاليا سنفكر في هذا الأمر.

* طالبك البعض بالترشح للرئاسة، فهل تفكر في ذلك، خاصة أنك تحظى بشعبية واسعة وقبول واسع لدى الكثيرين؟

- أنا لا أتطلع لمنصب ديني أو سياسي، وسأظل ما حييت معاهدا ربي على ذلك، فكل همي أن أظل خادما لدعوة الله، ثم لبلدي مصر الذي لا أقول أحبه، بل أعشقه وسأظل خادما لأهل هذا البلد. وأصدقك القول إن نفسي لا تحدثني أصلا بهذا لشغل هذه المناصب.