موجة استيطان في القدس والضفة الغربية عشية لقاء بيريس مع أوباما

فرنسا حذرت من الخطوة وأكدت أن القرار مخالف للقانون الدولي وعقبة في طريق السلام

سيدة فلسطينية تنشر غسيل أطفالها، أمس، في منزلها المهدم بفعل قصف إسرائيلي في مدينة بيت لاهيا شمال غزة (أ.ف.ب)
TT

كما يجري عادة خلال السنتين الأخيرتين، مع كل لقاء إسرائيلي - أميركي للبحث في مسيرة السلام، أعلن في تل أبيب، أمس، عن موجة استيطانية في القدس الشرقية المحتلة وعدد من المواقع في الضفة الغربية، وذلك عشية لقاء القمة الذي سيعقد اليوم في واشنطن بين الرئيس الأميركي، باراك أوباما، والرئيس الإسرائيلي، شيمعون بيريس.

ففي القدس قررت البلدية الإسرائيلية المصادقة على بناء 950 وحدة سكن جديدة في منطقة حساسة قرب بيت لحم، فهناك توجد مستوطنة يهودية تدعى «غيلو» وتفصلها عن بيت لحم منطقة مفتوحة، يأتي المشروع الاستيطاني لتهويدها. وقد قيل إن بلدية القدس الغربية، كعادتها في كل مرة يتم فيها الحديث عن خطوة تدفع مفاوضات السلام مع الفلسطينيين، تقدم على إقرار مشروع استيطاني جديد. لكن حال هذا النشر كشف عن أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، نفسه، بالاشتراك مع وزير دفاعه إيهود باراك، قررا المصادقة على مشاريع استيطان لتوسيع عدد من المستوطنات في منطقتي غور الأردن (على طول الضفة الغربية من نهر الأردن) والسامرة (منطقة نابلس). وعليه فإذا كان هناك من تخريب على جهود استئناف المفاوضات، هذه المرة على الأقل، فإنها تأتي من نتنياهو نفسه.

كانت مصادر سياسية قد ذكرت في البداية أن لقاء أوباما بيريس تم بمبادرة من الرئيس الإسرائيلي «الذي يريد إعادة فتح الطريق إلى الولايات المتحدة لرئيس حكومته».

لكن مصادر مقربة من بيريس أكدت أن أوباما هو الذي بادر إلى دعوته. وأن هذه الدعوة تمت على هذا النحو؛ لأن الرئيس الأميركي لا يريد لقاء نتنياهو ما دامت المفاوضات متعثرة؛ فهو يتهم نتنياهو بالمسؤولية عن عرقلة الجهود الأميركية لاستئناف المفاوضات. وهناك من يرى أن نتنياهو يتخذ خطوات مسيئة بشكل شخصي للرئيس أوباما على أرض الولايات المتحدة، بواسطة اللوبي اليهودي وحلفائه من قوى اليمين المتطرف في الكنيسة الإنجيلية الراديكالية والحزب الجمهوري.

وأضافت هذه المصادر أن نتنياهو لم ينظر بعين الرضا إلى دعوة بيريس للبيت الأبيض واعتبرها محاولة لمعاقبته وإظهاره منبوذا؛ لذلك جاءت خطوته الاستيطانية ردا استفزازيا على دعوة بيريس هدفها التذكير بأن نتنياهو هو رئيس السلطة التنفيذية في إسرائيل، الذي يملك صلاحيات الحكم الفعلية، وهو الذي يجمد الاستيطان وهو الذي يطلقه، وأن بيريس هو رئيس فخري من دون صلاحيات؛ لذلك أقدم على هذه الخطوات الاستيطانية. ومع ذلك، فإن إدارة البيت الأبيض حاولت إضفاء أجواء إيجابية على دعوة بيريس. فأكدت لوسائل الاعلام الإسرائيلية أن دعوته جاءت في إطار التنسيق الدائم بين الدولتين المتحالفتين وأن بيريس وأوباما سيبحثان في تعزيز العلاقات الثنائية في شتى المجالات، خصوصا في مضمار الأمن، الذي تتخذ فيه إدارة أوباما موقفا صريحا صارما لدعم إسرائيل ووجودها. وقال الأميركيون إن بيريس وأوباما سيبحثان أيضا في التطورات الجارية في العالم العربي وتأثيرها على مستقبل المنطقة، بينما قال بيريس إنه سيبحث هذا الموضوع من خلال القلق الإسرائيلي على العلاقات مع مصر، خصوصا بعد تصريحات وزير الخارجية نبيل العربي. كان مكتب بيريس قد أكد، قبل عدة أيام، أي قبل أن تصدر مواقف نتنياهو الاستيطانية، أن الموضوع الأساسي الذي سيُبحث في اللقاء مع أوباما سيكون موضوع المفاوضات مع الفلسطينيين وشروط استئنافها. وحرص بيريس على التأكيد أن الجمود في المفاوضات لا يخدم إسرائيل؛ إذ تتصاعد حملة الضغوط الأوروبية لتوفير اعتراف دولي بفلسطين دولة مستقلة على حدود 1967 عاصمتها القدس. وأن بيريس سيحاول إقناع الرئيس أوباما بضرورة التصدي لهذه المحاولة وبذل الجهود لمنع هذا الاعتراف في سبتمبر (أيلول) المقبل. وأمام ذلك، حذرت فرنسا، أمس، إسرائيل من مشروع بناء وحدات سكنية جديدة في 4 مستوطنات في الضفة الغربية، مؤكدة أن قرارا من هذا النوع سيكون مخالفا للقانون الدولي وعقبة في طريق السلام. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو: «إن فرنسا تشير بقلق كبير إلى المعلومات التي تحدثت عن موافقة السلطات الإسرائيلية على خطط لتوسيع 4 مستوطنات في الضفة الغربية واحتمال الموافقة على بناء أكثر من 900 وحدة في مستوطنة غيلو في القدس الشرقية». وأضاف: «نحذر من بناء وحدات سكنية جديدة يمكن أن ينجم عن هذه القرارات ولا يمكننا إلا أن ندينه». وتابع فاليرو: «نذكر بأن الاستيطان مخالف للقانون الدولي ويشكل عقبة في طريق السلام».

ويدور الحديث عن 4 مستوطنات في الضفة الغربية، هي: «نوفيم» في نابلس، و«أشكولوت» جنوب الخليل، و«حميدات» و«روتيم» في غور الأردن، وهي مستوطنات لم تحصل على «التراخيص» اللازمة للبناء، وقد أقدم المستوطنون على البناء في هذه المستوطنات من دون أخذ هذه «التراخيص» وسيقوم باراك بتسوية الأمر من خلال المصادقة على المخططات الهيكلية التي جرى إعدادها. وستصبح هذه المستوطنات بعد مصادقة باراك عليها «شرعية» بالنسبة للحكومة الإسرائيلية، على الرغم من محاولة وزارة الدفاع الإسرائيلي القول إن كل ما يحدث الآن مجرد تسوية قانونية للبناء القائم على أراضٍ تابعة لدولة الاحتلال. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»: إن المخطط الجديد يمتد على مساحة نحو 88 ألف متر مربع منها 1000 متر مربع للتجارة و20 ألفا لمبان عامة و3500 متر مربع لأغراض الاستجمام والرياضة. وبحسب «يديعوت»، فإن المخطط يتضمن أيضا بندا يتيح توسيع البناء مستقبلا بنحو 300 وحدة سكنية أخرى.