السلطة: سنواصل محاكمة مجرمي الحرب.. وحماس تدعو الأمم المتحدة لاعتماد التقرير

الفلسطينيون: غولدستون تعرض لضغوط إسرائيلية

TT

شن الفلسطينيون هجوما واسعا على القاضي الدولي ريتشارد غولدستون، بعد تراجعه عن نتائج تقرير بعثة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الذي حمل اسمه، للتحقيق في المجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة نهاية عام 2008، واتهموه بالخضوع «للإرهاب والابتزاز»، قائلين إن تراجعه لا يحمل أي صفة قانونية، مطالبين الأمم المتحدة بإنفاذ التقرير الذي وصفوه بأنه أممي، وليس شخصيا.

وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينه، إن السلطة الوطنية لن تتوقف عن بذل كل مساعيها لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب أثناء العدوان الإسرائيلي على القطاع، متهما إسرائيل بتجاوز كل الحدود بعدوانها على المدنيين.

وأضاف أبو ردينه، في تصريحات للصحافيين، أمس، في مقر الرئاسة، إن «غولدستون سواء تراجع عن أقواله أم لا، فهذا لا يغير من حقيقة أن إسرائيل ارتكبت مجازر وجرائم حرب في غزة بقتلها أكثر من 1500 مواطن فلسطيني من المدنيين الأبرياء». وأكد أبو ردينه أن تقرير غولدستون هو تقرير أممي، وليس تقريرا شخصيا له، معتبرا أن «على الأمم المتحدة متابعة مساعيها لمعرفة الحقيقة، سواء حافظ (القاضي) غولدستون على موقفه أم غيره نتيجة لضغوط معروفة وغير حقيقية». وصدرت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بيانا قالت فيه إنها تستنكر «الدوافع غير المبررة والمفهومة لتراجع السيد ريتشارد غولدستون عن نتائج تقريره».

واعتبرت المنظمة في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أن «هذا التراجع المفضوح لا يلغي المصداقية الكبيرة لهذا التقرير، خاصة أنه بني على مشاهدات وتحقيقات عينية وملموسة وذات مصداقية لنتائج العدوان الإسرائيلي على غزة».

وتابعت المنظمة: «لقد بدا واضحا من تصريحات غولدستون ومحاولة تبريره للقتل المتعمد للمدنيين الفلسطينيين، بمن فيهم أسر كأسرة السموني، التي راح ضحيتها 29 فردا بأنه تورط فردي لبعض الجنود؛ أن منطلقاته منطلقات سياسية لا تتمتع بأي مصداقية قانونية أو أخلاقية». وحذرت المنظمة من «أن التبرير السياسي لدموية المجازر التي ارتكبت في قطاع غزة، وفي هذا الوقت الذي تحضّر فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي لعدوان جديد على قطاع غزة، تحت ذرائع واهية، إنما يعطي غطاء مباشرا لهذا العدوان، وإطلاق يده في ارتكاب المزيد من المجازر، وإلا فبماذا يفسر غولدستون رفض إسرائيل التعاون مع بعثة لجنة التحقيق في نتائج العدوان على غزة».

وتابع البيان: «إننا نأسف بشدة لانحدار السيد غولدستون إلى مستوى إعفاء الاحتلال الإسرائيلي من جرائمه، ولتورطه في تزييف الوعي الدولي بحقيقة هذا الاحتلال وجرائمه اليومية على المدنيين الفلسطينيين وأرضهم».

وقالت حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية ورئيسة دائرة الثقافة والإعلام لمنظمة التحرير الفلسطينية: «التراجع المؤسف للقاضي غولدستون عن نتائج تقريره لأمر مخجل ومؤلم، ويشكل فضيحة أخلاقية وقانونية تاريخية. إنه رضخ للابتزاز والضغوط الإسرائيلية، قاضيا على سمعته ومصداقيته الدولية». وتابعت: «لقد نجحت حملات الترهيب والتضليل التي تقودها الآلة الإعلامية الإسرائيلية في المحافل الدولية والسياسية، ولكننا لم نتوقع نجاحها في المحافل الحقوقية والقضائية أيضا».

ويقول الفلسطينيون إن غولدستون لم يتحمل الضغوط الكبيرة، وقال عضو اللجنة المركزية لفتح، نبيل شعث: «يبدو أنه لم يستطع تحمل الإرهاب الذي مورس ضده، فاضطر أن يخضع للأسف الشديد». أما حركة حماس، فدعت، إلى إنفاذ ما ورد في تقرير غولدستون، باعتباره تقريرا دوليا، وليس شخصيا، منتقدة موقف القاضي غولدستون الذي أبدى تراجعه عن التقرير.

وأعربت الحركة، على لسان الناطق باسمها سامي أبو زهري، عن استغرابها من موقف القاضي الدولي غولدستون الذي أبدى تراجعه عن جزء من التقرير الدولي وتقبله للرواية الإسرائيلية، على الرغم من أن الاحتلال الإسرائيلي رفض استقباله أو التعاون معه مقابل استقباله في غزة، وتقديم كل التسهيلات لعمل فريقه.

ودعت الحركة الأمم المتحدة إلى إنفاذ ما ورد في تقرير غولدستون، لأن التقرير أصبح إحدى الأوراق والوثائق الدولية، قائلة: «التقرير ليس ملكا شخصيا لغولدستون، فقد شارك في وضعه فريق من القضاة الدوليين إلى جانب غولدستون هذا، فضلا عن أن التقرير اعتمد على جملة من الوثائق وشهادات شهود العيان في الميدان، مما يزيد من قوة التقرير ومصداقيته».

من جهته، قال عصام يونس، مدير مركز «الميزان» لحقوق الإنسان، إن الاحتلال يحاول توظيف المقال «لوأد التقرير الذي يرون أنه يشكل خطرا عليهم».

وفي تصريح صحافي، قال يونس: «التقرير موجود، ونحن نتحدث الآن في ما بعد غولدستون، والعجلة تسير، وهناك قرار صدر قبل عشرة أيام لمجلس حقوق الإنسان بشأن التقرير الذي أعدته لجنة تقصي الحقائق التابع للأمم المتحدة».

واعتبر أن هذا يأتي في سياق الحراك الذي يسير الآن باتجاه تقرير لجنة تقصي الحقائق، مشيرا إلى أن قرار مجلس حقوق الإنسان يؤكد بشكل واضح فشل الكيان الإسرائيلي في التحقيقات الداخلية في دفع المجلس للبحث عن آليات للعدالة الدولية».