الثوار الليبيون يتقهقرون في البريقة جراء قصف صاروخي عنيف لقوات القذافي

الناتو: الغارات دمرت 30% من القدرات العسكرية للعقيد

ثوار ليبيون بالقرب من آليتين عسكريتين لقوات مؤيدة للقذافي جرى تدميرهما وإحراقهما في اشتباكات قرب البريقة أمس (أ.ب)
TT

تقهقر الثوار الليبيون نحو 20 كيلومترا شرقا أمس جراء قصف صاروخي عنيف من جانب قوات العقيد الليبي معمر القذافي، في اليوم السادس من القتال على ميناء البريقة النفطي، حسب ما ذكرت «رويترز».

ودفع القصف المستمر بالصواريخ وقذائف المورتر قافلة شاحنات وعربات المقاتلين المعارضين باتجاه معقلهم في بنغازي في أكبر تقهقر في بضعة أيام من المعارك غير الحاسمة.

وتواصلت صواريخ متفرقة في الضرب باتجاه عربات الثوار المسلحة التي تتشكل في مجموعات صغيرة، فتضرب الصحراء قرب الطريق على مسافة 20 كيلومترا من البريقة.

وقال الثوار إن الغارات الجوية الغربية تراجعت فاعليتها منذ أن تولى حلف شمال الأطلسي السيطرة على العمليات من ائتلاف قوي يضم فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأسبوع الماضي.

وقال زياد الخفيفي، 20 عاما، وهو أحد مقاتلي المعارضة المسلحة «منذ اليوم الذي تولى فيه حلف شمال الأطلسي السيطرة على الغارات ونحن نتراجع».

وقال مبروك المجبري، 35 عاما: «قوات القذافي تقصفنا بصواريخ غراد (روسية الصنع)». وأضاف «هناك خطأ ما.. عندما أعطت الولايات المتحدة السيطرة للحلف توقف القصف. لا أدري سببا لذلك».

وبدأ التقهقر عندما سقطت الصواريخ قرب مجموعة من الثوار ينتظرون شاحنات مزودة بمدافع آلية عند البوابة الشرقية للبريقة صباح أمس.

وفي منطقة قريبة تصاعد الدخان من بقايا شاحنتين حكوميتين محملتين بمدافع آلية وتصاعد الدخان من الإطارات المحترقة. وقال معارضون إن الشاحنتين دمرتا في ضربة جوية غربية.

وحاول أفراد المعارضة المسلحة في بادئ الأمر الرد بإطلاق النار من قاذفاتهم غير أن عشرات منهم قفزوا في الشاحنات وانطلقوا بسرعة ولم يتوقفوا إلا على بعد أكثر من 5 كيلومترات من الحدود الشرقية للبلدة.

وبدا أن القصف الصاروخي المستمر يعطي قوات القذافي اليد العليا بعد أيام كان يفر فيها المتطوعون المسلحون بأسلحة خفيفة من القذائف الصاروخية في حين تمسك مقاتلو المعارضة، الأفضل تدريبا ومعظمهم من وحدات جيش انشقت على القذافي أو من الضباط المتقاعدين، بمواقعهم.

وأبدى كمال المغربي، المعارض العائد من بريطانيا ليقاتل، إحباطه من التفوق العسكري لقوات القذافي. وقال إن القوى غير متكافئة، مشيرا إلى مدافع الكلاشنيكوف التي تستخدمها المعارضة. وزاد قائلا: «هؤلاء الناس لا يمكنهم أن يحاربوا بهذا السلاح».

وأظهرت المعارضة تنظيما أفضل مما كانت عليه في الأسابيع السابقة فتحتفظ بالأرض لفترات أطول، وتضغط على المتطوعين غير المدربين للصمود في مواقع خلفية في حين تهاجم القوات الأكثر خبرة قوات القذافي على خط الجبهة. لكن بدا أن القوات الحكومية تشن هجوما كبيرا أمس.

وتقدمت المعارضة إلى الغرب بسرعة متخطية بلدة بن جواد على بعد نحو 525 كيلومترا شرق طرابلس مدعومة بغارات جوية غربية في بداية الأسبوع قبل أن تشن قوات القذافي هجوما مضادا.

وشنت قوات حلف شمال الأطلسي أمس غارة جوية على قوات القذافي على مسافة نحو 30 كلم شرق ميناء البريقة النفطي، كما أفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية. واستهدفت الغارة موقعا على بعد نحو 30 كلم شمال البريقة حيث دمرت شاحنتي «بيك آب» عسكريتين تابعتين لقوات القذافي كانتا تتقدمان في المنطقة.

ولم تسفر الغارة عن ضحايا ذلك أن الجنود الذين كانوا بداخل الشاحنتين تمكنوا من الفرار، كما أفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية.

وأوضح المراسل أن الأضرار التي لحقت بالشاحنتين لا تدع أي مجال للشك في أنهما تعرضتا لقصف جوي وليس لقصف من البر.

من ناحية أخرى، ذكر موقع إلكتروني ليبي موال للمعارضة أن الهجمات على مدينة مصراتة غرب ليبيا أسفر عن مقتل 5 أشخاص وإصابة 24 آخرين.

وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أمس أن هناك نحو 1.5 مليون شخص في حاجة لمساعدات نتيجة للقتال المستمر في ليبيا.

إلى ذلك، اعترف حلف شمال الأطلسي (الناتو) أمس بأن قواته قتلت ثوارا ومدنيين ليبيين بمدينة البريقة مطلع الأسبوع الجاري فيما وصفه الحلف بأنه «حادث مؤسف».

ولم يعط الحلف تفاصيل حول عدد الضحايا لكن الثوار قالوا في وقت سابق إن 4 مدنيين على الأقل و9 ثوار لقوا حتفهم في الهجوم.

وقال البريجادير جنرال مارك فان أوم، أحد كبار الضباط بالحلف، إن الهجوم وقع عندما قام البعض بإطلاق نيران احتفالية وظنت قوات الناتو خطأ أنها نيران معادية.

وقال فان أوم في تصريحات للصحافيين في بروكسل: «حققنا في الحادث وبناء على كل ما نعرفه إلى الآن فإن تقييمنا هو أنه كان حادثا مؤسفا».

وأضاف: «قوات المعارضة أوضحت بالفعل أنه كان خطأهم أن قاموا بإطلاق نيران احتفالية في الهواء ما تسبب في رد فعل». ولم يكشف مسؤول الناتو عن جنسية الطائرة التي نفذت الهجوم.

وقال فان أوم: «الثوار تعلموا الدرس بالفعل» حيث قاموا بإبعاد «الشباب المتحمسين جدا» بعيدا عن الخطوط الأمامية، ودفعوا مكانهم بمقاتلين «أكثر خبرة» أعطيت لهم تعليمات بعدم إطلاق نيران أسلحتهم بغرض التعبير عن التحية بعد ذلك.

وعلى صعيد ذي صلة، قال البريجادير جنرال فان أوم إن ضربات القوات الغربية دمرت 30% من القدرات العسكرية للعقيد القذافي منذ بدء التدخل في ليبيا.

وأوضح الجنرال نقلا عن التقرير الذي قدمه أمس القائد الأعلى للعملية في ليبيا إلى سفراء البلدان الـ28 المتحالفة في مقر الحلف الأطلسي في بروكسل، «دمرنا ثلث القدرة العسكرية لقوات القذافي».

وفي غضون ذلك، سحب الجيش الأميركي أول من أمس المقاتلات التي تشارك في الحملة الدولية في ليبيا، حسب ما أعلنت وزارة الدفاع بعد أن كانت واشنطن قد وافقت نهاية الأسبوع على تمديد ضرباتها لمدة 48 ساعة.

وقررت الولايات المتحدة في البدء سحب مقاتلاتها وصواريخ من طراز توماهوك من مسرح العمليات اعتبارا من نهاية الأسبوع الماضي، بعد أن تولى الحلف الأطلسي مهمة العمليات اعتبارا من الخميس. ولكن واشنطن وافقت الأحد على طلب الحلف الأطلسي بشن ضربات في ليبيا حتى أمس الاثنين بسبب «سوء الأحوال الجوية مؤخرا».