الأسد يستقبل فعاليات اجتماعية من منطقة الحسكة.. ويقدم لهم التهاني بأعياد النوروز

مصادر قالت إن الرئيس السوري أرسل طائرة خاصة لنقلهم إلى دمشق

الرئيس السوري بشار الأسد أثناء لقائه فعاليات اجتماعية وسياسية من مدينة الحسكة لبحث حاجات المنطقة، في دمشق أمس (إ.ب.أ)
TT

في إطار محاولته تهدئة الأزمة في سورية، استقبل الرئيس السوري بشار الأسد أمس عددا من الفعاليات الاجتماعية من محافظة الحسكة التي تعتبر من أكثر المناطق تنوعا طائفيا، ويتركز فيها عدد كبير من الأكراد السوريين. وقال بيان رسمي إن هذا اللقاء يجري ضمن إطار «لقاءات الرئيس مع الفعاليات الاجتماعية من مختلف المحافظات، وجرى خلاله مناقشة الأوضاع في المحافظة». وأضاف البيان أن الأسد استمع من هذه الفعاليات إلى «الأحوال المعيشية لأهالي محافظة الحسكة ومتطلباتها ومشكلاتها، وتم التأكيد على أهمية تضافر جهود السلطات المحلية للمحافظة وأهاليها لحل هذه المشكلات».

ونقل البيان عن «الفعاليات شكرها وارتياحها لتوجيهات الرئيس الأسد بمعالجة موضوع إحصاء 1962 قبل الخامس عشر من (أبريل) نيسان الحالي»، وتأكيدها «على وحدة الشعب السوري بكل أطيافه ووقوفهم ضد أي محاولة للمساس بوحدة البلد وأمنه واستقراره». كما تطرقوا إلى «التاريخ والنضال المشترك ضد الاستعمار، الذي يفخر به أبناء المنطقة، وأكدوا أن هذا هو الشعب السوري في كل مفاصله التاريخية، حيث وقفت كل أطيافه ضد التدخلات الخارجية ومحاولات تفتيت وحدته الوطنية كما تقف اليوم في كل محافظات القطر».

من جانبه، توجه الأسد «بالتحية لأهالي محافظة الحسكة لمواقفهم الوطنية المشرفة، كما توجه إليهم بالتهاني الخاصة بأعياد النوروز، والتحية لدورهم الوطني الذي تثبته الأحداث يوميا». ولم يذكر البيان أي تفاصيل أخرى تتعلق بالفعاليات الاجتماعية والفئات التي تمثلها، في حين نقل عن مصادر مطلعة في دمشق إشارتها إلى ترتيب لقاء بين فعاليات عربية وكردية سورية (وجهاء عرب وأكراد) تم التحضير له على مستوى عال، وذلك في إطار دعوة السلطات السورية إلى «تعميق العمل على تعزيز الوحدة الوطنية في سورية».

وبحسب مصادر أخرى، فإن نحو ثلاثين شخصية من وجهاء العرب والأكراد في المناطق الشمالية الشرقية حيث يتركز العدد الأكبر من الأكراد السوريين، لبوا دعوة السلطات السورية، وجرى نقلهم بطائرة خاصة إلى دمشق للقاء مع الأسد. كما لفتت المصادر إلى سعي السلطات السورية إلى فتح حوار مع قوى المعارضة في الداخل؛ ومن مؤشراتها توجيه دعوات لرموز في المعارضة السورية في الداخل للظهور على شاشة التلفزيون السوري للمشاركة في ندوات حوارية حول ما يجري في البلاد، الأمر أكده لـ«الشرق الأوسط» أحد المعارضين ممن تلقوا دعوة من عاملين في التلفزيون.

وفي السياق ذاته، نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر مطلعة من المعارضة السورية في الداخل أن «شخصيات أمنية كبيرة من السلطات السورية أعطت الضوء الأخضر لوسطاء من طرفها لتحديد مواعيد لقاءات مع شخصيات من المعارضة في الداخل بغية خلق حلقة نقاش معهم والتعرف إلى مطالبهم ووجهة نظرهم، في ما يجري حاليا في سورية والتطلع نحو المستقبل».

وقالت المصادر للوكالة إن «بين شخصيات المعارضة مثقفين وناشطين وحقوقيين وبعضا من سياسيي المعارضة ومن مختلف الأطياف». وأضافت أن المفاجأة «كانت أنه بعد عدد من لقاءات مع شخصيات من الأحزاب الكردية التي تقدمت بمطالب عامة تخص معظم السوريين، تم رفضها من بعض الشخصيات الرسمية المخولة الاتصال بالمعارضة ثم عادت الشخصيات الرسمية الأمنية وطلبت منهم تقديم المطالب الكردية حصرا وهو الأمر الذي فاجأهم».

وقالت مصادر شبه رسمية لوكالة الأنباء الألمانية إن «هذا التصرف لا يعني سوى تخصيص كل مجموعة بطلباتها حتى ينظر إليها لاحقا ككتلة واحدة أو لتقاطع المعلومات بين المطالب، كما تفعل أجهزة الأمن عادة، حتى تتعرف على ما إذا كان هناك تنسيق أو تقارب أو معلومات يمكن الاستفادة منها». وقالت بعض الشخصيات من المعارضة: «نحن لا نمانع في نقاش أو حوار فكري وثقافي وسياسي، ووجود نافذة، لكن على أن تكون جدية وليس بهدف استثمار للوقت فقط، في ظل الظروف الراهنة، ولذلك، هناك خشية من أن تكون هذه الخطوات مؤقتة ولا تصل إلى نتيجة مفيدة».

وتتجه السلطات السورية إلى نزع فتيل الدعوات التي توجه للأكراد السوريين للمشاركة في المظاهرات الاحتجاجية حيث يتم العمل على دراسة مطالبهم، لا سيما حرمان الآلاف منهم من الجنسية السورية، وقد تم تشكيل لجنة لدراسة إحصاء 1962 الذي جرد شريحة واسعة من الأكراد من حق التمتع بالجنسية السورية، وقد شارفت اللجنة على الانتهاء من وضع توصياتها.

وفي سياق إجراءات التهدئة التي تتخذها الحكومة، أفادت تسريبات إعلامية في دمشق أن وزير التربية في حكومة تسيير الأعمال علي سعد أصدر قرارا بإعادة المنقبات إلى عملهن في المدارس. وكان الوزير سعد أصدر قرارا في يونيو (حزيران) 2010 بإقصاء 1200 منتقبة من السلك التربوي نصفهن من المتعاقدات، وتم نقلهن إلى وزارة الإدارة المحلية، الأمر الذي أثار الاستياء لدى الكثيرين لكونه يستعدي شريحة من المواطنين السوريين دون مبرر مقنع. وكانت إعادة المنتقبات إلى عملهن في المدارس أحد مطالب المحتجين في عدة مدن، لا سيما مدينة بانياس. وأكدت رئيسة تحرير جريدة «تشرين» الحكومية لوكالة الصحافة الفرنسية، أنها اتصلت «ببعض المثقفين المعارضين للسلطة لإقامة حوار يمكنهم من خلاله التعبير عن آرائهم حول الإصلاحات السياسية والحريات العامة لكي تأخذ السلطات علما بها». وأشارت سميرة مسالمة إلى أنها اتصلت بكل من «الطيب تيزيني وفايز سارة ولؤي حسين الذين أبدوا استعدادهم لأي مبادرة» من شأنها ضمان استقرار وأمن سورية. وأضافت أنها «حاولت الاتصال بميشال كيلو» الذي يعد من أبرز المعارضين.

والصحف الحكومية مثل «تشرين» و«الثورة» و«البعث»، يتم تعيين رؤساء تحريرها مباشرة من قبل السلطة. من جهته، أكد الكاتب لؤي حسين لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الحوار القائم ليس سياسيا لأنه ليس مبنيا على رغبة في التفاوض، لكنه حوار ثقافي بين أصوات من خارج السلطة وأصوات من السلطة ولكنها ليست أصحاب قرار». وأشار إلى أن الهدف منه «هو خلق نواة تجريبية لخلق قنوات تواصل كي لا يؤدي هذا الحراك الشعبي والتعاطي السلطوي معه إلى تفاقم أو إلى مطبات لا تفيد الوطن». وتابع أن «دوري يكمن في جعل هذا الحراك سلميا وإيجابيا لضمان حق الشارع في التظاهر السلمي وضمان حماية التظاهر»، مؤكدا: «أنا لا أمثل أو أحاور عن الشعب، لأن من يريد معرفة مطالب الشعب، عليه أن ينزل إلى الشارع لمخاطبة الشعب».

من جهته، أشار مازن درويش مدير «المركز الوطني للإعلام وحرية التعبير» إلى معرفته بهذه المبادرة التي اتخذتها مسالمة بعد «تلقيها الضوء الأخضر» من قبل السلطات. وأضاف أن «فكرة الحوار جيدة من حيث المبدأ، لأن ما قادنا إلى ما نحن عليه الآن هو غياب الحوار»، مشيرا إلى أنه «مفيد، ولكن الشارع بعيد عن النخبة السياسية، وعلى السلطة أن تسرع كي تقدم مبادرات أمام مطالب الشارع».