اليمن: اللواء علي محسن الأحمر يتهم الرئيس صالح بمحاولة اغتياله

مواجهات بين الجيش و«بلطجية» حاولوا اقتحام «ساحة التغيير»

جنود ورجال أمن يمنيون يحاولون فض الاشتباكات بين مؤيدين ومعارضين للرئيس اليمني في تعز أمس (رويترز)
TT

اتهم اللواء اليمني المنشق علي محسن الأحمر الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بأنه سعى إلى قتله عبر تدبير مكيدة في صنعاء الثلاثاء أسفرت عن عدد من الإصابات! بحسب بيان تلقت وكالة الصحافة الفرنسية نسخة منه. وأكد البيان أن وجهاء قبليين جاءوا إلى مقر قيادة المنطقة التي يتولى اللواء الأحمر إدارتها في صنعاء وطلبوا رؤيته قائلين إنهم وسطاء بينه وبين الرئيس صالح. وأضاف البيان أنه عندما حضر اللواء لمقابلتهم «ومعه الوسيط الأساسي بينه وبين رئيس النظام الشيخ اللواء أحمد إسماعيل أبو حورية وحين وصولهم إلى مقربة من البوابة على بعد نحو خمسة عشر مترا من وجود تلك المجاميع ظهرت في سماء الفرقة طائرتا (ميغ29) في وضعية قتالية وكأنها إشارة للمجموعة المندسة لبدء مهمتهم الدنيئة حيث قاموا بإخراج الأسلحة الرشاشة». وقال: «وباشروا إطلاق النار على مشايخ سنحان وبني بهلول وبلاد الروس وعلى أفراد الفرقة وباتجاه المكان الذي وصل إليه اللواء علي محسن ومعه الشيخ اللواء أحمد إسماعيل أبو حورية! وباتجاه المعتصمين أسفل الجسر! مما أسفر عن وقوع إصابات». وهكذا «اضطر أفراد بوابة الفرقة إلى إطلاق النار في الهواء لتفريق المجاميع! وبدت المسألة أنها مكيدة مدبرة لاغتيال اللواء علي محسن والوسيط ومجموعة من المشايخ أصحاب النوايا الحسنة الذين أرسلهم رئيس النظام ليقدم الجميع قرابين أمام تخلصه من اللواء علي محسن! وليبدو الأمر وكأن أفراد الفرقة الأولى المدرعة هي التي قتلت المشايخ والوسيط». لكن البيان لا يشير إلى حصيلة محددة. غير أن مصدرا عسكريا مقربا من اللواء الأحمر أشار إلى سقوط قتيلين في صفوف الجنود.

لكن الرواية الرسمية قالت إن جنود «الفرقة الأولى مدرع» أطلقوا النار على وفد وساطة كان متوجها إلى معسكر الفرقة للقاء قائدها، وإن الوفد كان يشارك في مسيرة سلمية مؤيدة للشرعية الدستورية ويتكون من أبناء مناطق سنحان وبلاد الروس وبني بهلول، وإلى المنطقة الأولى ينتمي الرئيس علي عبد الله صالح واللواء الأحمر، وأضاف مصدر أمني أن الوفد كان متجها للقاء الأحمر من أجل «مراجعته للعدول عن قراره بمساندة أحزاب اللقاء المشترك والعودة إلى الشرعية الدستورية»، وأردف: «ولكن جنود الفرقة الأولى مدرع مع ميليشيات تابعة لجامعة الإيمان وبلاطجة من أحزاب اللقاء المشترك، قاموا بإطلاق النار عليهم من مختلف الأعيرة النارية الخفيفة والمتوسطة، مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف أفراد الوساطة»، بالإضافة إلى «تحطيم عدد من السيارات التابعة لهم»، وأشار المصدر الأمني اليمني إلى أنه كان من بين الوسطاء الشيخ محمد محسن الحاج، الشقيق الأكبر للواء علي محسن صالح الأحمر، والشيخ قناف الضنين، الشقيق الأكبر للواء صالح الضنين، والأخير يعمل مستشارا للقائد الأعلى للقوات المسلحة (الرئيس) وقد انشق عنه والتحق بثورة الشباب.

وكان الرئيس علي عبد الله صالح التقى في صنعاء أمس بأبناء منطقة سنحان والمناطق المذكورة آنفا، في سياق لقاءاته اليومية تقريبا بأعيان ومشايخ القبائل اليمنية الذين يستقبلهم في «دار الرئاسة» بصنعاء لإبداء التأييد له ولنظامه، وخلال ذلك اللقاء، جدد صالح دعوته لأحزاب المعارضة في «اللقاء المشترك» للجلوس إلى طاولة الحوار و«الابتعاد عن العنف وقطع الطرقات ومهاجمة المحافظات».

على الصعيد ذاته، تواصلت أمس المظاهرات الرجالية والنسائية في عدة مدن وبلدان للتنديد بأعمال القمع التي يتعرض لها المعتصمون والمتظاهرون المطالبون برحيل نظام الرئيس علي عبد الله صالح، وبالأخص ما شهدته محافظتا تعز والحديدة من قمع أسفر عن سقوط أكثر من 20 قتيلا ومئات الجرحى في غضون اليومين الماضيين، وقال شهود عيان إن مسيرات غاضبة خرجت في الحديدة وإب وذمار وغيرها من المحافظات للتنديد باستهداف المعتصمين ولإبداء التضامن معهم.

ومن محافظة إب انطلقت أمس قافلة تظم 20 طبيبا، وذلك للالتحاق بالمستشفى الميداني في «ساحة الحرية» بمدينة تعز من أجل تغطية العجز في الكوادر الطبية بالمستشفى الذي يكتظ بمئات الجرحى، وتلبية لنداء أطباء المستشفى. وفي نقطة أمنية بمنطقة نهم شمال العاصمة صنعاء، منعت قافلة تضامنية من دخول العاصمة كي لا تلتحق بـ«ساحة التغيير»، وقالت مصادر محلية إن رجال الأمن، في النقطة، أطلقوا النار على القافلة و«نهبوا بعض سياراتها ومحتوياتها»، وإن 3 أشخاص، على الأقل، أصيبوا برصاص الأمن، لكن المصادر الرسمية لم تنف أو تؤكد الواقعة.

إلى ذلك، عبر مصدر إعلامي عسكري يمني عن أسفه «البالغ لتقديم اليمن مزيدا من الدماء نتيجة المواقف المتشددة لأحزاب اللقاء المشترك التي تصر على الزج بالوطن في أتون الفتنة والعنف والفوضى رافضة كل المبادرات الرامية إلى الخروج من الأزمة الراهنة من خلال الحوار الجاد والمسؤول». وقال المصدر في بيان صحافي، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنه من «المؤسف أن يقدم اليمن مزيدا من الدماء بدلا من الجلوس إلى طاولة الحوار»، واتهم المصدر ما سماه «إعلام حميد الأحمر والإخوان المسلمين» بـ«تهييج الشباب المعتصمين في محافظتي تعز والحديدة بعد أن رفض المعتصمون في صنعاء دعوة الزحف التي أطلقها محمد قحطان الناطق الرسمي لأحزاب اللقاء المشترك»، وحملت صنعاء مسؤولية ما يجري لـ«قيادات أحزاب اللقاء المشترك وفقهاء الإخوان المسلمين في ما أطلقوه من فتوى سياسية للشباب المغرر بهم لاقتحام المنشآت الحكومية الحساسة كالقصر الجمهوري والمجمعات الحكومية الأخرى في المحافظات واعتباره جهادا وإباحة دم موظفي الدولة العسكريين والمدنيين إن هم دافعوا عن تلك المرافق العامة ضد الاعتداءات والنهب والتخريب».

على الصعيد ذاته، أعرب مصدر يمني مسؤول عن استغرابه لما ورد في بيان صادر عن الممثلة العليا لشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي السيدة كاثرين آشتون حول الأوضاع في اليمن، الذي قالت فيه إن عملية نقل السلطة في اليمن «يجب أن تبدأ الآن»، وأعربت عن قلقها لما يتعرض له المعتصمون من عمليات قمع، وقال المصدر إن آشتون قد «استندت إلى المعلومات المغلوطة المقدمة من جانب أحزاب المعارضة (اللقاء المشترك) أو بعض وسائل الإعلام التي دأبت على تزييف الحقائق وعدم نقل المعلومات بصورة صحيحة، وكان عليها أن تستوضح الحقيقة من جانب الحكومة اليمنية حتى تكون الصورة أمامها واضحة وجلية إزاء ما حدث»، وأضاف أن الرئيس صالح أكد «مرارا استعداده لتحقيق انتقال سلمي وآمن للسلطة في إطار الدستور والديمقراطية وبحيث تنتقل السلطة إلى أياد أمينة يثق فيها الشعب وقادرة على حماية وحدة اليمن وأمنه واستقراره والحفاظ على النهج الديمقراطي التعددي، ومكافحة التطرف والإرهاب».