ازدياد الضغوط الدولية على نظام الرئيس صالح

منظمة العفو الدولية تحذر من أي تسوية سياسية تعطي حصانة من الملاحقة القضائية

TT

ازدادت الضغوط أمس على نظام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح من عدد من الجهات الدولية لحمله على سرعة التجاوب مع المطالب الشعبية التي ينادي بها المحتجون في عدد من المدن اليمنية. فقد تلقى الرئيس اليمني علي عبد الله صالح رسالة واضحة من الاتحاد الأوروبي عبر منسقة السياسة الخارجية كاثرين آشتون، مفادها ضرورة أن تبدأ المرحلة الانتقالية بشكل فوري، وقالت آشتون من خلال بيان وزع في بروكسل الثلاثاء، إنها تحدثت الأسبوع الماضي إلى الرئيس اليمني وكررت دعوتها لضرورة الانتقال السياسي المنتظم والبدء الفوري في إيجاد حلول للأزمة وتمهيد الطريق للإصلاحات، «خاصة أننا نتابع بقلق بالغ التدهور الأمني والاقتصادي في البلاد»، وجاء في البيان أن الاتحاد الأوروبي يشعر بالقلق العميق بسبب التقارير الواردة عن القمع العنيف واستخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين في بعض المدن الرئيسية باليمن خلال الأيام الأخيرة، مما أدى إلى وقوع أعداد من القتلى والمصابين، وقال البيان: «إنها أمور تتعارض مع التزامات سابقة بتوفير حرية التعبير والأمن للمتظاهرين المسالمين»، وأشارت آشتون إلى أنها تحدثت شخصيا إلى الرئيس اليمني وأنه ابلغها التزامه بهذه الأمور وأصدر توجيهات للقيادات المسؤولة لوقف جميع أعمال العنف فورا، وخلال المحادثة طلبت آشتون من الحكومة وقوات الأمن احترام وحماية حقوق الإنسان والحريات والحقوق الأساسية. من جانبه، قال رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي إن التكتل الموحد يتابع عن كثب التطورات في منطقة جنوب المتوسط وإن الاتحاد الأوروبي عبر عن قلقه البالغ للتطورات الأخيرة في اليمن وسورية والبحرين مع التأكيد على أن الحالة تختلف من بلد لآخر، وجدد رومبوي إدانة الاتحاد الأوروبي أعمال العنف، وقال: «نؤيد الإصلاحات السياسية والاجتماعية في جنوب المتوسط»، وجاء ذلك في مداخلة لرئيس الاتحاد أمام البرلمان الأوروبي حول نتائج القمة الأخيرة لقادة دول الاتحاد الأوروبي التي انعقدت في 24 و25 مارس (آذار) الماضي.

وفي موضوع ذي علاقة، أدانت وزارة الخارجية البريطانية ما سمتها أعمال العنف التي تمارسها قوات الأمن اليمنية دون تمييز ضد المتظاهرين في تعز والحديدة وصنعاء. وعبر وزير الخارجية ويليام هيغ عن صدمته إزاء التقارير التي تتحدث عن «مزيد من القتل والضحايا في اليمن» وقال هيغ: «في بداية مارس وعد الرئيس صالح بالحد من استخدام القوة ضد المتظاهرين المسالمين، ونحن نحثه بقوة على الوفاء بتعهداته». وأضاف: «كما قلنا من قبل، فإن على الحكومة اليمنية أن تستجيب بشكل سريع للمطالب المشروعة للشعب اليمني في ضرورة التغيير السياسي والتحرك نحو تطبيق مزيد من الإصلاحات». وقال هيغ إن «إطالة أمد عملية التغيير ستؤدي إلى مزيد من الاضطرابات السياسية والاقتصادية ومزيد من العنف غير المرغوب فيه»، وأضاف أن «على الرئيس صالح أن يؤكد بوضوح أنه سيشترك في عملية شاملة للتغيير السياسي» وأكد أن «على كل من المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك التوصل لاتفاق يمثل خارطة طريق للتمهيد لانتخابات حرة وعادلة». من جانبها، قالت منظمة العفو الدولية، في تقرير جديد حول انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت طوال العام الماضي، إن المجتمع الدولي يجب أن يلعب دورا أكثر فعالية إذا ما كان يتسنى لليمنيين محاسبة مرتكبي عمليات القتل الدموية التي اقترفت في اليمن في الأسابيع الأخيرة.

ويتضمن التقرير المعنون بـ«لحظة الحقيقة لليمن» توثيقا للقمع الوحشي لموجة الاحتجاجات المناهضة لنظام حكم الرئيس علي عبد الله صالح، الذي أسفر عن مقتل 94 شخصا وفقا لآخر الأرقام المتوفرة لدى المنظمة. وقد أدى الإحباط والفساد والبطالة وقمع الحريات إلى تأجيج تلك الاحتجاجات. وقال فيليب لوثر، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: «إن للحكومة اليمنية سجلا سيئا للغاية في عدم التحقيق مع المسؤولين عن عمليات القتل غير القانوني والتعذيب أو إساءة المعاملة، أو تقديمهم إلى القضاء». ودعت منظمة العفو الدولية السلطات اليمنية إلى الاعتراف بأنها تحتاج مساعدة المجتمع الدولي على إجراء تحقيقات من شأنها أن تكشف النقاب عن الحقيقة الكاملة بشأن عمليات القتل التي وقعت أثناء الاحتجاجات الأخيرة في البلاد. وقال فيليب لوثر إن «اليمنيين بحاجة إلى إنشاء لجنة تحقيق مستقلة لإجراء تحقيقات في عمليات قتل وجرح المتظاهرين والمارة في الأسابيع الأخيرة». ومضى يقول: «كما ينبغي أن تتمتع لجنة التحقيق بصلاحيات حقيقية وبسلطة إلزام المسؤولين بالإدلاء بشهاداتهم، وضمان تقديم كل من يتبين أنه ارتكب أو أمر بارتكاب عمليات قتل غير قانونية أو استخدام القوة المفرطة إلى ساحة العدالة». واستمرت المظاهرات الضخمة في شتى أنحاء اليمن، وقوبلت في بعض الحالات بالقمع. فما بين 2 و4 أبريل (نيسان)، تظاهر الآلاف في شوارع تعز، وورد أن سلطات الأمن قد قامت باستخدام القوة المفرطة، مما أدى إلى جرح المئات، ولا يعرف بالضبط عدد القتلى الذين سقطوا حتى الآن. ووقع أسوأ أعمال العنف في 18 مارس (آذار)، الذي أطلق عليه المحتجون اسم «الجمعة الدامية»، عندما ورد أنه أسفر هجوم منسق شنه قناصة على مخيم احتجاج أقيم في صنعاء عن مقتل 52 شخصا وجرح المئات. وقال شاهد عيان لمنظمة العفو الدولية إن معظم القتلى أصيبوا في الرأس أو الصدر أو العنق، ولقي العديد منهم حتفهم على الفور. وحذرت منظمة العفو الدولية من عقد أية صفقات سياسية من شأنها أن تمنح الرئيس صالح وأقرباءه المقربين أو أي شخص آخر الحصانة من الملاحقة القضائية مقابل تسليم السلطة.