القطري عبد الرحمن العطية.. 4 عقود من الدبلوماسية

أغاظ الأوروبيين بتعليقه مفاوضات «التجارة الحرة».. ووقف «متصلبا» إزاء التدخلات الإيرانية

TT

لم يكن ينتهي من مهمة، حتى توكل إليه أخرى، خرج من قطر، بلده الأم، في عام 1974، ولم يعد إليها منذ ذلك الحين إلا «زائرا» غير مستقر، لا يلبث أن يعود بعدها إلى موقعه الدبلوماسي الذي تدفع به الدوحة نحوه.

منذ أن التحق عبد الرحمن العطية، الأمين العام السابق لدول مجلس التعاون الخليجي ومرشح الدوحة لأمانة جامعة الدول العربية، بالعمل بوزارة الخارجية القطرية في عام 1972، وذلك بعد تخرجه في جامعة ميامي بالولايات المتحدة الأميركية، وهو يتنقل من بلد لآخر، حتى يكاد من يقرأ عن المحطات التي حط رحاله بها، أن يجزم بأن جلده قد تعود على مختلف الأجواء المناخية، من أشدها بردا، وحتى أقساها حرا.

علاقة العطية بجامعة الدول العربية، ليست وليدة اليوم، فمنذ عام 1972 وحتى 2001، كان الدبلوماسي القطري عضوا في وفد بلاده المشارك في اجتماعات مجلس الجامعة، وهو ما يعني أن أكثر من نصف تجربته الدبلوماسية قضاها في قضايا العمل العربي المشترك.

بعد عامين فقط من التحاقه بالخارجية القطرية، قررت الدوحة اختيار العطية، ليكون مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، لتكون محطته الأولى في العمل الدبلوماسي، تلتها ما يزيد على الـ8 محطات، تنقل خلالها من موقع سفير الدوحة لدى عدد من الدول، إلى ممثل لها ومندوبها الدائم لدى عدد كبير من المنظمات الدولية.

تنقل عبد الرحمن العطية في عشرات المهام الدبلوماسية التي أوكلت إليه، فكان مندوبا دائما لقطر لدى كل من الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة الفاو ومنظمة اليونيسكو، كما عمل سفيرا للدوحة لدى اليمن وجيوبتي والسعودية وفرنسا، وعمل سفيرا غير مقيم لبلاده لدى إيطاليا واليونان وسويسرا، بالإضافة إلى تعيينه محافظ قطر في الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، فوكيلا لوزارة الخارجية القطرية، قبل أن يتسلم قيادة دفة مجلس التعاون الخليجي لمدة 9 سنوات.

اكتسب عبد الرحمن العطية من خلال عمله في الكثير من عواصم العالم خبرات تراكمية ساعدته في إدارة الملفات ذات الصلة بكل مهمة جديدة يتسلمها. فعلى سبيل المثال، انعكس عمل العطية كسفير لقطر لدى اليمن، على إدارته لملف تأهيل الاقتصاد اليمني ودمجه في اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي، وغيرها الكثير من الملفات.

وقد تكون مفاجأة للجميع، أن عبد الرحمن العطية، الذي لا تظهر عليه علامات التقدم في السن، يستعد لإتمام عامه الـ60 في 15 أبريل (نيسان) المقبل. ولعل العطية يستمد هذا التوهج من ابنته الصغرى (وضحة) التي تعتبر أقرب أبنائه إلى قلبه، وهي تسكن معه في الرياض، فضلا عن محافظته على ممارسة «رياضة المشي» تحديدا، التي تعتبر من الرياضات التي يمارسها بشكل يومي، حتى إنه لا يتردد في إبلاغ المتصل به في وقت ممارسته هذه الرياضة، بتأجيل الاتصال لحين الانتهاء منها.

فترة عمل عبد الرحمن العطية كأمين عام مجلس التعاون الخليجي، التي انتهت في 31 مارس (آذار) الماضي، حملت الكثير من الإنجازات على صعيد العمل الخليجي المشترك، من خلال إكمال دول مجلس التعاون لمشاريع الاتحاد الجمركي، والسوق الخليجية المشتركة، والاتحاد النقدي، والتنقل ببطاقة الهوية الوطنية، إضافة إلى مشاريع الربط الكهربائي، وسكك الحديد، وهي ملفات تطلبت جهدا ووقتا كبيرين، بذلهما العطية ومعاونوه طيلة السنوات الـ9 الماضية.

لكن دبلوماسية العطية، لم تصمد أمام مماطلة الأوروبيين في ملف اتفاقية التجارة الحرة مع الجانب الخليجي، حيث اتخذ قرارا وصف بـ«الشجاع»، بتجميد المفاوضات مع الجانب الأوروبي في هذا الملف الذي أخذ التفاوض فيه مدة وصلت إلى 20 عاما. رافضا استئناف المفاوضات التي أوغل الأوروبيون كثيرا في إدخال السياسة فيها.

وسيبقى الصداع الإيراني ملازما للعطية ما إذا تم التوافق عربيا على تسليمه أمانة جامعة الدول العربية، فحجم التدخلات الإيرانية في الشأن العربي لا يقل عنه في الشأن الخليجي، في وقت تتسم فيه آراء ومواقف العطية تجاه تدخلات طهران بـ«التصلب».