«العراقية» تستثني زعيمها من تبعات طلبها اعتبار هجوم الفلوجة «إبادة جماعية»

ائتلاف المالكي يلمح لـ«الشرق الأوسط» إلى اتهام علاوي في قضية «الزركة»

إياد علاوي يتحدث لجنود عراقيين خلال زيارته، عندما كان رئيسا للوزراء، قاعدة عسكرية قرب الفلوجة قبل ساعات من بدء الهجوم على المدينة في 8 نوفمبر 2004 (رويترز)
TT

تصاعدت خلال الأيام الأخيرة حدة الجدل السياسي في العراق بشأن واحد من أبرز ما ظل طوال السنوات الماضية مسكوتا عنه على المستوى السياسي وهو ما تعرضت له مدينة الفلوجة العراقية على أيدي القوات الأميركية عام 2004 من قصف جوي وبري وصل إلى حد استخدام الأسلحة المحرمة دوليا. وفي وقت بدأت فيه الكتل السياسية التسويق لمفهوم «الإبادة الجماعية» من خلال ما تعرضت له مناطق ومحافظات على عهد النظام السابق مثل قضية الأنفال وحلبجة ومن ثم الانتفاضة الشعبية في الجنوب عام 1991 واعتبار البرلمان العراقي وعبر التصويت تلك القضايا بمثابة حملات «إبادة جماعية» فإن نوابا من القائمة العراقية طرحوا قضية الفلوجة بوصفها تعرضت هي الأخرى إلى ما يدخل في باب الإبادة الجماعية للسكان في الوقت الذي كان فيه الدكتور إياد علاوي، زعيم القائمة العراقية حاليا، رئيسا للوزراء. وفيما يستعد البرلمان العراقي لاستكمال بعض الإجراءات القانونية بخصوص عد جريمة الفلوجة بمستوى الإبادة الجماعية مثلما أبلغ «الشرق الأوسط» النائب في البرلمان العراقي عن مدينة الفلوجة عاشور حامد الكربولي (من حركة تجديد بزعامة طارق الهاشمي والمنضوية تحت الكتلة العراقية) أن «قضية اعتبار الفلوجة إبادة جماعية تنتظر استكمال السياقات القانونية والإجرائية لكي يتم التصويت عليها خلال إحدى الجلسات القريبة للبرلمان»، مشيرا إلى أن «هذه القضية ليس بوسع أحد التنازل عنها أو غض النظر عنها لأنها تتعلق بحقوق الناس التي لا يمكن أن تذهب بالتقادم أو تذهب ضحية الأجندات السياسية».

وردا على سؤال بشأن كيفية التمييز بين طلب نواب في العراقية اعتبار ما حصل في الفلوجة يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية وبين التهديد بفتح ملفات إبادة أخرى في حال اتهام علاوي، قال الكربولي إن «الجميع يعرف أن الملف الأمني كان وقتذاك بيد الأميركيين، وبالتالي فإن من غير المعقول، بل ومن المعيب، أن نترك المتسبب الحقيقي في الجريمة ونمسك بالدكتور علاوي الذي كان رئيسا للوزراء ولكنه لم يكن يملك ما يمنع قيام الجانب الأميركي بأي عمل يشاء القيام به، وهو ما حصل في مناطق أخرى وفي أوقات أخرى». وأشار الكربولي إلى أن «المهم الآن هو الاهتمام بالإطار القانوني والإنساني للقضية ليس حرفها عن مسارها وإدخالها في دهاليز أخرى قد لا نخرج منها أبدا، لا سيما أن هناك من يريد تصفية الحسابات على حساب أرواح الضحايا».

من جانبه كشف الشيخ نعيم الكعود، أحد شيوخ الأنبار والقيادي في العراقية لـ«الشرق الأوسط» عن أن «الدكتور إياد علاوي كان قد أرسل قبل الحرب على الفلوجة وفدا من أهاليها ترأسه الشيخ خالد حمود وضم نحو عشرة آخرين، وطلب منهم إخراج الإرهابيين من تنظيمات القاعدة من أفغانيين وغيرهم من الفلوجة مع تعهده بتعويض أهالي الفلوجة وعدم تعرضهم إلى أي أذى، لكن تعنت تنظيمات القاعدة وعدم استجابتها لتلك المطالب حال دون صد الهجوم الأميركي على الفلوجة»، مشيرا إلى أن «من يطرح اليوم مثل هذه الأمور ضد علاوي هم أنفسهم من كانوا قد صعدوا إلى البرلمان على أكتاف علاوي». وأضاف أنه «بصرف النظر عن الإطار الإنساني لهذه القضية التي لا يمكن التنازل عنها إلا أن توقيت طرحها في هذا الوقت يأتي من قبل سياسيين فشلوا بعد صعودهم للبرلمان في أن يقدموا شيئا لأهالي الفلوجة، وبالتالي فإنهم يريدون ركوب هذه الموجة بحثا عن مكاسب سياسية، بوصفهم تجار سياسة وليسوا سياسيين، بعكس علاوي الذي هو صاحب مشروع وطني وليس تاجرا سياسيا».

من جهته، اعتبر ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي «أن قضية الفلوجة ورغم كونها قضية إنسانية فإنها لا تخلوا الآن من تجاذبات سياسية ونوع من لي الأذرع وفرض الإرادات». وقال سعد المطلبي عضو دولة القانون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «ليس بمقدور أحد أن يقول إن ما حصل في الفلوجة ليس جريمة إبادة جماعية وبالتالي فإنه سواء كانت الفلوجة أو غير الفلوجة يمكن أن تتعرض إلى دمار فإنه ليس هناك أحد فوق القانون»، مشيرا إلى أن «الاعتراض الوحيد هو أن إثارتها في هذا الوقت بالذات لا تبدو وكأن هدفها الكشف عن الحقيقة بقدر ما هو محاولة للتصعيد السياسي بينما كل ما نحتاج إليه هو نوع من التهدئة وبناء المزيد من جسور الثقة بين السياسيين». وبشأن توصيف ما حصل في الفلوجة بالقياس إلى ما حصل في حلبجة مثلا، قال المطلبي إن «الفرق الوحيد هو أن أركان جريمة حلبجة كانت واضحة من حيث وجود نظام ارتكب الجريمة وهناك شهود ومواد قصف معروفة وهي الكيماوي واعترافات، بينما الأمر بالنسبة للفلوجة يحتاج إلى دقة وتأن في سبيل الوصول إلى الحقيقة يضاف إلى ذلك أن كل ما يجري الحديث عنه لا يزال في طور الاجتهادات ولم تأخذ المسألة بعد إطارها القانوني». وحول تهديد العراقية بالكشف عن ملفات إبادة جماعية أخرى، قال المطلبي «إنه أمر جيد في حال وجود أدلة، ونحن من جانبنا نطالب العراقية بالكشف عما بحوزتها من أدلة ومعلومات ووثائق بصرف النظر عمن توجه له الإدانة»، مشيرا إلى أنه في حال كانت المسألة المطروحة هي قضية الزركة في النجف، فإن تلك القضية كانت معروفة، حيث كانت هناك أسلحة ومعسكر وإسقاط طائرة وخنادق حربية وأسلحة ثقيلة ومخطط يستهدف مرجعيات وغيرها، ومن المفارقات في قضية الزركة أن أحدهم ادعى أنه تلقى دعما من الدكتور إياد علاوي للقيام بما قاموا به، معتبرا أن «دولة القانون تعتبر الاتهامات الموجهة إلى علاوي في قضية الزركة هي أيضا غير صحيحة ومجرد ادعاءات لا أكثر».