المفكر الكردي بختيار علي لــ«الشرق الأوسط»: السلطة تتحمل مسؤولية الأزمة الحالية بكردستان

السلطات اعترضت سبيله إلى أربيل قادما من السليمانية في طريقه إلى أوروبا

بختيار علي
TT

اعترضت السلطات الأمنية في مدينة أربيل سبيل وصول المفكر الكردي بختيار علي إلى مطار أربيل الدولي في طريق عودته إلى منفاه بأوروبا إثر تغيير مسار هبوط الطائرة التي كان يفترض أن تقله مع عدد من المسافرين من السليمانية إلى أربيل، حيث حال سوء الأحوال الجوية في السليمانية دون هبوط الطائرة في مطارها، وانتقل مسارها إلى مطار أربيل الدولي، وتم تخصيص عدد من الحافلات لنقل المسافرين وبينهم عدد كبير من النساء والأطفال إلى أربيل، لكنّ مسؤولين بنقطة تفتيش مدخل المدينة منعوا دخول تلك الحافلات إليها.

وفي اتصال مع علي روى لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل الحادث قائلا: «بعد تحول مسار الطائرة التي حجزنا رحلتنا فيها من السليمانية إلى أربيل بسبب الأحوال الجوية هيأت الشركة التي حجزنا فيها بطاقات العودة 7 حافلات كبيرة لنقل المسافرين إلى أربيل، ولكن عندما وصلنا إلى نقطة تفتيش (ديكه له) وسط طريق السليمانية - أربيل اعترض أفراد السيطرة على السماح لنا بدخول أربيل تحت زعم التخوف من توجهنا إلى أربيل للتظاهر، وبدأ إطلاق الرصاص في الموقع دون أي مبرر معقول رغم أن الحافلات كانت مستأجرة من قبل شركة الخطوط الجوية وتحمل شارات المطار وفيها أطفال ونساء وشيوخ، فاضطررنا إلى العودة للسليمانية وأبلغتنا الشركة بأنها ستعيد إرسال الطائرة إلى مطار السليمانية لإتمام سفرنا».

وبسؤاله عن التصعيد الأخير بين الطرفين ومعارضة الشارع والسلطة والتداعيات الخطيرة لذلك التصعيد في المرحلة القادمة، قال بختيار علي: «إذا عدنا إلى بداية الأحداث نجد أن مطالب الشارع كانت محدودة لا تتجاوز حدود بعض الإصلاحات وتحسين الوضع السياسي والمعيشي، وهي مطالب عادلة ومشروعة، وعندما قتل بعض المتظاهرين أصبحت هناك مطالب آنية وسريعة كان يمكن للسلطة أن تلبيها في الإطار القانوني من خلال إحالة القتلة إلى المحاكم، وهذا إجراء قانوني، ولكن للأسف لم تكن هناك أية خطوة فعلية من السلطة لتلبية تلك المطالب الشعبية، وبإطالة أمد الأزمة دخلت أجندات سياسية إلى تلك المظاهرات، وهذا حق طبيعي للقوى السياسية في أن تستغل أحداث الشارع من أجل طرح مطالبها، وأعتقد أن التصعيد الأخير سواء من السلطة أو المعارضة ستكون له تداعيات خطيرة جدا، وستترتب عليها آثار سلبية ليس على الجانبين فقط، بل على التجربة الكردية ككل، وأعتقد أن إصرار الجانبين على مواقفهما العنيفة سيؤدي إلى إراقة المزيد من الدماء، وهذا ما لا أتمناه لشعبي».

وعزا المفكر الكردي أصل الأزمة إلى غياب لغة الحوار بين المحتجين والسلطة، وقال: «لغة الحوار مفقودة تماما، صحيح أن هناك نوعا من الحوار ولكنه منحصر حاليا بين القيادات السياسية العليا، دون وجود أية محاولة لإشراك الحلقات الدنيا، أقصد الشارع الكردي وممثليه في ذلك الحوار، وهذا يعني تغييب الجزء الأساسي من الأزمة، وهو الشارع الثائر حاليا، وأنا أعتقد أنه ليس هناك أي قوة سياسية مهما تعاظمت جماهيريتها تستطيع أن تعتبر نفسها ممثلة عن الكل، فمجتمعنا الكردستاني يتألف أساسا من تنوعات وتوجهات مختلفة سياسية واجتماعية وثقافية ودينية، والخطر يأتي في اعتقادي عندما تحاول قوة سياسية معينة أن تدعي بأنها تمثل الشارع أو الجماهير».

وحول توقعاته لما ستؤول إليه الأمور مع تصعيد المواجهة بين السلطة والمعارضة من جهة وبين السلطة والشارع الكردي قال علي: «أشعر بيأس، خصوصا بعد التصعيد الأخير، رغم أن هناك بين المتظاهرين عددا كبيرا من المعتدلين، وكذلك بين قيادات السلطة، ولكن في الوقت ذاته هناك متطرفون داخل الشارع وداخل السلطة أيضا، وعليه فإن أخوف ما يخوفني هو أن تتجه الأحداث نحو المزيد من العنف وتغليب لغة القوة، وأن يسيطر المتطرفون في المحصلة على الموقف، وهذا سيؤدي في اعتقادي إلى تغيير دكتاتور بآخر، وأعتقد أن الحل الوحيد لهذه الأزمة هو سلوك طريق الحوار السلمي، وهنا أحمل السلطة المسؤولية لتحقيق ذلك لأنها تتحمل المسؤولية الأكبر في تهدئة الشارع من خلال تلبية المطالب الشعبية، لأن إطالة الأزمة سيفتح الأبواب أمام جميع الخيارات، وكما رأينا فإن المطالب التي طرحها المتظاهرون في البداية كانت محدودة ولكنها ازدادت اليوم، مما يعني أن الأزمة مرشحة لمزيد من التعقيد يفترض بالسلطة أن تلفت إليها وأن تغلب لغة الحوار والتفاهم بدلا عن لغة التصعيد والمواجهة العبثية مع تطلعات الجماهير الشعبية».