فرنسا تزيح غباغبو بـ«الضربة القاضية»

باريس تطالب بحكومة «اتحاد وطني» تحقق المصالحة بين العاجيين

كريستينا شرودر وزيرة شؤون الأسرة في ألمانيا (يمين) تلقي نظرة على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وهي تضبط عكازها خلال افتتاح معرض «نساء يكتبن تاريخ كرة القدم» الذي أقيم بدار المستشارية في برلين أمس (أ.ب)
TT

وجهت باريس الضربة القاصمة لرئيس ساحل العاج لوران غباغبو عندما أرسلت مروحياتها لقصف القصر الجمهوري ومقر إقامته، فضلا عن مواقعه العسكرية المحصنة والمزودة بأسلحة ثقيلة. وبإخراج رئيس ساحل العاج من قصره، وفق المعلومات التي كانت متداولة أمس في العاصمة الفرنسية، تكون باريس قد ربحت رهانها واستعادت موقعا متميزا لدى النظام الذي سيقوم على أنقاض نظام غباغبو باعتبار أن الرئيس الجديد الحسن وتارا «سيكون مدينا» لها بالتوصل إلى ممارسة الرئاسة الفعلية بعد شهور من الانتظار.

وأمس، سعت باريس على كل المستويات إلى ربط تدخل مروحياتها العسكرية في أبيدجان بـ«الاستجابة» لطلب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، رسميا، من الرئيس ساركوزي المساعدة على «تدمير الأسلحة الثقيلة» لقوات غباغبو وحماية المدنيين. واستجاب الرئيس الفرنسي وأعطى الأوامر لقوة «ليكورن» المرابطة في ساحل العاج بالتدخل ما استتبعته فورا عمليات قصف مركزة كانت حاسمة في دفع الرئيس العاجي إلى التفاوض والتنازل.

ومنذ أمس، بدأت باريس في البحث في مرحلة ما بعد غباغبو. ولهذا الغرض، أجرى ساركوزي الذي حظي تدخله العسكري بدعم وإشادة الرئيس الأميركي باراك أوباما اتصالا هاتفيا بالرئيس المنتخب الحسن وتارا، بحضور رئيس الوزراء فرنسوا فيون. وقال الأخير إن البحث تناول رغبة فرنسا أن يعمد الرئيس الجديد «تشكيل حكومة اتحاد وطني واسعة تكون كفيلة بتحقيق المصالحة الوطنية بين جميع العاجيين». وأردف فيون الذي كان يتحدث أمام الجمعية الوطنية أن فرنسا «يمكن أن تفتخر بمشاركتها في الدفاع عن الديمقراطية وما أفرزتها» في ساحل العاج في إشارة إلى الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي فاز بها الحسن وتارا وإلى رفض غباغبو نتائجها. وكانت باريس من أوائل الدول التي اعترفت بوتارا رئيسا شرعيا. وفي السياق نفسه، دعا وزير الخارجية آلان جوبيه إلى الاهتمام بـ«مستقبل ساحل العاج الذي يجب أن يبنى على السلام والازدهار».

وكما في موضوع الحسم العسكري، فقد لعبت فرنسا، الدولة المستعمرة السابقة والتي تربطها بساحل العاج علاقات «خاصة»، دورا مهما في اتصالات «اللحظة الأخيرة» التي أفضت إلى قبول غباغبو التنازل عن السلطة لخصمه اللدود. ومنذ ظهر أمس، بدا المشهد من باريس أن غباغبو «انتهى». وقال وزير الدفاع جيرار لونغيه إن حسم المسألة «سيتم في الساعات القادمة».

وبينما أن الوضع قد حسم ميدانيا وأن مفاوضات تخلي غباغبو عن السلطة قد تقدمت، اشترطت باريس على غباغبو، وفق ما أعلنه جوبيه أن يوقع وثيقة خطية يتخلى بموجبها عن السلطة ويعترف بخصمه وتارا رئيسا للبلاد. غير أن التدخل العسكري الفرنسي وإن جاء بغطاء من الأمم المتحدة وتحت شعار الدفاع عن المدنيين وحمايتهم من الأسلحة لا يخفي هدفه الحقيقي وهو التخلص من غباغبو وتمكين وتارا من الوصول إلى السلطة. ومع ساحل العاج، تكون القوات الفرنسية تحارب على 3 جبهات: ساحل العاج، وليبيا وأفغانستان، فضلا عن مساهماتها في قوات حفظ السلام الدولية وأهمها في جنوب لبنان. ويرى مراقبون في باريس أن التدخل العسكري وإن كان يرمم صورة فرنسا في الخارج، فإنه يتعارض مع الخط الذي رسمه ساركوزي نفسه حول الدور الفرنسي في أفريقيا. وكان الرئيس الفرنسي أكد أكثر من مرة أنه يتعين على أفريقيا أن «تمسك زمام أمورها بنفسها» وأنه «حان الوقت لكي تتوقف فرنسا عن لعب دور الشرطي في أفريقيا». وكانت فرنسا حولت قوتها العسكرية المرابطة في ساحل العاج لتكون تحت راية الأمم المتحدة التي تنشر في هذا البلد قوة من 10 آلاف رجل. غير أن القوة الفرنسية بقيت تابعة للقيادة الفرنسية الأمر الذي يفسر أن أمين عام الأمم المتحدة توجه إلى ساركوزي طالبا منه المساندة العسكرية.