الموقف من التدخل الإيراني ينذر بتفكك تكتل جمعيات المعارضة البحرينية

3 منها نددت بتدخل طهران وأيدت دخول «درع الجزيرة»

TT

كشف قياديون في التحالف الديمقراطي، الذي يضم 3 جمعيات سياسية في البحرين، أن البيان الانفرادي الذي أصدره للتنديد بالتدخل الإيراني في الشؤون الداخلية للبحرين، بعيدا عن الجمعيات الأربع الأخرى التي تدخل في منظومة الجمعيات السبع (المعارضة البحرينية) - إنما كان يمثل موقفا للتيار الوطني «قد يختلف عن رؤية جمعيات أخرى».

ويعتبر مراقبون أن هذا الاختلاف في رؤية الجمعيات الثلاث، بعيدا عن باقي تحالف الجمعيات المعارضة، الذي تقوده جمعية الوفاق الوطني الإسلامي، كبرى جمعيات الشارع الشيعي بالبحرين - يكشف علنا، وللمرة الأولى، عن تغيير في المواقف والأطر السياسية التي تقود مركب المعارضة في خضم الأحداث التي شهدتها البحرين مؤخرا.

ويقول الدكتور حسن العالي، رئيس جمعية التجمع القومي، إحدى جمعيات التحالف السباعي، لـ«الشرق الأوسط»، إن البيان الصادر عن التحالف الديمقراطي الذي يضم الجمعيات الثلاث (وعد، القومي، التقدمي) لا يعبر عن انشقاق من حيث المبدأ، «ولأن الجمعيات الثلاث تمثل كل مكونات المجتمع الدينية من سنة أو شيعة، فقد كان هناك نوع من المخاوف الطائفية وسوء فهم من مواقف بعض الجمعيات حول أوضاع البحرين، ولم تكن الصورة واضحة حيال بعض المواقف، خاصة في ما يتعلق بالتدخل الإيراني السافر في الشأن الداخلي للبحرين. لذا كان لا بد أن نعلن هذا الموقف لتوجيه رسالة للوحدة الوطنية والداخل الوطني بأننا لا نرى ما تراه بعض الجمعيات الأخرى».

وأضاف: «كنا ندرك أن دخول قوات درع الجزيرة كان وفق اتفاقيات قانونية ومشرعة من دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك في إطار الأخوة والمنظومة الخليجية والمصير المشترك». مشيرا إلى أن الجانب الإيراني كان يسعى لاستغلال المطالب المشروعة للناس وجراحاتهم وآلامهم، كي يوجه الأنظار عن الداخل الإيراني، كما لا نستبعد أن هذا النظام يحاول أن يتخذ من البحرين ورقة لمساومة أميركا في قضية المفاعل النووي، كما يسعى إلى فرض دور إقليمي له في المنطقة.

وأضاف «نرفض التدخل الإيراني في شؤوننا، وعليه أن يوقف التعامل الوحشي مع مطالب شعبه وأن يلتفت إلى الداخل الإيراني بدلا من التوجه إلى الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي».

وقال الدكتور حسن العالي إن «البيان في الواقع لم يعرض على الجمعيات الأخرى، وإن كنا ندرك أنه لن يكون فيه سجال تام حول هذا الموقف، في الوقت الذي وجدنا فيه أهمية إصدار مثل هذا البيان واتخاذ موقف لدعم وحدتنا الوطنية والتوجه بخطاب هادئ وعاقل إلى الناس حول المطالب».

واعترف العالي بأهمية إعادة الحسابات على خلفية الأحداث التي شهدتها البحرين، وقال: «اعترف بأنه حدثت أخطاء منا كحركة سياسية، حيث فتحنا المجال للحركات التصعيدية والمتطرفة التي رفعت شعارات مرفوضة جماهيريا وسياسيا، بعد أن استولت على الشارع ووجهته إلى اتجاه غير مقبول من قبلنا ولا من قبل الحكومة البحرينية».

من جهته، قال إبراهيم كمال الدين، عضو اللجنة المركزية لجمعية وعد، إن «التحالف الثلاثي تشكل قبل نحو سنة، ومهم لدينا التحالف الأوسع، ونسعى لتعزيز الوحدة الوطنية، ونقدم كثيرا من التنازلات من أجل وحدة هذا الوطن»، مضيفا أنه «كان من المهم جدا إصدار بيان خاص بالتيار الوطني الديمقراطي، في ظل الاستهداف والهجمة الكبيرة على الوطن، وليس من أجل الخروج عن دائرة الإجماع أو الانشقاق».

وأضاف «نحن كتيار ديمقراطي نقع في دائرة الاتهام من الأطراف الطائفية الأخرى، وكل طرف يتهمنا بأننا نتحيز لطرف على آخر، في حين أن هناك مفاصل يتوجب علينا خلالها أن نوضح مواقفنا، وبالذات من التصريحات الإيرانية، وقد كان هناك بيان مشترك للجمعيات السبع، إلا أن خصوصية التيار الوطني الديمقراطي الذي له باع كبير في تثبيت عروبة البحرين، وأنه لا يمكن لأي كان أن يساومنا على وطنيتنا أو عروبة البحرين، وكذلك الرد على من يتهموننا بأننا نقع في عباءة جمعية الوفاق»، مشيرا إلى أن التحالف الديمقراطي يمثل تاريخا وتراثا وطنيا كبيرا وقد ناضل ودفع ضريبة كبيرة من أجل هذا الوطن.

وأضاف أن «الموقف كان يتطلب إصدار بيان منفرد ومتميز، كما أن جمعية الوفاق أيضا أصدرت بيانا على لسان رئيسها الشيخ علي سلمان، ولكن نحن كتيار نريد أن نذكر الشارع البحريني بأننا فوق الطائفية ولنا باع كبير في محاربتها، كما أن كل المؤامرات الطائفية التي مرت على البحرين دفعنا ضريبتها». وقال إن «الظرف التي تمر به البحرين ليس وقتا لإعادة الحسابات أو تقييم التجربة، لأن الأهم الآن الخروج من المحنة التي نمر بها دون الانحياز لطرف على حساب آخر، بل سنبقى على علاقة طيبة مع كل الأطياف الموجودة».

وأضاف: «إننا لم نعلن في جمعية وعد موقفنا الواضح مما جرى بتفاصيله حتى الآن، ولكن لدينا رؤية ممكن أن نعلنها لشعبنا في القريب بعد الخروج من تلك الأزمة».

وبين إبراهيم كمال الدين أن «التحالف الديمقراطي يتوافق مع الجمعيات الأخرى على خطوط عريضة، كما أن المرئيات التي قدمها لولي العهد متفق عليها، على الرغم من أن هناك اختلافا في سقف المطالب، وخلافات في وجهات النظر».

من جهة أخرى، أبدى الدكتور صلاح علي محمد، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس الشورى، رفضه التام لأي محاولات من جانب الجمهورية الإيرانية الإسلامية وعبر أي من مؤسساتها للتدخل في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، مؤكدا أن سيادة الدول على أراضيها تعتبر خطا أحمر، وذلك وفقا للمواثيق والاتفاقيات الدولية المعمول بها التي شددت على ذلك وأكدت على علاقات حسن الجوار.

وأشار الدكتور صلاح، في تعليقه على البيان الصادر عن لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية بمجلس الشورى الإيراني، إلى أن المؤسسات التشريعية هي بيت القوانين، وهي التي ينبغي أن تكون الأكثر حرصا على احترام القوانين وليس تجاوزها وانتهاكها، فما بدر من مجلس الشورى الإيراني يعد في المقام الأول تجاوزا صريحا للصلاحيات والأطر المنظمة لعمل المؤسسات التشريعية، كما يعد انتهاكا للأعراف والقوانين الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وقبل ذلك هو انتهاك لمبادئ حسن الجوار بين الدول بحكم تقاربها الجغرافي، كما أنه يتنافى مع المبادئ الإسلامية من قبل بلد جار مسلم.

كما عبر الدكتور صلاح عن رفضه وشجبه لما جاء في البيان من مساس بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، «وفي مقدمتها الشقيقة الكبرى السعودية، التي تربطها بمملكة البحرين مواثيق واتفاقيات مشتركة دفاعية وأمنية واقتصادية وغيرها، فضلا عن الروابط التاريخية الممتدة، وروابط الأخوة والقربى التي يجتمع عليها شعوب دول المجلس»، لافتا إلى أن وجود قوات درع الجزيرة بالمملكة هو محل ترحيب من قيادة وحكومة وشعب البحرين، داعيا إلى ضرورة الابتعاد عن مثل هذه البيانات والتصريحات التي لا تخدم رغبة دول مجلس التعاون في تحقيق الأمن والأمان والاستقرار بالمنطقة ومع جاراتها من الدول المجاورة.