غولدستون يرفض المشاركة في دعاية ضد تقريره

يقبل دعوة زيارة من وزير الداخلية الإسرائيلي

TT

رفض القاضي ريتشارد غولدستون عرضا إسرائيليا للمشاركة في حملة دولية لإلغاء تقريره حول جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في الحرب العدوانية على قطاع غزة قبل سنتين. وقال إنه مستعد لزيارة إسرائيل والرد على كل سؤال بخصوص تقريره حول الحرب والتراجع عن بعض ما جاء فيه، ولكنه رفض فكرة إلغاء التقرير برمته ورفض المشاركة للترويج لهذه الفكرة.

وكان متحدث باسم وزير الداخلية الإسرائيلي ايلي يشاي أمس، أعلن أن القاضي غولدستون سيزور الدولة العبرية منتصف يوليو (تموز) المقبل بدعوة من الوزير. وقال روي لاخمانوفيتش لوكالة الصحافة الفرنسية إن «ايلي يشاي دعا شخصيا يوم الاثنين القاضي غولدستون لزيارة إسرائيل. ووافق الأخير على القدوم في منتصف يوليو المقبل». وأضاف لاخمانوفيتش أن «يشاي اتخذ هذه المبادرة بعد أن علم بالمقال الذي نشر يوم السبت الماضي في صحيفة (واشنطن بوست) والذي توصل فيه القاضي غولدستون في ضوء أدلة جديدة إلى أن إسرائيل (لم تستهدف عمدا) المدنيين»، في قطاع غزة.

وجاءت تصريحات غولدستون هذه كمن يسكب الماء البارد على الرؤوس الحامية في إسرائيل. فقد علقوا آمالا كبرى بأن يعمق غولدستون تراجعه عن تقريره وأن يدير حملة ضد هذا التقرير. واتضح انهم بنوا عليها أوهاما.

يذكر أن الأمين العام للأمم المتحدة اختاره لرئاسة لجنة من أربعة رجال قانون للتحقيق في الحرب العدوانية على غزة. وخرجت لجنته بالاستنتاج أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب ضد الإنسانية في هذه الحرب 36 مرة. كما أدان حركة حماس على قصفها المدنيين الإسرائيليين. وأمهلهما مدة ستة أشهر للتحقيق في بنود تقريره.

وهاجمته إسرائيل بشكل حاد واتهمته بخيانة شعبه اليهودي وقارن بعض اليمينيين بينه وبين العملاء اليهود للنازية إبان الحرب العالمية الثانية. ومنعوه من القيام بزيارة دينية لإسرائيل، حيث أراد إقامة حفلة دينية في القدس بمناسبة وصول حفيده سن البلوغ. وكان رده الوحيد أن إسرائيل تتحمل مسؤولية المضمون الحاد ضدها في التقرير لأنها رفضت التعاون معه في التحقيق. ويوم السبت الماضي نشر مقالا في صحيفة «واشنطن بوست»، أشاد فيه بالتحقيقات التي أجراها الإسرائيليون حول تلك الجرائم وقال إنه بعد الاطلاع على هذه التحقيقات يرى أنه لو توفرت تلك المعلومات لديه قبل كتابة التقرير لكان مضمونه مختلفا.

وفي الحال أدارت الحكومة الإسرائيلية ضده حملة سياسية ودعائية دولية. وطالبت بإلغاء التقرير. وطالبه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بالظهور أمام مجلس حقوق الإنسان العالمي وغيره من المحافل الدولية لإعلان التراجع عن تقريره بمجمله وتبييض صفحة الجيش الإسرائيلي والمشاركة في حملة ضد حماس، التي انتقدها واتهمها برفض قرار التحقيق في الاتهامات ضدها. واعترضت أوساط إسرائيلية واسعة على الحملة الحكومية ونشرت الكثير من المواقف التي تشيد بالقاضي غولدستون وتقول إن الرجل يثبت أنه ذو مصداقية عالية ويجب شكره والتعاون معه. واتصل به وزير الداخلية الإسرائيلي، ايلي يشاي، من حزب «شاس» لليهود المتدينين الشرقيين ودعاه لزيارة إسرائيل. فوافق على الزيارة. وفهمت هذه الموافقة على أنها تأكيد جديد لتراجعه عن تقريره. فقرروا تجنيده للحملة الدعائية ضد تقريره. فقرر على ما يبدو أن يضع الأمور في نصابها، فصرح أنه لا يمكن إلغاء تقريره. وأن الأمر الوحيد الممكن هو أن تنهي إسرائيل تحقيقاتها وتحاكم الجنود والضباط الذين تورطوا في ممارسات إجرامية. وبذلك خيب آمال الحكومة الإسرائييلية.