ساحل العاج: قوات وتارا تعود لخيار القوة بعد فشل مفاوضات الاستسلام

أوكامبو يريد فتح تحقيق حول المجازر.. وغباغبو: أحب الحياة ولست انتحاريا

رجل يشدد على براءته بعدما أوقفته قوات عسكرية موالية لوتارا عند نقطة تفتيش في أبيدجان أمس (أ.ب)
TT

بدأت قوات رئيس ساحل العاج المعترف به دوليا الحسن وتارا هجوما نهائيا أمس في أبيدجان على مقر إقامة الرئيس المنتهية ولايته لوران غباغبو، الذي يرفض تسليم نفسه بالرغم انهيار نظامه. وجاء هذا فيما أعلن مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية عزمه فتح تحقيق حول «مجازر ارتكبت بصورة منتظمة أو معممة» في ساحل العاج. وقتل ما بين 330 وألف شخص في غرب ساحل العاج الأسبوع الماضي في مجزرة نسبت إلى القوات الموالية لوتارا.

وقال صديقي كوناتي المتحدث باسم غيوم سورو رئيس وزراء الحسن وتارا إن القوات الموالية لوتارا ستخرج غباغبو «من وكره وتضعه في تصرف رئيس الجمهورية». لكن الوضع العسكري حول القصر كان متذبذبا طوال أمس إذ توقفت نيران الأسلحة الثقيلة وتعذر الجزم فورا حول من يسيطر ميدانيا من المعسكرين.

وحلقت مروحيتان تابعتان لبعثة الأمم المتحدة في ساحل العاج على الأقل على ارتفاع منخفض فوق حي بلاتو (وسط) الذي يضم القصر الرئاسي، بعد التحليق فوق منطقة كوكودي (شمال) التي تضم مقر سكن الرئيس. وذكر مصدر حكومي فرنسي أن «الرئيس وتارا اعتبر أن المفاوضات التي أجريت لحمل غباغبو على الاستسلام قد طالت كثيرا وأن غباغبو لا يسعى إلا إلى كسب الوقت. لذلك قرر التدخل عسكريا لتسوية المشكلة، أي اعتقال غباغبو على قيد الحياة». وطلب وتارا من قواته ضمان بقاء خصمه «على قيد الحياة».

وفي باريس، أعلن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أمس فشل المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة وفرنسا بهدف تأمين رحيل غباغبو، قائلا: «المفاوضات التي دارت لساعات (الثلاثاء) فشلت بسبب معسكري غباغبو». وغداة فشل تلك المفاوضات، بدأت القوات الموالية لوتارا إطلاق النار من الأسلحة الثقيلة صباح أمس.

وبث تلفزيون وتارا في الأيام الأخيرة لقطات من فيلم «السقوط» الذي يروي الساعات الأخيرة من حياة أدولف هتلر، قبل انتحاره في ملجأ تحت الأرض في برلين التي كانت تحاصرها القوات السوفياتية. وكان غباغبو أكد أول من أمس لصحافي فرنسي: «أنا لست انتحاريا. أنا أحب الحياة. صوتي ليس صوت استشهادي، أنا لا أسعى إلى الموت ولكن إن وافتني المنية، فهذا هو أجلي».

ولكن بالنسبة إلى معسكر الرئيس المنتهية ولايته فإن الهجوم الذي شنته قوات وتارا هو «محاولة اغتيال للرئيس غباغبو»، كما قال المتحدث باسم حكومته أهوا دون ميلو، متهما قوة «ليكورن» الفرنسية بتقديم «دعم جوي وبري». ونفت قوة «ليكورن» أي مشاركة لها في هذا الهجوم، مؤكدة أنها تواصل عملياتها لمساعدة الرعايا الأجانب.

ودعا البابا بنديكتوس السادس عشر «جميع الأطراف المعنية» في ساحل العاج وفي ليبيا إلى «القيام بعمل من أجل إحلال السلام وبدء حوار والحؤول دون إهراق دماء جديدة». وقرر الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة على حكومة غباغبو «غير الشرعية» بسبب «خطورة الوضع».

ومنذ الانتخابات الرئاسية في 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي التي أغرقت أغنى بلد في غرب أفريقيا في شبه حرب أهلية، لم يعترف غباغبو بفوز منافسه وتارا. وقد انهار نظامه، ودعا قادة جيشه إلى وقف لإطلاق النار، ودمرت ضربات الأمم المتحدة وفرنسا قسما كبيرا من عتاده العسكري الثقيل، وانشق عدد كبير من الموالين له، لكنه مع هذا كله ما زال يرفض توقيع وثيقة استقالته.

وقال كوناتي: إنه حيال هذه المقاومة «قررت القوات الجمهورية (الموالية لوتارا) تسوية مشكلة لوران غباغبو. لقد ذهبت إلى مقر إقامته للقبض عليه وإنهاء هذه المهزلة. وسنذهب إلى كل مكان توجد فيه جيوب مقاومة».

وبالإضافة إلى مقر الإقامة، يسيطر آخر أنصار غباغبو على القصر الرئاسي ومعسكر اغبان، الأكبر في البلاد، والذي سمعت قربه أيضا انفجارات قوية. وقال المسؤول في قوات وتارا «يجب أن تتوقف المهزلة لأن البلاد تنهار». وفي أبيدجان، لزم الناس المصدومون بفعل المعارك الأخيرة منازلهم. فالشوارع المقفرة تقريبا باتت مسرحا للصوص، وقطعت الماء والكهرباء في بعض الأحياء، في حين تتضاءل مخزونات المواد الغذائية. وأسفرت المواجهات بالأسلحة الثقيلة في مختف أحياء أبيدجان عن عشرات القتلى كما تقول الأمم المتحدة، وبات الوضع الإنساني «مأساويا إلى أقصى الحدود»، وتوقف معظم المستشفيات عن العمل، وعندما تغادرها سيارات الإسعاف يطلقون النار عليها. إلا أن حصيلة القتلى قد تكون أكبر، إذ لم تتمكن فرق الإسعاف من أن تجوب شوارع العاصمة بسبب انعدام الأمن الذي يسودها.