اليمن: الغموض يلف الموقف الرسمي من المبادرة الخليجية.. والمعارضة ترحب بها بشروط

«شباب الثورة» يرفضون «الوصاية» من الأحزاب والقوى السياسية

جندي يمني يحاول منع أحد المحتجين من عبور أحد الحواجز الأمنية في تعز خلال مظاهرات للمطالبة بتنحي الرئيس علي عبد الله صالح أمس (رويترز)
TT

يلف الغموض الموقف الرسمي اليمني من المبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن، رغم الترحيب الرسمي الذي أعلن، الأيام الماضية، في وقت رحبت فيه المعارضة اليمنية بالمبادرة لكنها وضعت عددا من الشروط، وقد ووجه موقف المعارضة بانتقاد شديد من قبل «شباب الثورة» في ساحات الاعتصامات بالمحافظات اليمنية.

وقال مسؤولون يمنيون، أمس، إن المبادرة «غير ديمقراطية» وإنها «معيبة»، حسبما نقل عن عبده الجندي نائب وزير الإعلام، وطارق الشامي رئيس وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، رئيس الدائرة الإعلامية لحزب المؤتمر الشعبي العام (الحاكم) باليمن، وتلتزم الرئاسة والحكومة في اليمن الصمت إزاء المبادرة وتكتفي بتصريحات جانبية لبعض المحسوبين على النظام، في حين أعلنت أحزاب المعارضة في تكتل «اللقاء المشترك» ترحيبها بالمبادرة الخليجية ووضعت عددا من الشروط للقبول بها، لكن المعارضة لم تعلن موقفا رسميا، هي الأخرى، حتى اللحظة، يتضمن شروطها ومواقفها.

من جانبه، عبر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري عن رغبة دول مجلس التعاون الخليجي في أن يتنحى الرئيس علي عبد الله صالح عن السلطة، ونقلت مصادر رسمية قطرية عن بن جبر قوله من مكان وجوده في نيويورك، إن دول الخليج تقوم بوساطة لحل الأزمة في اليمن وإنها «تأمل في إبرام اتفاق مع الرئيس اليمني كي يتنحى».

وكانت دول مجلس التعاون الخليجي سلمت رسميا، أول من أمس، دعوة للرئيس اليمني علي عبد الله صالح ولأحزاب المعارضة، كل على حدة، للحضور إلى العاصمة السعودية الرياض، للتباحث بشأن تفاصيل المبادرة التي تنص على تنحي الرئيس صالح وتسليم الحكم إلى مجلس وطني يتكون من الأحزاب السياسية والقبائل اليمنية و«شباب الثورة».

في هذه الأثناء، ندد «شباب الثورة» بموقف المعارضة من المبادرة، وقال بيان صادر عن مجلس تنسيق الثورة الشبابية، إن المجلس يستغرب لقبول أحزاب «اللقاء المشترك» للوساطة الخليجية، خاصة في شقها المتعلق بـ«منح الرئيس صالح وأسرته الحاكمة ضمانات للخروج الآمن وعدم ملاحقتهم قضائيا»، في الوقت الذي «يعمد فيه النظام الحاكم في اليمن إلى سفك دماء الشباب اليمني المتظاهر والمعتصم سلميا في كافة ساحات الاعتصام، وفي الوقت الذي لم تجف فيه دماء شهداء الاعتصامات السلمية في كل من تعز وعدن والحديدة وصنعاء وحضرموت وغيرها من محافظات الجمهورية».

واعتبر «شباب الثورة» أن مثل هذه التصرفات «مرفوضة»، وأن ما يترتب على تلك الوساطات «غير ملزم لثورة الشباب في اليمن»، وقال بيان المجلس منبها كافة القوى السياسية في البلاد إلى أن «الثورة الشعبية ليست ساحة التغيير بصنعاء وحدها، بل هي ثورة كل الشعب المعتصم بساحات الحرية والتغيير في كافة محافظات الجمهورية»، وحذر المجلس من «ادعاء تمثيل ثورة الشباب والمشاركة في أي حوار أو وساطة تمنح النظام وقتا إضافيا أو ضمانات بعدم الملاحقة»، واعتبر كل من يدفع أو يشارك في أي مبادرات أو حوارات مع النظام، أنه «جزء من النظام الحاكم وليس جزءا من الثورة»، وذلك لأن «ساحات الاعتصام في كل محافظات الجمهورية لم تنتدب مطلقا من يمثلها كما لم تمنح الحق لأحد كي يتحدث باسمها، فالثورة ثورة الشعب اليمني بكل فئاته ومكوناته ومطلبها مطلب وحيد وهو إسقاط النظام وليس محاورته أو مكافأته بضمانات من أي نوع بعدما نثرت آلته العسكرية دماء أنبل شباب اليمن على الإسفلت والرمل والحصى ثم استخف بتلك الدماء الطاهرة»، حسب نص بيان الشباب.

على صعيد متصل، أدانت المعارضة اليمنية وتكتلات حلفائها وغيرها من القوى السياسية والشبابية والقبلية في الساحة اليمنية، محاولة الاغتيال التي قال اللواء علي محسن الأحمر، قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية، قائد «الفرقة الأولى مدرع»، إنه تعرض لها، قبل يومين، أثناء حضور مجاميع قبلية من قبائل سنحان وبلاد الروس وبني بهلول للتوسط بينه وبين الرئيس صالح، ليعدل اللواء الأحمر عن تأييده للثورة الشبابية ومطالبها بتنحي الرئيس، وأصدرت تلك الفعاليات العشرات من البيانات المنددة بمحاولة الاغتيال التي اعتبرت محاولة فاشلة لجر اليمن إلى مستنقع العنف، على حد اعتقادها.

هذا ويتبادل نظام الحكم في اليمن، من جهة، وعلي محسن الأحمر، من جهة أخرى، الاتهامات بشأن الحادث، ففي حين يتهم الأحمر قيادات في الرئاسة اليمنية ومشايخ قبليين بالتدبير للمحاولة، فإن السلطات الرسمية تتهمه بقتل وجرح عدد من أفراد الوساطة من رجال القبائل، وحصلت «الشرق الأوسط» على مذكرة رسمية موجهة إلى النائب العام الدكتور عبد الله العلفي من قبل رئيس نيابة استئناف المنطقة العسكرية الشمالية الغربية عبد الله محمد الحاضري، يطالبه فيها بتسليم المتورطين في قضية الشروع في «قتل وتصفية اللواء علي محسن صالح»، وقالت المذكرة إن المتهمين هم «مجموعة من المنتسبين إلى وحدات الحرس الجمهوري، وآخرون مجهولون لدينا معروفون بانتمائهم لدى الإخوة في الرئاسة»، وأضافت المذكرة: «نحيطكم علما بأنه بعد أن أجرينا التحقيقات الأولية واستمعنا لأقوال الشهود استبان أن هناك ضرورة حتمية إلى أن نتقدم بطلبنا هذا إليكم، وهو أن على السلطة التي أرسلت مجاميع المواطنين ودست بينهم المنفذين لجريمة الاغتيال، أن يسلموا إليكم من أمر وخطط ونفذ هذه الجريمة، ومن ثم سأتكفل شخصيا بتسليم ما لدي من أوليات في هذه القضية وتلبية ما تطلبونه منا فيما يخصها».

وفي المعسكر الآخر، وجه النائب العام الدكتور العلفي، مذكرة إلى قيادة «الفرقة الأولى مدرع» يطلب فيها تسليم «الأشخاص الذين قاموا بإطلاق النار ظهر أول من أمس أمام البوابة الغربية للفرقة الأولى مدرع في إطار إجراءات التحقيق في القضية»، ونقلت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) عن مصدر مسؤول في النيابة العامة قوله إن المذكرة طالبت بتسليم المتهمين في الحادث الذي «نتج عنه مقتل وإصابة عدد من المواطنين من أبناء قبائل سنحان وبني بهلول وبلاد الروس، وذلك للتحقيق معهم والمثول في القضية، وفقا للقانون».