غيتس للقادة العراقيين: إذا أردتم أن نمدد بقاءنا فعليكم طلب ذلك عاجلا

وزير الدفاع الأميركي: إيران و«القاعدة» تحاولان استغلال الاضطرابات في بعض الدول العربية

وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس يتحدث للجنود الأميركيين في قاعدة عسكرية قرب بغداد أمس (رويترز)
TT

في وقت انتقد فيه زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم تأخير تسمية الوزراء الأمنيين ومنهم وزير الدفاع عشية وصول وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس إلى بغداد أمس في زيارة هي الرابعة عشرة للعراق منذ توليه منصبه، فقد حرص رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على أن يلتقي «نظيره» الأميركي غيتس في مقر وزارة الدفاع التي يشغلها هو وكالة وليس في مكتبه الرسمي الذي اعتاد استقبال كبار المسؤولين الأميركيين فيه ومنهم غيتس خلال الزيارات السابقة.

وتتعدى خطوة المالكي هذه من وجهة نظر المراقبين السياسيين البعد الرمزي فيها كونه يشغل حقيبة الدفاع إلى البعد الواقعي كتأكيد على اهتمامه بهذه الوزارة التي يقع على عاتقها الكثير خلال الشهور القادمة لتهيئة مرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي من العراق. وكان المالكي طبقا لما أعلنه مصدر حكومي قد استبق اجتماعه مع غيتس بلقاء مع كبار قادة وزارة الدفاع العراقية قبل موعد لقائه المقرر مع غيتس والوفد المرافق له. وتناول الاجتماع طبقا للمصدر الحكومي مدى قدرة القوات العراقية على ملء الفراغ بعد انسحاب القوات الأميركية نهاية العام الحالي.

وبينما عبر غيتس خلال تصريحات صحافية عقب لقائه عددا من القادة والجنود الأميركيين في إحدى القواعد العسكرية الأميركية بالقرب من العاصمة بغداد عن استعداد واشنطن النظر في إمكانية تمديد بقاء قواتها إلى ما بعد عام 2011، وهو الموعد الأخير للانسحاب الأميركي استنادا للاتفاقية الأمنية بين البلدين، فإن الإدارة الأميركية، حسبما نقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن غيتس تريد من الجانب العراقي أن يقدم طلبا بذلك «عاجلا». وقال غيتس «نحن مستعدون لأن يكون لنا وجود (في العراق) إلى ما بعد 2011 ولكن علينا التزامات كثيرة» ليس فقط في أفغانستان وليبيا ولكن أيضا في اليابان حيث يشارك الأسطول الأميركي ونحو 18 ألف جندي في عمليات الإنقاذ المتعلقة بالزلزال والتسونامي والإشعاع النووي. وأضاف غيتس «وعليه إذا أراد الناس هنا (العراقيون) أن نمدد بقاءنا فسيتوجب علينا التحرك عاجلا لتنفيذ ذلك من حيث التخطيط.. أعتقد أن هناك رغبة في بقائنا ولكن الوضع السياسي يملي علينا الانتظار لأن المبادرة يجب أن تأتي من العراقيين».

ونقلت الوكالة عن ميغان أوسليفان، التي كانت من كبار مستشاري الرئيس السابق جورج بوش لشؤون العراق، أن المالكي يواجه ضغوطا كبيرة في الداخل وعلى أكثر من صعيد تجعل من المستبعد أن يطلب علنا بقاء القوات الأميركية. وأضافت أن إدارة الرئيس الحالي باراك أوباما كانت تأمل في أن تتلقى دعوة علنية كهذه من الجانب العراقي «وربما تجد نفسها في ورطة» في غياب هكذا دعوة لأن الإدارة لا تستطيع أن تبدو وكأنها تريد أن تبقي جنودا في العراق أكثر مما يريده العراقيون.

إلى ذلك، نفى قيادي بائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي عزم الحكومة العراقية والجهات التشريعية طلب تمديد جديد لبقاء الأميركيين. وقال عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون خالد الأسدي في تصريح خاص لـ «الشرق الأوسط» إن «الحكومة العراقية وكل المؤسسات الدستورية في البلاد لديها موقف موحد من قضية الوجود الأميركي وهو التأكيد على الانسحاب من العراق نهاية هذا العام حيث إننا لا نجد ضرورة وبالتالي فإنه لا صحة لأي قول أو كلام يمكن أن يذهب باتجاه أن يطلب الجانب العراقي تمديدا للقوات الأميركية أو تعديلا بالاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين». وأضاف الأسدي «أود القول بأن هذا الأمر محسوم لأننا نشعر بالاطمئنان أكثر من أي وقت مضى وبالتالي فإن زيارة غيتس الحالية سوف تسهم في تحقيق مناخات ما بعد الانسحاب».

وفي حال طلب المالكي تمديد بقاء القوات فإنه سيخاطر بالتحالف الذي ضمن له تشكيل الحكومة الحالية والذي يضم المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم والتيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الذي يعتبر من أشد المناوئين للوجود الأميركي. وفي هذا السياق أعلن الصدريون أنهم سينظمون تظاهرتهم السنوية غدا ضد الاحتلال في ذكرى سقوط بغداد في التاسع من أبريل (نيسان) 2003.

إلى ذلك، وبينما أكد الوزير الأميركي على ما اعتبره نجاحا للديمقراطية في العراق بالقياس إلى ما يجري في المنطقة العربية حاليا فإنه اعتبر «أن الأمور لا تزال غير مكتملة». وأضاف أن ما تم «إنجازه هنا مقابل تضحيات ضخمة من جانب العراقيين وجنودنا ومن جانب الشعب الأميركي يعتبر أمرا مدهشا».

من ناحية ثانية، حذر غيتس من أن إيران والتنظيمات المسلحة مثل «القاعدة» قد تحاول استغلال الاضطرابات في بعض الدول العربية. وأضاف أن «اليمن خفف فعلا ضغوطه على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» في إشارة إلى الجماعات المسلحة في اليمن التي تشهد انتفاضات واسعة ضد الرئيس علي عبد الله صالح. وتابع أن «توجه أجهزة الأمن الداخلي في عدد من هذه البلدان تحولت إلى معالجة المشاكل الداخلية أكثر من مكافحة الإرهاب، وهذا أمر مثير للقلق». لكنه أوضح أن الحكام العرب، لا سيما في مصر، لا يزالون «قلقين» إزاء احتمال استغلال الجماعات الإسلامية الأحداث في الشرق الأوسط. وأكد غيتس «علينا أن نراقبها عن كثب وبدقة (...) فهذا وقت قد يحاول استغلاله المتطرفون، وضمنهم إيران». وتابع «علينا التأكد من ألا يتصرف هؤلاء بكل حرية».