أزمة بين الحزبين الرئيسيين في أميركا حول استقطاعات الميزانية

زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ: مشكلة 4 عقود لا يمكن حلها في ليلة واحدة

TT

احتدمت المناقشات بين الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة حول الاستقطاعات المالية المطلوب توفيرها في الميزانية، حيث وافقت إدارة الرئيس باراك أوباما ومعه الديمقراطيون بعد مناقشات مطولة على استقطاع 33 مليار دولار من ميزانية عام 2011 بينما يرغب الجمهوريون في استقطاعات أكبر تصل إلى 60 مليار دولار، ثم ارتضوا أن تكون 40 مليار دولار. وتواجه الطرفان منذ أسابيع في خلافات تحول دون توصلهما إلى اتفاق على مستوى النفقات. وكان مقررا أن تنتهي أمامهما مهلة مساء أمس، وإلا فإن دوائر الخدمات غير الأساسية ستغلق أبوابها.

وأعلن السيناتور هاري ريد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ صباح أمس أنه ليس متفائلا، مشيرا إلى عدم توصل المناقشات التي دارت بين الرئيس أوباما ونائبه جو بايدن والسيناتور الديمقراطي هاري ريد من جهة، وزعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب جون بينر إلى اتفاق. وقال ريد: «لقد كنت متفائلا قبل الاجتماع. تناقشنا نحن الأربعة وعملنا مع مساعدينا خلال الليل لنصل إلى اتفاق، لكن الاختلافات ليست حول حجم الأموال الواجب توفيرها وإنما حول الآيديولوجيا». وألقى السيناتور ريد اللوم على زعيم الأغلبية في مجلس النواب بينر واصفا إياه بأنه وضع خطا للجدل حول الآيديولوجيات وليس للتعامل مع العجز في الميزانية. وأضاف ريد الذي كان يتحدث بلهجة غاضبة: «لا أحد يمكن أن يتوقع أننا سنخرج ونتفق على أمر ظل محل جدل طيلة أربعة عقود، هذا أمر تشريعي لا يمكن حله في ليلة واحدة. إنه أمر غير واقعي أن نغلق (عمل الخدمات غير الأساسية في) الحكومة بسبب جدل حول مسائل الإجهاض».

ورفض ريد المقترحات باستمرار الحكومة الفيدرالية لمدة أسبوع بميزانية محددة، مشيرا إلى رفض الرئيس أوباما هذا الاقتراح. وقال: «لا يمكن أن يتم تمويل العمليات في الحكومة الفيدرالية بشيك لمدة أسبوع ثم بشيك آخر لأسبوع آخر». واختتم ريد حديثه أمام مجلس الشيوخ قائلا: «هذا يوم حزين وإذا تم إغلاق الحكومة فإن اللوم يقع على رئيس الأغلبية في مجلس النواب لأننا نؤمن بأن هذه الحكومة لا يجب إغلاقها».

وقد استمرت المحادثات الهاتفية بين الرئيس أوباما وجون بينر طيلة أمس، كما عقد اجتماع آخر بالبيت الأبيض في محاولة للتوصل إلى اتفاق بعد أن فشل الاجتماع الذي عقده الأربعة الكبار (أوباما وبايدن وريد وبينر) مساء الأربعاء الذي استمر لأكثر من ساعتين. وهاجم جون بينر، الرئيس أوباما معتبرا أنه ليس «قياديا»، ومشيرا إلى أنه قضى جزءا كبيرا من يوم الأربعاء خارج واشنطن في زيارات إلى بنسلفانيا ونيويورك. وقال إنه في حال فشلت المفاوضات فإن اللوم يقع على الديمقراطيين الذين لم يقدموا أي بدائل للأفكار التي قدمها الجمهوريون. وحذر بينر من أنه يمكن أن يتكرر هذا الموقف عدة مرات عند مناقشة الميزانية في ظل سيطرة الأغلبية الجمهورية على مجلس النواب. ووصف مناقشاته مع البيت الأبيض بأنها «شاقة». وأضاف أنه سيستمر في العمل ولا مبرر لجعل عملية المفاوضات أصعب مما هي عليه الآن. وتقضي خطة الجمهوريين للحد من صلاحيات إدارة أوباما فيما يتعلق ببرامج البيئة والرعاية الصحية والإجهاض ضمن قضايا أخرى. ويدافع بينر عن خطته المؤقتة التي تقضي باقتطاع مبلغ 12 مليار دولار من ميزانية البنتاغون خلال السنة المالية 2011 التي تنتهي في نهاية سبتمبر (أيلول)، بينما وصفها الديمقراطيون بأنها «مليئة بالمخاطر» في الوقت الذي تواجه الولايات المتحدة مخاطر كثيرة في بقاع كثيرة من العالم.

كما قدم الجمهوريون خطة لتفادي إغلاق الحكومة، تقضي بتمديد تفويض الإنفاق لمدة أسبوعين إضافيين فقط واستقطاع 4 مليارات دولار من خطة الإنفاق. بينما تطمح الخطة على المدى الطويل لخفض العجز في الموازنة الذي يقرر بـ 11 نقطة مئوية إلى 3.6 نقطة مئوية بحلول عام 2014.

وووجه اريك كانتور الجمهوري في مجلس النواب بتصفيق كبير عندما أعلن عن إصرار الجمهوريين على الدفاع عن الاستقطاعات التي قررها الحزب واستمرار المناقشات في مجلس النواب خلال عطلة نهاية الأسبوع حتى التوصل لقرار قبل أن يتم فعليا إغلاق الحكومة مع بداية الاثنين المقبل. وقال: «لا نهدف لإفلاس الحكومة».

ومن شأن فشل المفاوضات أن يؤدي إلى توقف عمل القطاعات غير الأساسية مثل البريد والمدارس والمستشفيات وتوقف عمل الموظفين في تلك الإدارات (هناك ما يقرب من 4 ملايين و400 ألف موظف حكومي). وفي حال الفشل، سيتعين على الحزبين الرجوع إلى الكونغرس واستئناف المناقشات الأسبوع المقبل.

يذكر أن إغلاق الحكومة الفيدرالية قد حدث أثناء إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون في عام 1995 ، وكان الجمهوريون يسيطرون أيضا على مجلس النواب وتم إغلاق الحكومة بعد فشل الجانبين في الوصول إلى اتفاق، لكن ذلك لم يمنع من إعادة انتخاب بيل كلينتون لفترة ولاية ثانية أواخر عام 1996.