جوبيه: المطروح بحث شروط رحيل القذافي وليس كيفية بقائه في السلطة

وزير خارجية فرنسا: تطورات الوضع العسكري تدفع باتجاه البحث عن «الحل السياسي»

حشد من الليبيين تجمعوا أمام فرع البنك المركزي في بنغازي بعد الأنباء عن سقوط أجدابيا بيد قوات القذافي أمس (أ.ف.ب)
TT

يبدو المشهد من باريس أن مرحلة البحث عن مخرج سياسي للوضع في ليبيا أخذت تتقدم على خيار الحسم العسكري، وإبعاد العقيد معمر القذافي بالقوة من طرابلس. واختصر وزير الخارجية آلان جوبيه صورة الوضع بإشارته، أول من أمس، إلى أن تطورات الوضع العسكري تجعل الأولوية تتركز على البحث عن «حل سياسي».

وتنبع أهمية الكلام الفرنسي من كون باريس تمثل «الجناح المتشدد»، إلى جانب لندن، في الدفع باتجاه خيار الحسم العسكري وكانت حريصة على أن تقوم طائراتها بأول مهمة عسكرية فوق ليبيا فضلا عن أنها مانعت، طويلا في إيكال العمليات العسكرية إلى الحلف الأطلسي تعبيرا عن رغبة قوية في الاحتفاظ بكامل الحرية في اختيار الأهداف العسكرية وضرب مراكز القيادة من غير الحاجة للعودة إلى القيادة الأطلسية.

غير أن استقرار الجبهة العسكرية في المنطقة الممتدة من أجدابيا إلى البريقة، وعجز القوات المناوئة للقذافي، رغم الدعم العسكري الجوي الأطلسي، وامتلاك القذافي لقوة عسكرية ضاربة رغم الخسائر المهمة التي أصيبت بها، كل ذلك يجعل، وفق مصادر سياسية فرنسية، الحسم العسكري مستبعدا. وبما أن عملية تسليح المعارضة وتدريبها وتمكينها من تشكيل تهديد حقيقي للقذافي وكتائبه سيأخذ شهورا، فإنه يبدو أن التخلص من القذافي بقوة السلاح «أمر غير متوفر» مما يؤكد التحفظات الأولى على العملية العسكرية التي اعتبرت أن القصف الجوي وحده «لن يكفي».

غير أن لباريس «شروطها» و«تصورها» لشكل الحل السياسي. ومرة أخرى لعب جوبيه دور «البوصلة» الموجهة للسياسة الفرنسية إذ اعتبر، في كلام له أمام مجلس الشيوخ صباح أمس، أن «الحل السياسي» لا يمكن أن يقوم إلا على أساس رحيل القذافي أي بعيدا عن «الشروط» التي عبر عنها نائب وزير الخارجية الليبي أول من أمس حيث أشار إلى أن «الحوار» لا يمكن أن يقوم إلا بعد أن تسلم المعارضة سلاحها. ورد جوبيه على ذلك قائلا: «إن السؤال المطروح اليوم يكمن في معرفة شروط رحيل القذافي وليس كيفية بقائه في السلطة». ورأى جوبيه أن في هذا الطرح انتصارا أوليا لعملية التدخل في ليبيا التي اعتبر أنها «هزت» قواعد القذافي.

وستكون الاتصالات السياسية الجارية وصورة الحل موضع بحث في اجتماع «مجموعة الاتصال» يوم الأربعاء القادم في الدوحة، بحسب ما أعلنه الوزير جوبيه أمس، بحيث يكون ذلك اجتماعها الثاني بعد اجتماع لندن في 29 مارس (آذار) الماضي. ولم تعرف أمس «تشكيلة» اجتماع الدوحة إذ قالت وزارة الخارجية الفرنسية أمس إنها «قيد البحث». غير أن التوجه يصب في إطار البحث عن مجموعة «ضيقة» مختلفة عن اجتماع الأربعين الموسع جدا في لندن تضم الدول المشاركة في العملية العسكرية والحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي الذي قاطع اجتماعي باريس ولندن.

وتضغط باريس باتجاه توسيع الاعتراف بالمجلس الوطني الليبي المعارض المؤقت الذي لم تعترف به حتى الآن سوى دول قليلة ضمنها فرنسا وقطر. وقال جوبيه إنه على تواصل مع عواصم الاتحاد الأوروبي لكي يدعو ممثلي المجلس إلى اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاثنين القادم في بروكسل كاشفا عن استمرار الخلافات داخل صفوفهم إزاء ما يمثله المجلس المؤقت وقدرته على ادعاء تمثيل كافة الشعب الليبي.

وترى أطراف أوروبية أن المجلس ناقص التمثيل كما أن علامات استفهام ما زالت قائمة إزاء عدد من الشخصيات الليبية التى انضمت إليه إن بسبب ماضيها ودورها داخل نظام القذافي أو بسبب ارتباطاتها الإسلامية.

وكما بخصوص المجلس، فإن خلافات الاتحاد الأوروبي تشمل أيضا كيفية التخلص من القذافي إذ إن بعضها وعلى رأسها ألمانيا تريد اللجوء إلى العقوبات وحدها بعيدا عن الأعمال العسكرية فيما ترى بلدان أخرى مثل اليونان وقبرص ومالطا أنه يتعين «فتح حوار» مع القذافي يسبقه وقف إطلاق نار لا يكون مقتصرا كما يريد أمين عام الأمم المتحدة على مدينة مصراتة وحدها. أما الموقف الفرنسي فيقوم على استمرار استخدام الورقة العسكرية من غير إقفال باب الحل السياسي شرط أن يكون بنده الأول رحيل القذافي علما أن قرار مجلس الأمن رقم 1973 لا يأتي على ذكر ذلك.