زعيم حزب الكادحين الثوريين الإيراني المعارض: كان يجب أن نكون الدولة رقم 1 في التغييرات

مهتدي لـ «الشرق الأوسط»: نتعاون مع الحركة الخضراء رغم التحفظات.. ونحتاج دعما دوليا

عبد الله مهتدي السكرتير العام لحزب عصبة الكادحين الثوريين الإيراني الكردي المعارض («الشرق الأوسط»)
TT

يتنقل عبد الله مهتدي، السكرتير العام لحزب عصبة الكادحين الثوريين الإيراني الكردي المعارض (كومالا)، ما بين إقليم كردستان العراق وعواصم أوروبية هذه الأيام للاجتماع بفصائل المعارضة الإيرانية من أجل توحيد المواقف وتشكيل جبهة موحدة لمواجهة النظام في الجمهورية الإسلامية، ويعتقد مهتدي أن إيران كان يجب أن تكون الدولة رقم 1 في انطلاق المظاهرات التي يشهدها العالم العربي، لكنه عبر عن تفاؤله بأن الإطاحة بالنظام السياسي الإيراني ستتم آجلا أم عاجلا.

وخلال زيارته لمقر صحيفة «الشرق الأوسط» في لندن تحدث مهتدي بصوت هادئ وبلغة إنجليزية سليمة عن الأوضاع في إيران وعن نشاط الحركة الكردية، موضحا أسباب تردد الأكراد في المشاركة في المظاهرات التي اندلعت في طهران في أعقاب إعادة انتخاب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في يونيو (حزيران) 2009.

وقال مهتدي حول أسباب زيارته إلى العاصمة البريطانية: «جئت إلى لندن لسببين، الأول سياسي والآخر عائلي، وبخصوص الأول فقد كنا نحاول (حزب كومالا) التقديم للانضمام إلى عضوية منظمة الاشتراكية الديمقراطية العالمية، وقد تم قبولنا كضيف رسمي ما دام طلب التقديم لا يزال قيد التعامل معه، وبعيدا عن ذلك كنت أحاول عقد اجتماعات مع شخصيات من المعارضة الإيرانية وكذلك الحركة الخضراء المعارضة، وقد نجحنا في إحراز تقدم على الجهتين». وأضاف: «هناك كثيرون ممن يحاولون جمع المعارضة الإيرانية لبناء تحالف واسع لمقاتلة النظام الإيراني، وحزبنا (كومالا) وأنا شخصيا كنا قد دعونا لهذه الفكرة منذ سنوات، ولهذا دُعيت من قبل هذه الشخصيات المعارضة من أجل الحوار ووضع الخطط، ونحن نتجه إلى عقد مؤتمر حول هذا خلال الشهرين المقبلين».

وأحجم مهتدي عن تسمية الشخصيات المعارضة التي التقاها، إلا أنه أكد لقاءه، بشكل منفصل، مع شخصيات من الحركة الخضراء التي تعتبر من أبرز فصائل المعارضة في إيران بزعامة مير حسين موسوي، رئيس الوزراء الإيراني الأسبق، ومهدي كروبي، رئيس البرلمان الأسبق. وحول صلة حزبه بتلك الحركة، قال: «إن لم نكن الحزب الوحيد فنحن الحزب الرئيسي الذي قدم دعمه للحركة الخضراء المعارضة، أي الحركة الديمقراطية، وقد نجحنا في إقامة علاقات صداقة ناجحة معهم وقد دعمناهم بطرق مختلفة لا أريد تحديدها الآن».

غير أن مهتدي أشار إلى أن حزبه يدعم تلك الحركة، التي اتهمت السلطات الإيرانية بتزوير الانتخابات الرئاسية في إيران عام 2009 لصالح التمديد لنجاد، على الرغم من «تردد» الأكراد إزاءها.

ويوضح مهتدي أسباب ذلك التردد قائلا: إن الحركة الخضراء «لم تمس القضايا الأساسية الخلافية، الاجتماعية منها والسياسية، في إيران بعمق، وبعضهم ما زال يعتقد بوجود الدستور الإيراني الحالي، الأمر الذي لا نريده؛ فنحن نريد تغيير النظام برمته، كما أنهم لم يطرحوا قضايا الأقليات الدينية والعرقية في إيران، ونحن نعتقد أن هذه قضايا مهمة وساخنة، فلا يمكن إيجاد حلول جذرية ديمقراطية في إيران من دون معالجة هذه المشكلات؛ لهذا فلدينا تحفظات على مواقفهم إزاء النظام وحقوق الإنسان والديمقراطية، لكننا في الوقت نفسه نعتقد أن الحركة تتمتع بقاعدة شعبية واسعة وهي حقيقية وأصيلة وديمقراطية، ومن الضروري أن نتضامن ونتعاون معها، وهذا ما فعلناه».

وشدد مهتدي على أن دعم حزبه (كومالا) للحركة الخضراء «ليس من دون شروط»، موضحا: «نحن نفرق بين قيادات الحركة وقواعدها الواسعة؛ لأن جيل الشباب الذين كانوا يتظاهرون في طهران منذ عامين أظهر مرارا أنه لا يريد النظام والكيان السياسي كله في إيران، لكن في قمة هرم هذه الحركة هناك بعض الشخصيات التي ما زالت تتمسك بالدستور البالي والنظام، لكن مع إجراء إصلاحات عليه، لكننا نعتبر أن القواعد الشعبية للحركة تمثل جسمها الرئيسي الذي هو بالضد من هيكلية النظام». وأضاف: «لقد أدركنا منذ البداية أنه إذا دعمنا الحركة فإنها خلال سير الأحداث ستعي يوما بعد يوم أنه لا سبيل أخرى سوى إسقاط النظام، لكن علينا أن نتحلى بالصبر بعض الشيء، فما أدركناه مبكرا، كأحزاب كردية في كردستان إيران، بدأ جيل الشباب الآن بإدراكه».

وفي الوقت الذي كان المراقبون يتوقعون فيه أن ينتفض الإيرانيون مثلما فعل المصريون ومن قبلهم التونسيون ضد أنظمتهم، فإن ذلك لم يحدث، وحول ذلك قال مهتدي: «عندما ينتفض الناس في طهران فهذه هي اللحظة المناسبة للأكراد للانتفاض ضد النظام، وبخلافه فإنه ليس بوسع الأكراد بمفردهم تغيير النظام، أو بالعكس، أي أن تكون كردستان هي الخطوة الأولى لتحرير إيران ثم تنتشر الثورة إلى بقية المدن الإيرانية، لكن ذلك يتطلب دعما دوليا كبيرا من نوع خاص مثلما يحصل عليه الليبيون الآن (في مواجهة الزعيم الليبي معمر القذافي) أو ربما أكثر».

وعبر عن اعتقاده أن «إيران كان يجب أن تكون الدولة رقم 1 في موجة التغيير في الشرق الأوسط، لكن القمع الوحشي الذي مارسه النظام الإيراني ضد شعبه حال دون ذلك، ناهيك عن غياب الدعم الدولي للمعارضة الإيرانية ومن ضمنها الأكراد». واستطرد قائلا حول «غياب» الدعم الغربي: «لقد شهدنا الكثير من الخطابات من الدول الغربية لكن لا شيء جاد، نعم العقوبات جادة، لكننا لم نشهد محاولات جادة للتعاون ودعم المعارضة الإيرانية والحركة الكردية. نعم الإيرانيون فخورون بأنفسهم، لكن الثقافة المناوئة لأميركا والعرب والغرب، وهي العقيدة التي حرص النظام الإسلامي على تثقيفها للإيرانيين لأكثر من 3 عقود، قد بدأت تتلاشى».. لكنه تابع قائلا: «إن الحركة الكردية لا تكره الولايات المتحدة ولا الغرب ولا العالم ولا العرب، وحتى بين الأحزاب الإيرانية المعارضة فإن عدائية الغرب بدأت تتغير، والشعارات المعادية لأميركا أصبحت محصورة ضمن حلقة النظام والطبقة الحاكمة في إيران فقط».

لكن مهتدي شدد على أن تغيير النظام في الجمهورية الإسلامية لم يتم إلا من الإيرانيين أنفسهم. وأوضح: «نحن لا ندعم أي تدخل عسكري خارجي ضد إيران، لكن هذا لا يعني أننا نرفض دعم المجتمع الدولي؛ فنحن نسعى إلى الحصول على دعم المجتمع الدولي والغرب بالتحديد، وكذلك الدعم الإقليمي؛ لأن إسقاط النظام هدف نبيل سيخدم الشعب الإيراني وجيرانه والعالم».

وعن مشاركة حزبه في مظاهرات 2009 المناوئة للنظام الإيراني، قال مهتدي: إن الطلاب الأكراد ناشطون جدا في الحركة الخضراء، والكثير منهم قُتلوا أو عُذبوا خلال تلك المظاهرات، لكنه أوضح أن «الأكراد آنذاك لم ينظموا مظاهرات واحتجاجات واسعة في المدن والبلدات الإيرانية وهناك سببان لذلك، الأول: أن المظاهرات في طهران لم تستمر فترة طويلة؛ فهم قد يتظاهرون اليوم ثم ينظمون أخرى الشهر اللاحق؛ فالاحتجاجات لم تستمر يوميا مثلما حصل في مصر أو ما يحصل الآن في اليمن، فأنا واثق أنه لو أن المظاهرات كانت مستمرة يوميا لكان الأكراد في كردستان قد شاركوا فيها، أما الأمر الآخر فكان أن بعض قادة المعارضة أنفسهم مثل موسوي وكروبي كانوا شخصيات بارزة من النظام السياسي في إيران، الأمر الذي أشاع جوا عميقا من غياب الثقة، كما أن قادة الحركة الخضراء كانوا بطيئين جدا في إعلان دعمهم للأكراد ولم يبذلوا جهدا كبيرا لإزالة مناخ عدم الثقة، مما جعل الأكراد يترددون في المشاركة».

وحول التعاون مع بقية الأحزاب الكردية المعارضة في إيران، مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني أو حزب الحياة الحرة (بيجاك)، أحد أجنحة حزب العمال الكردستاني التركي المعارض، قال مهتدي: «نعم هناك تعاون لدرجة معينة، وما عدا حزب بيجاك، فإن هناك درجة من التعاون بين هذه الأحزاب، لكننا نعلم أن هذا غير كاف وما نريده فعلا جبهة كردية موحدة أو ائتلاف كردي موحد بين الأحزاب الكردية كلها، لكي تتحدث بصوت واحد، وتضع مطالبها بصورة أكثر قوة أمام الإيرانيين والمجتمع الدولي». وأوضح سر عدم التعاون حتى الآن قائلا إن هناك أسبابا «تاريخية وكانت هناك انشقاقات في السنوات الأخيرة والجراح ما زالت مفتوحة، وهذا يستغرق وقتا لمعالجته».

وعبر مهتدي عن أن نظام الحكم الفيدرالي في إقليم كردستان العراق ربما يعتبر النموذج الأمثل للأكراد في إيران، الذين يشكلون نسبة 8 - 10% من الشعب الإيراني، بل إن النظام الفيدرالي، من وجهة نظره، مناسب لإيران أكثر منه للعراق، ويوضح ذلك بقوله: في العراق «مكونان رئيسيان هما العرب والأكراد، مع وجود أقليات إثنية ودينية صغيرة، لكن في إيران، بالإضافة إلى المتحدثين باللغة الفارسية، فهناك 5 مكونات إثنية أساسية هم: الكرد والأذربيجان والتركمان والعرب والبلوشتسان، وكل مكون من هؤلاء لديه أرضه وتاريخه وثقافته ولغته».

ونفى مهتدي ضلوع حزبه بتنفيذ عمليات مسلحة تستهدف ضرب القوات الإيرانية منذ 15 عاما، لكنه أشار إلى أن حزبه يحتفظ بقوات البيشمركة، معللا ذلك بأن «للشعب الكردي الحق في الدفاع عن نفسه، ونحن نحتفظ بهذا الحق».

ويرى مهتدي أن الأكراد «هم ضحايا التاريخ؛ فهم مقسمون ومضطهدون وتعرضوا للقسوة والوحشية كما أنكرت حقوقهم الثقافية في التعليم بلغتهم الأم وحقوقهم السياسية أو حقهم في الحكم الذاتي، لكن خلال الـ20 عاما الماضية أخذت الأمور بالتغيير، وأعتقد أن الأكراد يستفيدون حاليا من التغييرات الديمقراطية في الشرق الأوسط، وأن الأكراد الإيرانيين، على الأخص، سيستفيدون من التغييرات الديمقراطية في بلادهم».

وعبر عن اعتقاده أن «التغيير مقبل لإيران، بل إنه جاء بالفعل؛ فحتى الحركات في تونس ومصر مستلهمة لدرجة ما من الحركة الديمقراطية في إيران؛ فالتغيير انطلق من إيران (يقصد عام 2009)، لكنه تعثر بسبب الإجراءات التعسفية الوحشية من قبل النظام الإيراني، لكن التغيير مقبل ولن يكون بإمكان أحد إيقافه». وحول النظام المستقبلي الذي يتوقعه لإيران، قال: «لا أحد يريد ولاية الفقيه بعد الآن، فهذا يعود للعهود الغابرة، فلا يمكن فرض نظام سياسي يعود للعصور الوسطى على مجتمع كالمجتمع الإيراني بعد الآن، فلا يمكن بقاء ذلك إلى الأبد، لا يمكن التنبؤ بسيناريو معين للتغير في إيران، لكني متأكد أن التغيير سيأتي آجلا أم عاجلا وآمل أن يكون ذلك في عام 2011 أو ربما 2012 على أبعد تقدير».