تونس: شبان يتحدون قرار وزارة الداخلية ويؤدون الصلاة في الشارع

قيادي في حركة النهضة لـ «الشرق الأوسط»: سلوك مضر.. وبلادنا فيها ما يكفي من المساجد

رجال شرطة ايطاليون يرتدون أقنعة وقائية خلال تفتيشهم اول دفعة من المهاجرين التونسيين (إ.ب.أ)
TT

في ما يشبه التحدي لقرار اتخذته وزارة الداخلية التونسية «بمنع الاستحواذ على الطريق العام لأداء الصلاة في غير الأماكن المخصصة لها»، أدت مجموعة من الشباب التونسي أمس صلاة الجمعة على رصيف شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة، وسط حيرة وذهول المارة.

وقد أم أحد الشباب هذه المجموعة، وألقى خطبة بحضور نحو عشرين شابا جلسوا على الرصيف، وبعضهم استعمل العلم التونسي للسجود. وبدأ «الإمام» خطبته بالقول «أبشروا فإن مقامكم عند الله عال». وواصلت المجموعة أداء الصلاة وسط حيرة المارة وفضولهم من حادثة تحصل لأول مرة في الشارع الرئيسي للعاصمة التونسية.

وجاء هذا بعد بيان أصدرته وزارة الداخلية أول من أمس، ونشرته وسائل الإعلام المحلية أمس، أكد أن الوزارة «لن تسمح مستقبلا بالاستحواذ على الطريق العام لأداء الصلاة». واستندت في منعها ذاك إلى «شكاوى هاتفية ومكتوبة من عدد كبير من المواطنين حيال ما قام به البعض من أداء لصلاة الجماعة في الشوارع الكبرى والساحات العامة، مما تسبب في تعطيل حركة المرور والتجوال ومصالح التجار والموظفين».

وانقسم رأي عموم التونسيين أمام حادثة أمس، إلا أن معظم من كانوا قبالة المسرح البلدي بالعاصمة حيث تمت الصلاة، أبدوا وجهات نظر معارضة للصلاة على الرصيف. وشدد أحد هؤلاء ويدعى مقداد الشواشي، على عدم طهارة المكان، مشيرا إلى أن العبادة لها أماكن طاهرة تؤدى فيها الصلاة في كامل الخشوع. واعتبر الشواشي أن العملية موجهة بالأساس لوزارة الداخلية في ما يشبه التحدي بينها وبين التيارات الإسلامية خاصة حزب التحرير الإسلامي الذي لم ترخص له الوزارة بتشكيل حزب سياسي.

بدوره، قال نور الدين البحيري، القيادي في حركة النهضة الإسلامية، التي رخص لها بعد الإطاحة بنظام بن علي «إن بلادنا فيها ما يكفي من المساجد لأداء الصلاة، وما قام به الشباب (أمس) عمل غير مبرر، وهو مضر ولا ينفع». وانتقد البحيري هذا السلوك قائلا «إنه لا يستجيب لأي مقصد من مقاصد الدين، وربما قام به أناس غايتهم بث البلبلة في صفوف التونسيين وإعطاء صورة خاطئة عن الدين». وتابع أن هذا العمل «غايته المغالطة والتشويش والمستهدف منه هو استقرار البلاد وتهديد موعد 24 يوليو (تموز)» في إشارة إلى تاريخ إجراء انتخابات المجلس الوطني التأسيسي. وعبر عن خشيته من أن يكون المقصود من هذا السلوك خلق «ضبابية وخلط في أذهان الناس وإعطاء صورة خاطئة عن الإسلام، وفي كل الأحوال لا يمكن تبرير الصلاة الجماعية في الطريق العام مهما كانت الغاية التي تقف وراءها».

أما محمد الصالح الحدري، مؤسس حزب العدل والتنمية (حزب إسلامي تأسس هو الآخر بعد إطاحة نظام بن علي)، فاعتبر أن «مثل هذه الصلاة لا تجوز إلا عندما لا يتسع المسجد للمصلين مثل ما نراه في بلدان غربية على غرار فرنسا». وأضاف أن إقامة صلاة الجمعة في الطريق العام على غرار ما حصل أمس «مظاهرة سياسية في قالب صلاة»، وهي قد تؤجج الانتقادات ضد التيارات السياسية الإسلامية. إلا أن الحدري نبه إلى نوع «من الكذب» في بث المعلومات المغلوطة خاصة على الشبكة الاجتماعية، بغرض الإضرار بصورة التيارات الإسلامية، وأكد على تضارب نوعين من التطرف في تونس، تطرف اليمين وتطرف اليسار، وأن الغلبة ستكون للوسطيين، على حد تعبيره.

وفي سياق متصل، أصدرت السلطات التونسية أمرا بحبس المتورطين في قضايا فساد والمقربين من الرئيس المخلوع بن علي، من وزراء ومستشارين، في انتظار ما سيقرره القضاء التونسي بشأنهم. كما أصدرت السلطات التونسية قرارا بحبس سليمان ورق الذي كان يشغل مديرا عاما للديوان، وعين بعد ذلك وزيرا للتجارة في عهد الرئيس بن علي. ولم يوجه له القضاء التونسي أي تهمة محددة، لكن مصادر مطلعة بوزارة العدل ذكرت أن إيداع ورق السجن يأتي استجابة لمعلومات عن تسهيلات جمركية وتصاريح استيراد بضائع متنوعة وتمكين أفراد من عائلة بن علي من امتيازات مالية عند توريد البضائع من الخارج.