مثقفون وفنانون مغاربة يطالبون بإقالة وزير الثقافة ويهتفون «المبدع يريد إسقاط الوزير»

الوزارة ترد بأنها خصصت دعما ماليا للجمعيات الثقافية

TT

تظاهر عدد من المثقفين والفنانين المغاربة، أمس، أمام مقر وزارة الثقافة في الرباط، احتجاجا على الوضع الثقافي في البلاد، وطالبوا برحيل بن سالم حميش، وزير الثقافة، وذلك في بادرة غير مسبوقة تقف وراءها 3 مؤسسات ثقافية مستقلة هي: «اتحاد كتاب المغرب» و«بيت الشعر» و«الائتلاف المغربي للثقافة والفنون»، بمساندة من منظمات ثقافية ونقابية أخرى.

وكانت المنظمات الثلاث قد قاطعت الدورة السابعة عشرة للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، التي نظمت الشهر الماضي، وذلك احتجاجا على ما وصفوه بـ«حالة الاختلال التي باتت تطبع السياسة الثقافية في المغرب، وما يميز عمل وزارة الثقافة من تراجع وسوء تدبير وانعدام رؤية ثقافية لأي مشروع ثقافي».

وشارك في المظاهرة عدد من الكتاب والممثلين والمغنيين والملحنين والرسامين من الرباط والدار البيضاء، ورفعوا عدة شعارات من قبيل «المبدع يريد إسقاط الوزير»، و«المثقفون يطالبون برحيل (مجنون الحكم)»، في إشارة إلى عنوان إحدى روايات حميش الصادرة عام 1990. ووصف حسن النفالي، رئيس الائتلاف المغربي للثقافة والفنون المظاهرة بأنها «تاريخية في المشهد الثقافي»، وأعلن أن الاحتجاجات ستتواصل إذا لم تتحقق المطالب، وأنه لا حوار إلا بعد رحيل الوزير.

من جهته، قال محمد الدرهم، عضو المجموعة الغنائية الشهيرة «جيل جلالة» إن الفنانين والمثقفين المغاربة لم «يستنسخوا» المظاهرات الاحتجاجية التي يشهدها العالم العربي، بل إن «مطالبهم قديمة منذ الاستقلال، نظرا لما يعرفه قطاع الثقافة من تهميش»، مشيرا إلى أنه «لا تنمية من دون ثقافة».

وناشد عبد الرحيم العلام، عضو المكتب التنفيذي لاتحاد كتاب المغرب، العاهل المغربي الملك محمد السادس والحكومة، وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي ينتمي إليه حميش، التدخل لوضع حد لما سماه «العبث واللامسؤولية». وانتقد العلام وجود «وزراء بلا مشروع واستراتيجية ثقافية ولا خريطة طريق وبلا أولويات، وزراء يحتقرون الثقافة والمثقفين والفن والفنانين»، على حد قوله.

وأضاف أن مطالب المثقفين والفنانين هي حلقة من ضمن حلقات أخرى للمطالبة بالإصلاح في البلاد. وأوضح العلام أنه تم تحقيق مكاسب كثيرة للمثقفين المغاربة إبان تجربة التناوب السياسي، إلا أنه تم الإجهاز على هذه المنجزات. وقال إن المثقفين يطالبون بـ«مخاطب جديد وجدي ومسؤول».

وكانت المنظمات الثلاث قد انتقدت «انعدام استراتيجية ثقافية وطنية لدى وزير الثقافة تهدف إلى حماية مكتسبات الثقافة المغربية المنتصرة لقيم التعدد والاختلاف والحوار والتسامح»، و«غياب حوار جدي ومنتظم مع الجمعيات الثقافية والفنية والهيئات النقابية»، و«تجميد الخطة الوطنية للقراءة ودعم الكتاب بهدف تعزيز القراءة، وإعادة الاعتبار لها كنشاط ثقافي وتربوي في المجتمع»، و«تجميد سياسة دعم الكتاب التي أثبتت نجاعتها في ترويج الكتاب المغربي». كما انتقدت «إفراغ جائزة المغرب للكتاب من قيمتها الرمزية والاحتفالية وتهديد مصداقيتها لدى عموم الكتاب»، إلى جانب «التقليص من الدعم المالي المخصص للجمعيات الثقافية والفنية».

وفي غضون ذلك، قالت وزارة الثقافة في رد غير مباشر على مطالب الكتاب والفنانين المغاربة، إن الوزارة وقعت العام الماضي اتفاقية مع اتحاد كتاب المغرب وبيت الشعر في شأن الدعم المخصص لهما في العام الحالي، وتم تخصيص دعم للائتلاف المغربي للثقافة والفنون بالإضافة إلى أشكال دعم أخرى تستفيد منها هذه الهيئات في مناسبات مختلفة.

وحول مقاطعة الكتاب والفنانين للمعرض الدولي للكتاب في الدار البيضاء الذي نظم الشهر الماضي، قالت الوزارة إن الدورة السابعة عشرة للمعرض عرفت إقبالا يفوق الـ660 ألفا من الزوار من مختلف الأعمار بينهم نحو 530 ألفا اشتروا التذاكر. وأوضح بيان للوزارة أن 32 مؤسسة وجمعية ثقافية وفكرية من المغرب شاركت في المعرض بأنشطة متميزة تتضمن لقاءات فكرية وتوقيعات للمؤلفين والكتاب. وأشار البيان إلى أن الوزارة نظمت بتعاون مع بعض المؤسسات برنامجا ثقافيا من قرابة 77 لقاء فكريا وثقافيا، تم منه 61 ندوة ولقاء تحت إشراف الوزارة، وألغيت 8 أنشطة لأسباب طارئة ومألوفة في مثل هذه المظاهرات.

وأضافت الوزارة أن الرواق الإيطالي، الذي كان ضيف شرف الدورة، عرف نجاحا هائلا خلال اللقاءات الفكرية والفنية التي تمت به، التي أطرها أدباء ومفكرون ومبدعون إيطاليون ينتمون لكل الأطياف الفكرية والسياسية بإيطاليا إضافة إلى مفكرين ومبدعين مغاربة لهم الاهتمام بالواقع الثقافي الإيطالي.

وتميزت الدورة لأول مرة باعتماد قاعدة معطيات يمكن استخراجها بكل الصيغ الإلكترونية من خلال الموقع الإلكتروني للوزارة أو باستعمال الهاتف الجوال داخل المعرض واستقطبت هذه العملية ما يقارب الـ30 ألف زائر، منهم 12 ألفا قاموا بتحميل مواد القاعدة المعلوماتية. وتم الاتفاق على إعداد ملتقى وطني للحوار حول الشأن الثقافي يدعى إليه كافة الفاعلين في الحقل الثقافي للتفكير في برامج شراكة لإعطاء دفعة للعمل الثقافي الوطني ويتم توضيح معايير الدعم الحكومي للجمعيات والمؤسسات الثقافية من خلال وزارة الثقافة.