سفير فلسطين لدى السعودية: الانقلاب على اتفاق مكة حماقة أفقدتنا الكثير

قال لـ «الشرق الأوسط» أرفع شعار المقاومة ولا أقتل جنديا إسرائيليا واحدا منذ 2009

TT

قال جمال الشوبكي السفير الفلسطيني لدى المملكة العربية السعودية، إن الانقلاب على اتفاق مكة الذي توصلت إليه حركتا فتح وحماس في فبراير (شباط) 2007، كان «حماقة» أفقدت القضية الفلسطينية كثيرا من الدعم الذي كان يمكن أن تقدمه الرياض لو تم الالتزام بالمشروع السياسي الذي أنهى الانقسام الفلسطيني.

ويأتي حديث السفير الشوبكي عن هذا الاتفاق الذي وضع حدا للخلاف الفلسطيني - الفلسطيني بعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية في يناير (كانون الثاني) 2006، في وقت لا يزال فيه الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والتشريعي، معطلا جراء تلكؤ حركة حماس في قبوله وفق المبادرة التي قدمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن).

واتهم السفير الفلسطيني لدى الرياض، قيادات حماس في الخارج، بتعطيل مبادرة الرئيس أبو مازن، التي تسعى للخروج من الأزمة السياسية الحالية والانقسام الفلسطيني المستمر منذ الانقلاب على اتفاق مكة عام 2007.

ووصف الشوبكي الانقلاب في غزة على اتفاقية مكة بأنها كانت «حماقة كبيرة»، قائلا: «الانقلاب على السلطة عمليا أنهى اتفاقية مكة وهي كانت تعني أن تتحمل المملكة المسؤولية الأخلاقية والأدبية والسياسية والمادية في هذا المشروع». وأضاف السفير الفلسطيني: «نحن خسرنا كفلسطينيين من عدم استمرار تبني السعودية لهذا المشروع السياسي.. وجاءت المبادرة المصرية وأنا برأيي أن الرياض كانت داعمة من الخلف للجهد المصري الذي قطع شوطا كبيرا والسلطة وقعت على الورقة المصرية لكن حماس رفضت التوقيع بحجة أن هناك شروطا أخرى».

وشدد الشوبكي على أن الوحدة الوطنية في هذه المرحلة باتت «ضرورة ملحة»، مشيرا إلى أن «أسهل طريقة للوصول إلى الوحدة الذهاب إلى الانتخابات لوجود وجهتي نظر، الأولى انتخب الرئيس على أساسها، والثانية انتخبت على أساسها غالبية لحماس في المجلس التشريعي». غير أن حماس، طبقا للشوبكي، لا ترغب في إجراء الانتخابات الآن، وذلك لأسباب اعتبرها غير مقنعة، قائلا: «هم يريدون إعمار غزة التي تحتاج 3 أو 4 سنوات قبل الانتخابات»، ملمحا إلى أن عدم رغبة حماس من الممكن أن تكون وراء انخفاض شعبيتهم في القطاع، طبقا لاستطلاعات الرأي.

ونبه الشوبكي بشدة على التراجع عن اختيار الانتخابات كـ«خيار». وقال: «الانتخابات طريق واحد لا يجوز الانتقاء فيه.. لا يجوز أن أعمل انتخابات لمرة واحدة فقط كالذي يصعد على السلم ومن ثم يحرقه».

ومن المبررات التي تقف دون قبول حماس بإجراء انتخابات، مسألة الإشراف على الانتخابات. هذا الأمر أيضا اعتبره الشوبكي «مبررا غير مقبول». وقال: «نحن مستعدون لإحضار الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ولجان أوروبية والأمم المتحدة للإشراف على الانتخابات ومن يختاره الشعب الفلسطيني علينا احترامه وتسليمه الراية».

وأكد السفير الفلسطيني أنه «لا توجد ضمانة لأحد بأن الانتخابات المقبلة هي ورقة في جيب الرئيس»، مضيفا: «حينما نتحدث عن الانتخابات لا يعني ذلك أن هناك ضمانة بأن تنجح فتح.. ولكنها الوسيلة لحل الخلاف بين الرئاسة والمجلس التشريعي.. بين برنامجين مختلفين».

وأشار الشوبكي إلى أنه «دون إجراء انتخابات سنبقى في حلقة مغلقة وسيبقى هناك خلاف.. لأن الرئيس يؤمن بطريق انتخب على أساسه.. وحماس تؤمن بطريق آخر.. الرئيس له علاقته العربية والدولية.. وحماس لها علاقاتها الإقليمية في هذا الموضوع، فالحل أن نذهب إلى الشعب وكل شخص يقدم مشروعه».

ودعا الشوبكي لضرورة النظر لمسألة «المقاومة» التي يقوم عليها برنامج حماس السياسي، إلى أنها «وسيلة وليست غاية». وشدد على ضرورة مراجعة جدوى المقاومة في ظل الظروف الحالية. وقال: «الوسيلة يجب أن تراجع بين فترة وأخرى عن مدى جدواها.. أنا أستطيع أن أرفع شعار الكفاح المسلح ضد إسرائيل ولا أستطيع أن أقتل جندي إسرائيلي واحد من 2009 وحتى اليوم.. فأين هي المقاومة.. تصبح في إطارها اللفظي الذي أدفع ثمنه دون أن أحقق شيئا».

واسترجع الشوبكي مسيرة الكفاح المسلح التي قادتها منظمة التحرير الفلسطينية على مدار سنوات، حتى قامت إسرائيل بمحاصرة بيروت واحتلتها كأول عاصمة عربية بعد القدس، ومن ذلك الحين لم تبق أي جبهة مساندة للمقاومة المسلحة التي تحتاج بالأساس إلى هذه الجبهة تدعم بالسلاح والتدريب والإمدادات.

وأوضح الشوبكي أن الهدف الرئيسي في المرحلة الحالية هو وصول الشعب الفلسطيني لحقوقه، وإنهاء الاحتلال، لافتا إلى أن الفلسطينيين الآن ليسوا مع الشعارات القديمة التي تنادي بتدمير إسرائيل، وهو ما جعل الأخيرة تعيش عزلة حقيقية نتيجة السياسة الفلسطينية المرنة.

وعول السفير الشوبكي في نهاية حديثه على الخطوة الفلسطينية المقبلة التي ستتوجه بها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، للحصول على قرار بثلثي الأعضاء بالاعتراف بدولة فلسطينية في حدود 4 يونيو (حزيران) 1967، مشيرا إلى أنه حال الحصول على الاعتراف الدولي فهذا يعني أن يتعامل المجتمع الدولي مع المناطق التي دخلت ضمن اعترافها كمناطق محتلة من قبل إسرائيل وأن الوجود الإسرائيلي فيها غير شرعي وهذا يحدد ملامح الحل النهائي للصراع العربي - الإسرائيلي.