أميركا في سباق مع الزمن لتفادي تعطل أعمال حكومتها

مفاوضات متسارعة لإنقاذ الموازنة وسط خلافات مستعصية بين الحزبين

زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ السيناتور هاري ريد والسيناتورة باتي موراي يتحدثان للصحافة حول مفاوضات الميزانية في الكابيتول هيل أمس (رويترز)
TT

حتى عصر أمس لم تسفر أيام من المفاوضات المكثفة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي عن التوصل إلى اتفاق حول الموازنة الأميركية. وفي حال لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق (المهلة انتهت منتصف الليلة الماضية)، فإن أعمال الحكومة الأميركية ستتعطل لفترة غير محددة. وبينما سهر نواب ومسؤولون في الكونغرس الليلة قبل الماضية حتى الساعة الثالثة فجرا في مشاورات مستمرة بهدف التوصل إلى اتفاق حول قطع الإنفاق العام من أجل حصول موافقة الجمهوريين على ميزانية النصف الثاني من العام المالي الحالي، فشل الطرفان في التوصل إلى اتفاق.

ويقود المفاوضات من جانب الجمهوريين رئيس مجلس النواب جون بينر، بينما يقودها من جانب الديمقراطيين زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ السيناتور هاري ريد. واستمرت المشاورات بين الطرفين يوم أمس، بعد لقائهما الرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض على مدار اليومين الماضيين من دون التوصل إلى نتيجة.

وأعلنت مصادر من الحزب الديمقراطي أن العقبة الأساسية المتبقية هي حول تمويل برامج «تنظيم الأسرة» وخاصة برامج تنظيم عمليات الإجهاض التي يعارضها الجمهوريون ويعتبرها الديمقراطيون من حقوق المرأة.

يذكر أن القوانين الأميركية لا تسمح للحكومة بتمويل برامج متعلقة بالإجهاض ولكن هناك برامج متعلقة بالصحة النسائية التي يريد الجمهوريون قطع الإنفاق الحكومي عليها. وبينما أكدت النائبة الديمقراطية نانسي بيلوسي، التي ترأست مجلس النواب حتى فاز الجمهوريون بانتخابات الكونغرس الخريف الماضي، أن برامج تنظيم الأسرة «العقبة الأساسية» في التوصل إلى اتفاق، نفت مصادر جمهورية عدة ذلك. وألغى أوباما أمس زيارة إلى ولاية إنديانا حيث كان من المتوقع أن يقوم بزيارة تستمر يوما واحدا، كما أعلن عن تعليق زيارته إلى ولاية فيرجينيا اليوم حتى إشعار آخر. وقضى أوباما يومه في البيت الأبيض أمس في اتصالات مع قياديي الكونغرس بالإضافة إلى اتصالات مع وزرائه حول كيفية التعامل مع الأزمة السياسية الحالية.

وقال أوباما مساء أول من أمس إن «هناك عددا من القضايا متبقية، وهي قضايا صعبة ومهمة للجهتين، ولذلك لست مستعدا للتعبير عن التفاؤل الكبير» في حل الأزمة. ولكنه أكد أنه تم إحراز بعض التقدم في اجتماعه مع ريد وبينر مساء أول من أمس، حيث تقلصت الفجوة بين الطرفين من كيفية قطع 73 مليار دولار من الإنفاق العام إلى نحو 38 مليار دولار من الإنفاق.

وفي حال لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق، سيعني ذلك أن 800 ألف موظف أميركي لدى الدولة الأميركية سيعطلون عن العمل إلى حين إنهاء الأزمة، كما أنهم لم يتسلموا رواتبهم حتى ذلك الوقت. وتنص القوانين الأميركية على أنه من غير المسموح لموظفي الحكومة أن يواصلوا عملهم، بما في ذلك الإجابة عن استفسارات المواطنين أو حتى استخدام الهواتف التابعة للحكومة. كما أن الملايين من الأميركيين سيتأثرون لأن الخدمات الحكومية، مثل إصدار الجوازات وجمع الضرائب، ستتعطل. وهناك تبعات للسياح في الولايات المتحدة أيضا، حيث ستغلق المتاحف وجميع الدوائر والمراكز الحكومية.

وتعطيل أعمال الحكومة سيؤثر أيضا على القوات المسلحة الأميركية حيث ستعطل إجراءات دفع الرواتب لهم وهو أمر عبر وزير الدفاع روبرت غيتس عن غضبه حوله. وأكد غيتس خلال زيارته إلى العراق ولقائه مع الجنود الأميركيين هناك بعمله على «حماية حقوقهم». أما بالنسبة إلى وزارة الخارجية الأميركية، فبينما ستعلق أجزاء كبيرة من أعمالها، هناك ترتيبات للسماح ببعض موظفي الوزارة في مواصلة العمل، وهي ترتيبات مشابهة لعمل وزارة الدفاع التي من غير الممكن أن توقف أعمالها خاصة مع التطورات في أفغانستان والعراق والشرق الأوسط بشكل إجمالي.

وحذر أوباما أيضا من تبعات هذه الخطوة على الاقتصاد، قائلا: «سيكون هناك تأثير على الاقتصاد بشكل عام». وأضاف: «لقد عملنا جاهدين خلال العامين الماضيين لتأمين الاقتصاد»، موضحا: «الاتجاه إلى الوراء بسبب فشل واشنطن في العمل بكفاءة أمر غير مقبول».

وتبادل مسؤولون ونواب من الحزبين الاتهامات حول الأزمة السياسية التي وصلت إلى درجة قد تؤدي إلى تعليق عمل الدوائر الحكومية الأميركية للمرة الأولى منذ عام 1995. وقال بينر أمس إن المشاورات ما زالت «محترمة» بين الطرفين، لكنه اتهم الديمقراطيين بعدم الليونة، معتبرا أن «المعركة الكبيرة هي حول الإنفاق». وفي حال تم التوصل إلى اتفاق حول هذه الأزمة، فما زالت المعركة الأكبر بين الطرفين حول ميزانية عام 2012 التي ما زالت معلقة.