درعا تشيع قتلى «جمعة الصمود» وسط أنباء عن فتح قوات الأمن النيران على المشيعين

ناشط يعلن ارتفاع حصيلة قتلى الجمعة إلى 37 قتيلا في أنحاء سورية

آلاف السوريين خرجوا إلى شوارع درعا للاحتجاج ضد السلطة في سورية أول من أمس (أ.ب)
TT

في وقت وردت فيه أنباء عن إطلاق قوات الأمن الرصاص على مدنيين في درعا تجمعوا لتشييع قتلاهم الذين سقطوا أول من أمس، اتضح أن عدد قتلى «جمعة الصمود» ارتفع إلى 37 شخصا في درعا وحمص وريف دمشق، بحسب ما أعلن مدير منظمة حقوقية.

وفي درعا، نقلت وكالة «رويترز» عن شاهدين أن قوات الأمن السورية فتحت النار على المشيعين بالقرب من المسجد العمري عقب جنازة ضخمة للقتلى من المحتجين المؤيدين للديمقراطية. وأضافت أن قوات الأمن استخدمت الذخيرة الحية وقنابل الغاز لتفريق آلاف السوريين الذين كانوا يرددون هتافات مطالبة بالحرية بعدما تجمعوا بالقرب من المسجد الواقع في الحي القديم من المدينة قرب الحدود مع الأردن.

وكان ناشط حقوقي أكد ظهر أمس في اتصال هاتفي من درعا مع وكالة الصحافة الفرنسية أن «سكان درعا يتحضرون لدفن 17 شخصا قتلوا أثناء المظاهرات أمس (الجمعة)» مشيرا إلى أن العدد «قد يتجاوز 27 شخصا عند إضافة قتلى القرى المجاورة» لدرعا (100 كلم جنوب دمشق).

وقالت مصادر محلية في درعا إن التشييع خرج من الجامع العمري ولم يكن ظاهرا للعيان وجود أي رجل أمن أو جيش أو شرطة، كما تحدثت المصادر المحلية عن مشاهدة تحرك للجيش نحو عدة مدن في حوران التي ما زالت فيها اعتصامات ومنها مدينة جاسم وإنخل ونوى. إلا أن مصادر شبه رسمية قالت إن الرصاص أطلقه الأهالي تكريما لأرواح القتلى. واتهم ناشطون عبر «فيس بوك» السلطات بأنها تحاول جرّ المحتجين وأهالي درعا البلد «لحمل السلاح بشتى الوسائل»، وقالوا إنه «ليلة أول من أمس تم وضع بعض الأسلحة في حدائق بعض البيوت كي يأخذها الأهالي». كما اتهموا رجال أمن «بدس عناصر من الأمن بلباس مدني بين المتظاهرين وهم مسلحون كي يقنعوا بعض الشباب بحمل السلاح».

كما تواردت أنباء غير مؤكدة عن سماع إطلاق نار كثيف ورؤية دخان يتصاعد من المنطقة في محيط الجمرك في درعا البلد حيث قام محتجون على دراجات نارية، بالتظاهر بالقرب من جامع بلال والجمارك، وترديد هتافات للحرية. وقال ناشطون إنه «على أثر ذلك قامت قوات الأمن في محيط جمرك درعا البلد بإطلاق النار عليهم وتم تطويق المكان بحيث لم يسمح لأحد بالاقتراب». ووردت أنباء عن سقوط قتيل وعدد من الجرحى في ذلك المكان. وفي حمص، لا تزال الأجواء متوترة مع دخول البدو من سكان المدينة على خط الاحتجاجات والمظاهرات بعد مقتل نحو عشرة من أبنائها خلال مظاهرات أول من أمس. برز أمس على الساحة الحمصية قبائل الفواعرة والعقيدات وبنو خالد في صفوف المحتجين. وينظر أهالي حمص إلى هذا التطور الخطير بكثير من القلق، لأن البدو كانوا على الدوام يحظون بمراعاة خاصة من السلطات إلى حد التغاضي عن حيازتهم للسلاح. والأمر يصبح أكثر خطورة في حالات الثأر والانتقام. ويوم أمس، أقام المحتجون في منطقة باب عمرو ذات الأكثرية البدوية، صلاة الظهر في الشارع. وفي محافظة اللاذقية ذكرت مصادر محلية أن السلطات شنت حملة اعتقالات واسعة في مدينة جبلة الساحلية التي شهدت مظاهرات ضخمة يوم الجمعة وقالت المصادر إن البحث ما زال جاريا عن مطلوبين. كما نقلت وكالة «رويترز» عن مقيمين في المدنية، أن قوات الأمن السورية استخدمت الذخيرة الحية لفض احتجاجات مطالبة بالديمقراطية شارك فيها المئات الليلة الماضية في منطقة سنية في اللاذقية مما أسفر عن إصابة العشرات ويحتمل سقوط قتلى. ونقلت عن شاهد أن شاحنات أطلقت مدافع المياه في حي الصليبة بمدينة اللاذقية الميناء الرئيسي في سورية الذي يبعد 330 كيلومترا شمال غربي العاصمة دمشق. وجاء ذلك في وقت أعلن فيه رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان عمار قربي لوكالة الصحافة الفرنسية في اتصال هاتفي من القاهرة، أن «37 شخصا لقوا حتفهم الجمعة في سورية خلال مظاهرات احتجاجية في درعا (جنوب) وحمص (وسط) ودوما وحرستا (ريف دمشق)». وأوضح قربي أن «30 شخصا لقوا حتفهم أثناء المظاهرات في درعا» وقدم لائحة بأسماء جميع القتلى. وقال إنه في حمص، «تأكدت المنظمة من ثلاثة قتلى وجريحين». وأوضح قربي أن «السلطات السورية قامت بتفريق مظاهرة بدأت من المسجد الكبير ثم تزايد العدد ليواجه المتظاهرون بقمع السلطات واستخدام الذخيرة الحية الأمر الذي أدى إلى سقوط ضحايا». وأضاف: «في ريف دمشق أدى استخدام السلطات السورية للذخيرة الحية وإطلاق الرصاص العشوائي لتفريق المظاهرات إلى سقوط ثلاثة قتلى في مدينة حرستا وقتيل في دوما إضافة لجريحين». وأشار إلى «حملة اعتقالات عشوائية قامت بها السلطات السورية في صفوف المتظاهرين وبمداهمات لمنازل المواطنين خاصة في مدينة درعا بذريعة البحث عن عصابات مسلحة». وتحدث قربي أيضا عن «تفريق مظاهرة في وقت متأخر من الليل بمنطقة الصليبة (اللاذقية) وسماع الأعيرة النارية، إلا أنه لا توجد معلومات موثقة عن ضحايا». وأضاف قربي أن «المظاهرات انطلقت من درعا وريفها وصولا إلى دمشق وريفها (حرستا ودوما والمعصمية وكفر بطنا) إضافة إلى حمص وحماة والسلمية واللاذقية وبانياس وجبلة وبعض أحياء حلب ومحافظة الحسكة في القامشلي والدرباسية وعامودا». واعتبر رئيس المنظمة أن ما يجري في سورية «يشكل انتهاكا صارخا وواضحا للحقوق والحريات لأغلبية الشعب السوري الذي يحتاج منا وقفة صادقة ومعبرة من أجل تعزيز صمود الشعب المنتهكة حريته بالتظاهر والاعتصام وصولا لتحقيق مطالبه بالإصلاح والتغيير». وطالب السلطات السورية «بالكف عن التعتيم ومضايقة الصحافيين» داعيا إلى «فتح جميع المناطق السورية أمام الصحافة والسماح للفضائيات التلفزيونية بالتصوير ونقل الحقائق إضافة لإعطاء الإذن لوفود الصحف الأجنبية والعربية الذين ينتظرون الموافقة على دخول الأراضي السورية».

وشددت المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في بيان أمس على «ضرورة استبدال الخيار الأمني المعتمد بخيار الاستجابة لمطالب المتظاهرين، عبر السماح لهم بالتظاهر السلمي وإطلاق مئات المعتقلين على خلفية تلك المظاهرات». وطالبت «بإعادة الاعتبار للمواطنة والحرية بدلا من استبداد النظام ومواجهة آيديولوجيات حالة الطوارئ بحرية التعبير والرأي والتنظيم والتظاهر والتصدي للفساد والتوزيع العادل للثروة والعدالة الاجتماعية».