أطفال ليبيون جنود للقذافي في معركته مع الغرب

يخرجون من مدارسهم طوال النهار حاملين صور العقيد الليبي ويرددون هتافات تشيد بإنجازاته

TT

قطب رجل يسير في شارع بطرابلس ويحمل كيسا مملوءا بخبز طازج جبينه عندما رأى تجمهر أطفال يرددون هتافات تشيد بـ«الأخ القائد معمر القذافي». وبينما سمع في طرابلس دوي انفجارات ناجمة على ما يبدو عن الضربات الجوية التي تشنها طائرات حلف شمال الأطلسي كانت حافلة تنقل مئات الأطفال إلى ميدان أمام مكتب الأمم المتحدة وأعطي كل منهم أعلام الثورة الليبية الخضراء وطلب منهم ترديد شعارات مناهضة للغرب.

وقال الرجل وهو يهز رأسه: «الأطفال أحضروا إلى هنا. هذا ما يتعلمونه.. يهتفون طوال النهار بدلا من الدراسة». وقال إنه أيد القذافي دائما لكنه منزعج لأن السلطات تركت ليبيا تنزلق إلى حرب أهلية. وقال الرجل «(رئيس الوزراء البريطاني ديفيد) كاميرون مشكلة، إنه يقصف ليبيا» في إشارة إلى مشاركة بريطانيا في حملة حلف شمال الأطلسي ضد ليبيا. ولكنه تابع قائلا وهو يشير إلى الأطفال: «لكن هذه أيضا مشكلة».

والقذافي موجود في السلطة منذ أكثر من أربعة عقود وشب جيلان تحت حكمه الحديدي. وفي دولة متوسط السن فيها نحو 24 عاما لا يعرف معظم الليبيين زعيما آخر غير القذافي. وربما شجع تمرد في شرق ليبيا الليبيين هناك على التحدث عن التغير الديمقراطي ولكن هنا حيث معقل القذافي تلقي عبادة الشخصية بثقلها بشدة على أذهان الناس.

وصور القذافي التي يظهر فيها مرتديا زيا عسكريا والضوء يشع من ورائه معلقة في كثير من البيوت. ويقوم جنود لفوا رؤوسهم بعمامات خضراء بدوريات في الشوارع. ويذيع التلفزيون الليبي الأغاني الوطنية ويبث صورا لدبابات ليبية تتحرك في الصحراء. وردد مئات الأطفال الذين كانوا يرقصون بينما تراقبهم أعين المدرسين ومرافقيهم من المسؤولين هتاف «تسقط.. تسقط أميركا» وأطلقوا الألعاب النارية أمام بوابة مكتب الأمم المتحدة. وحمل بعضهم صور القذافي المحاطة بإطار من الذهب. وحث الكبار الأطفال على تقبيل صورة الزعيم أمام كاميرات التلفزيون.

وأمام مقاه توقف مارة يمسكون بأكواب يتصاعد منها البخار لمشاهدة موكب الأطفال في حيرة. ولم يبال معظم الأطفال على ما يبدو بما يقومون به. وبالنسبة لهم فإن سيطرة القذافي ليست شيئا جديدا في بلد يتعين عليهم فيه دراسة أقواله المأثورة في «الكتاب الأخضر».

وبينما تعمل آلة الدعاية طوال الوقت لتدعيم صورة الدولة القوية فإن الحرب والضربات الجوية الغربية المستمرة منذ أسابيع أضعفت فيما يبدو قبضة القذافي في أذهان شعبه. وكانت المعارضة واضحة دائما حتى في الأحداث التي تخضع لأشد درجات الرقابة. فالناس تتحدث عن الرقابة بدرجات متفاوتة من الانفتاح قائلة إن الوقت حان لرحيل القذافي.

وقال صاحب مكتبة: «الناس تحتاج إلى أمل في التغيير.. لا شيء آخر يمكن أن يقال». وقال علي وهو صاحب متجر لبيع الملابس إنه لا يستطيع أن يتسامح مع حكومة أعطت أوامر بإطلاق الرصاص على شعبها أثناء احتجاجات سلمية مناهضة للحكومة في فبراير (شباط) الماضي مما أدى إلى سلسلة من الحوادث في بداية الانتفاضة التي أدت إلى الحرب. وقال: «كنت أحب القذافي لكن أناسا كثيرين قتلوا». وأضاف: «كل شيء تغير. التجارة كانت جيدة قبل فبراير. لا نستطيع أن نحيا هكذا.. الأمور يجب أن تتغير». وما زال نفوذ القذافي قويا في طرابلس في الظاهر. ويتحاشى الناس أن يرى أحد اتصالهم بصحافيين أجانب. وكتبت على لافتة باللغة الإنجليزية في وسط الميدان الأخضر: «ساركوزي وكاميرون وأوباما قتلة من أجل البترول». والصورة لا تتغير في جامعة الفاتح. فقد نقل مئات من الطلبة وبعضهم تسربل بأعلام ليبيا الخضراء إلى الجامعة من أرجاء طرابلس للاحتفال بحكم القذافي يوم الخميس الماضي. وردد طالب في مدرسة عليا هتافا يقول: «نحب القذافي ونكره العالم». وأضاف: «نود أن نقتل أعداءنا».