اتفاق «تاريخي» في أميركا جنب شلل الحكومة الفيدرالية

مفاوضات أسبوع أثمرت خفضا في الصرف الحكومي بنحو 40 مليار دولار

مراسلون إعلاميون ينتظرون في الكابيتول هيل قبيل إعلان التوصل إلى اتفاق الليلة قبل الماضية (أ.ف.ب)
TT

توصل الديمقراطيون والجمهوريون في الكونغرس الأميركي في واشنطن إلى اتفاق، وصف بـ«التاريخي»، ويسمح بتجنب شلل الحكومة الفيدرالية الأميركية قبل أقل من ساعة على انتهاء المهلة المحددة، منتصف ليل الجمعة - السبت. فعلى الساعة الحادية عشرة ليلا، ظهر رئيس مجلس النواب، الجمهوري جون بونر، أمام كاميرات التلفزيون، ليعلن عن التوصل إلى الاتفاق، بينما كان مبنى الكونغرس شبه مهجور، بعد فشل مشروع قرار مشترك من قبل مجلسي الشيوخ والنواب، والاعتماد على القادة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي للوصول إلى حل.

وقال بونر: «يسرني أن أعلن أن السيناتور ريد (زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ)، وأنا، والبيت الأبيض، قد تمكنّا من التوصل إلى اتفاق لخفض الصرف في الميزانية الحكومية، وللمحافظة على استمرار العمل الحكومي».

وكان مجلس الشيوخ وافق، مساء، على مشروع قانون لتستمر المكاتب الحكومية مفتوحة لمدة أسبوع. وكان مجلس النواب يريد أن يفعل نفس الشيء، لكن اتفاق منتصف الليل قرر إجازة ما تبقى من ميزانية السنة المالية حتى 30 سبتمبر (أيلول) المقبل.

وبعد دقائق من بيان بونر، ألقى الرئيس باراك أوباما خطابا قصيرا، قال فيه: «نصب واشنطن التذكاري، وكذلك مكاتب الحكومة الاتحادية بأكملها، ستكون مفتوحة». وأكد أوباما أن الاتفاق حول الميزانية يتضمن اقتطاعات «مؤلمة»، لكنه رأى أن الولايات المتحدة يجب أن تعيش بوسائلها. وقال الرئيس الأميركي: «كما يحدث في كل تسوية صالحة، اضطر الجانبان لاتخاذ قرارات صعبة والتنازل بشأن قضايا مهمة في نظر كل منهما. ستتأخر مشاريع ضرورية للبنى التحتية». وأضاف أنه «ما كنت سأقوم بهذه الاقتطاعات في أوقات أفضل».

وقال مساعدون في الكونغرس إن الاتفاق النهائي، إذا تمت الموافقة عليه، سيخفض الصرف الحكومي لما تبقى من السنة المالية بنحو 40 مليار دولار. وكان الديمقراطيون يريدون خفض مليارات أقل، لكنهم وافقوا على طلب الجمهوريين مقابل عدم تخفيض ميزانية مجموعة تنظيم الأسرة التي تخدم ملايين النساء، وخاصة الفقيرات منهن، في مجالات الحمل والولادة والإجهاض.

ومع ذلك، فإن الجمهوريين فازوا في إدراج بند يمنع أن تصرف أموال حكومية على عمليات إجهاض في واشنطن العاصمة، حيث توجد نسبة كبيرة من النساء الفقيرات السوداوات. وظل الجمهوريون ينتقدون ما يرونه انحلالا أسريا وسط السود، الذين يشكلون أغلبية في واشنطن العاصمة.

وجاء هذا الاتفاق بعد مفاوضات شاقة استمرت أسبوعا بين بونر والبيت الأبيض وزعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، هاري ريد. ووصف ريد الاتفاق بـ«التاريخي». ووافق المعارض الرئيسي للنص في مجلس الشيوخ، زعيم الأقلية، ميتش ماكونيل على رأي ريد، لكنه قال على الفور إن المعركة لم تنته بعد بين الحزبين في الكونغرس. وقال: «عندما ننجز هذه العملية في نهاية الأسبوع المقبل، فسننتقل إلى مناقشة أوسع تتعلق بكيفية توفير آلاف المليارات»، في إشارة إلى مستقبل المناقشات حول ميزانية 2012 التي قدمها أوباما.

وأضاف أن رفع سقف الدين الأميركي أكثر من 14 ألف مليار دولار يجب أن ترافقه إجراءات «واضحة» لتسوية مشكلة هذا الدين القياسي. ويفترض أن يشغل هذا النقاش الحساس جدا أعضاء الكونغرس خلال الجزء الأكبر من مايو (أيار) المقبل.

وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن الجمهوريين، على الرغم من أنهم لم يحققوا كل ما يريدون، فإنهم أثبتوا قوة جديدة لهم في واشنطن، بعد أن اكتسحوا انتخابات الكونغرس في السنة الماضية. وأيضا، أثبت وجود ذلك الجناح المحافظ (حزب الشاي) في الحزب الجمهوري. وقال النائب داريل عيسي (جمهوري من ولاية كليفورنيا): «هذا نصف ما كنا نأمله. لكن، في الديمقراطية، لا بد من حلول وسطى».

وكان الجمهوريون، بقيادة نواب من حزب الشاي، طلبوا أن تكون التخفيضات سبعين مليار دولار. وقال ولي كوهيرت (جمهوري من ولاية تكساس): «أنا غير راض. في حملة انتخابات الخريف، وعد الجمهوريون بخفض مليارات أكثر». وأضاف: «هل وعدنا بتخفيض أربعين مليارا؟ لا أعتقد. وعدنا بتخفيض ضعفي ذلك».

وأشار مراقبون إلى أن بعض قادة الحزب الجمهوري قالوا إنه لا بد من عدم التركيز على الميزانية الحالية التي ستنتهي قريبا، والتركيز على ميزانية العام المالي المقبل. وأنهم دعوا إلى تخفيضات أكثر في الميزانية الحكومية لتكون جملتها ستة تريليونات دولار خلال عشر سنوات.