خدام: السوريون لا يحتاجون إلى دعم عسكري للتخلص من النظام.. وسقوط الأسد لن يؤدي لولادة نظام متطرف

قال لـ «الشرق الأوسط» إن السلطات تؤجج الاحتقان الطائفي وإن تركيا لا تريد أكثر من الإصلاح

TT

قال عبد الحليم خدام، النائب السابق للرئيس السوري الذي انشق عن النظام السوري عام 2005، إن على الدول الغربية أن لا تتخوف من أن يؤدي سقوط الرئيس بشار الأسد إلى ولادة نظام إسلامي متطرف. وقال لـ«الشرق الأوسط» خلال زيارة إلى بروكسل، أمس، إن «المطلوب من الأطراف الدولية أن تتوقف عن إعلان الخوف من تسلم التطرف الأصولي قيادة سورية، فالسوريون - مسلمين ومسيحيين - متدينون ولكنهم ليسوا متعصبين، والأمر الذي يجب أن يدركوا خطورته أن تغطية النظام تحت هذا العنوان واستمرار النظام في قمعه واستبداده سيؤدي إلى تحول الاعتدال إلى تعصب».

ورأى أن «المطلوب من هذه الدول أن تساعد في تشكيل لجنة تحقيق دولية وإحالة ملف التحقيق إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة الذين أمروا وخططوا ونفذوا عمليات القتل، وليس المطلوب القيام بعمليات عسكرية». وقد قتل 40 شخصا على الأقل منذ بدء المظاهرات في سورية منتصف الشهر الماضي، وجرح عشرات غيرهم، برصاص قوات الأمن.

وأكد خدام، الذي كان قد وصل إلى بروكسل أواخر الأسبوع الماضي لعقد ندوة صحافية تناول خلالها التطورات في بلاده، أن «السوريين لا يحتاجون إلى أي تدخل عسكري دولي لمساعدتهم على التخلص من النظام». ولكنه أضاف أن «تركيا لديها رؤية حول موضوع الإصلاح في سورية، ولكن الأمر الذي قد لا توافق عليه القيادة التركية، هو إسقاط النظام وبناء نظام جديد».

واتهم خدام النظام السوري الحالي بـ«الإسهام في تأجيج الاحتقان الطائفي» في البلاد. وأشار في لقائه مع الصحافيين في أحد فنادق العاصمة البلجيكية، بروكسل، إلى أن سورية لم تعرف أي احتقان طائفي من قبل، «لكن ممارسات النظام الحالي أدت إلى هذا الوضع».

وعبر خدام عن قناعته بأن «الشباب السوري سيواصل احتجاجاته وسيحقق أهدافه»، فـ«ليس لهؤلاء الشباب أي علاقة بأي حزب أو أي مجموعة من أي نوع كان». ووجه سيلا من الاتهامات إلى السلطات السورية بـ«الفساد، والانفراد بالسلطة، وقمع الحريات، وضعف الإدارة الاقتصادية»، مما أدى إلى تحرك الشباب، «يضاف إلى ذلك نجاح ثورتي تونس ومصر».

وأوضح أن «كافة أطراف المعارضة تدعم التحرك السلمي في الشارع السوري، كما أنها لا تقبل أي تدخل خارجي في شؤون البلاد». واتهم خدام الرئيس السوري بـ«تقديم الدعم إلى نظام العقيد معمر القذافي»، منتقدا في الوقت نفسه، مواقف الدول العربية، وقال: «إن الدول العربية التي تدعم المعارضة الليبية، هي نفسها، من يدعم الرئيس الأسد».

وردا على سؤال يتعلق بماضيه السياسي، حيث كان لسنوات طويلة أحد أهم وجوه النظام السوري، قال خدام إنه تقدم بالنصح للرئيس السوري وزوده بالكثير من الاقتراحات لمعالجة الوضع، «ولكن الرئيس بشار تجاهل كل اقتراحاتي». وزعم أن قراره الخاص بالانشقاق عن النظام السوري، جاء «حرصا على بلاده سورية». وعبر خدام عن استعداده للخضوع للمحاكمة، مشيرا إلى أنه لا يخشى الدفاع عن نفسه تجاه أي تهمة يمكن أن توجه إليه.

ورأى خدام أن «أزمة سورية الحقيقية تكمن في طبيعة النظام الذي يحكم سورية منذ 4 عقود مستأثرا بالسلطة ومنفردا بالقرار ومهمشا دور الشعب مستخدما كل وسائل القمع ومؤسساته؛ مما أدى إلى بروز الاحتقان الطائفي». وقال: «المسألة ليست مسألة لعب بالوقت أو اتخاذ قرار لإرضاء هذا الاتجاه أو ذاك في محاولة لامتصاص الاحتقان الشعبي، المسألة تكمن في حقيقة لا عوض عنها، وهي تغيير هذا النظام ومحاسبة مسؤوليه والعودة إلى مسار الديمقراطية الذي أسسه الآباء السوريون الذين بنوا دولة الاستقلال وأطاحت بها الانقلابات العسكرية».

وعبر خدام عن اعتقاده بأن النظام سيتغير، وقال: «من وجهة نظري، الأمر سيتحقق، وطبيعي أن يمر السوريون بسلسلة من المراحل، ولكنها كلها ستصب في تحقيق الهدف النهائي، والتباين في الشعارات أحيانا دون الانتقال المباشر إلى إعلان الهدف الرئيسي، ناجم عن طبيعة المرحلة والظروف المعقدة التي مر بها الشعب السوري»، وأضاف: «لكن العبارة المتفق عليها بين الجميع هي عودة الحرية وإنهاء آليات الحكم الاستبدادي؛ وبالتالي التغيير.. يجب أن لا ننسى حالة الخوف التي كانت لدى السوريين بسبب إرهاب المؤسسات الأمنية من أعمال اعتقال وقتل وسجن، ونرى اليوم أن شباب سورية هم الذين حطموا جدار الخوف».

وأشار إلى أن المظاهرات هي «مشاهد غير مألوفة لدى السوريين منذ قرابة نصف قرن، وبالتالي فإن مراحل تطور مواجهات النظام هي التي ستحدد طبيعة كل مرحلة». وأضاف: «هذه الثورة أطلقها شباب سورية لا الأحزاب أو الجماعات، وهؤلاء من مختلف الانتماءات السياسية والفكرية، وعلينا أن نساعدهم في أن يستخلصوا متطلبات كل مرحلة وأن يكون الجميع عونا لهم وليس عبئا عليهم».