القذافي ينفي مرضه ويظهر مجددا في طرابلس.. ويكافئ مدرسة ابتدائية بوسام الشجاعة

رئيس التلفزيون الحكومي قال لـ «الشرق الأوسط» إن العقيد الليبي أراد دحض الإشاعات

TT

نفى أمس الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، ضمنيا، إشاعات وتقارير عن مرضه أو تعرضه لوعكة صحية، وعاد إلى الظهور العلني مجددا بعد طول غياب في العاصمة الليبية طرابلس، حيث بث التلفزيون الحكومي الليبي لقطات مصورة للقذافي وهو يزور برفقة حراسه الشخصيين مدرسة جيل الوحدة للتعليم الابتدائي بمدينة زنانة في الضاحية الشرقية لمدينة طرابلس.

وقال علي الكيلاني، رئيس التلفزيون الحكومي الليبي، لـ«الشرق الأوسط»، أن زيارة القذافي استهدفت طمأنة تلاميذ المدرسة التي تعرضت قبل ثلاثة أيام لما وصفه بالترويع بقنبلة صوتية عبر طلعة جوية من إحدى الطائرات التابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو). وظهر القذافي في اللقطات التلفزيونية مرتديا زيا تقليديا بني اللون، ويضع نظارة شمسية، وهو يدخل المدرسة محاطا بحرس خاص يرتدي الزي المدني.

وقال التلفزيون الحكومي إن المدرسين والمعلمين التحموا مع القذافي الذي صافح التلاميذ قبل أن يأمر بمنحهم مع معلميهم وسام الشجاعة، مشيرا إلى أنه على الرغم من مواصلة من وصفهم بالصليبيين اختراق حاجز الصوت بطائراتهم فوق هذه المدرسة لتخويف تلاميذها، فإن هؤلاء التلاميذ تحدوا العدوان والإرهاب واستمروا في دراستهم دون توقف أو انقطاع.

وبدا القذافي مرتين وهو يشير بإصبعه على السبورة إلى التاريخ أمس، في محاولة للتأكيد على أن الزيارة تمت فعلا في هذا التاريخ. وردد التلاميذ هتافات «الشعب يريد معمر العقيد»، و«طز مرة ثانية في أميركا وبريطانيا»، قبل أن يغادر القذافي المدرسة في سيارته البيضاء، بينما سادت حالة من القلق والوجوم وجوه حراسه.

ولم يدل القذافي بأي تصريحات على الإطلاق، مكتفيا فقط بالابتسام وهو يصافح تلاميذ هذه المدرسة الابتدائية، فيما بدا أنه بمثابة رد عملي على إشاعات وتكهنات صحافية اعتبرت أن غيابه منذ الرابع من الشهر الحالي هو بمثابة دليل على أن القذافي مريض، أو أنه تعرض لوعكة صحية مفاجئة.

وقال رئيس التلفزيون الليبي لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من طرابلس، إن ظهور القذافي على هذا النحو يؤكد عدم صحة هذه الإشاعات، معتبرا أن الأمور طبيعية وعادية في العاصمة طرابلس على الرغم من القصف الجوي والصاروخي الذي تشنه طائرات تابعة للتحالف الغربي وحلف الناتو فوق العاصمة طرابلس. واعتبر الكيلاني أن هذه الطلعات الجوية لا تخيف الشعب الليبي الملتف حول قائده القذافي، على حد تعبيره، مشيرا إلى أن ليبيا قادرة على هزيمة أعدائها.

وجاء ظهور القذافي قبل يوم واحد من اجتماعه المقرر اليوم (الأحد) مع اللجنة الخماسية المشكلة من الاتحاد الأفريقي، للبحث عن حل سياسي للأزمة المحتدمة في ليبيا. وقال مسؤول ليبي لـ«الشرق الأوسط» إنه من المنتظر أن يجتمع أعضاء اللجنة أيضا مع كل من الدكتور البغدادي المحمودي رئيس الحكومة الليبية، ووزير الخارجية الجديد عبد العاطي العبيدي. وكان مقررا أن يجتمع في العاصمة الموريتانية نواكشوط قبل توجههم إلى طرابلس، أعضاء هذه اللجنة التي تضم خمسة رؤساء دول أفريقية، هم محمد ولد عبد العزيز (موريتانيا) وأمادو توماني توريه (مالي) ودينيس ساسو نغيسو (الكونغو) وجاكوب زوما (جنوب أفريقيا) ويوري موسيفيني (أوغندا).

وبينما وصل الرئيس المالي أمادو توماني توري برفقة نظيره الكونغولي دينيس ساسو نغيسو إلى نواكشوط للمشاركة في الاجتماع، فقد علمت «الشرق الأوسط» أن الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني قد اعتذر عن عدم الحضور، وأوفد وزير خارجيته هنري أوريم أوكيلو إلى نواكشوط على رأس وفد رسمي.

كما وصل رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما إلى العاصمة الموريتانية للمشاركة في هذا الاجتماع الذي تعول عليه السلطات الليبية في محاولة كسر عزلتها وإظهار تأييد الدول الأفريقية لمقترحاتها الخاصة لإنهاء الأزمة الليبية وفقا لما تطرحه طرابلس. لكن المجلس الانتقالي الوطني الممثل للثوار المناهضين للقذافي قال في المقابل إنه لا يرى ضرورة لعمل هذه اللجنة الأفريقية إلا إذا كانت ستستهدف محاولة إقناع العقيد القذافي بالتخلي عن السلطة.

وقال مسؤول من المجلس لـ«الشرق الأوسط» هاتفيا من بنغازي، إن لدى الثوار شكوكا كثيرة في نوايا هذه اللجنة وطبيعة عملها بالنظر إلى ما وصفه بحقيقة تلقي القذافي دعما لوجيستيا وعسكريا من بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي. وأضاف «لدى القذافي مرتزقة من أفريقيا يقومون بقتل الشعب الليبي. بعض الحكام والرؤساء الأفارقة يجنون المال مقابل تزويد النظام الليبي بالمرتزقة والمقاتلين والسلاح.. هذا معروف للجميع، لذا لا نتوقع الكثير من أي تحرك أفريقي».

وتعرض الاتحاد الأفريقي الذي أسهم القذافي في تدشينه قبل سنوات، إلى انتقادات كثيرة لعدم وضوح موقفه تجاه نظام القذافي، كما امتنع الاتحاد ومعظم دوله عن توجيه أي انتقادات لاستخدام القذافي السلاح في مواجهة المظاهرات السلمية التي اندلعت للمطالبة بتخليه عن الحكم في مختلف المدن الليبية اعتبارا من السابع عشر من شهر فبراير (شباط) الماضي. ويشار إلى أن هذه اللجنة التي شكلها مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي في اجتماعه المنعقد الشهر الماضي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا تهدف لإيجاد تسوية سلمية للأزمة السائدة حاليا في ليبيا.