المجلس العسكري: سنتصدى بحزم وقوة لعناصر الثورة المضادة من أجل عودة الحياة إلى طبيعتها

قتيل و71 جريحا في مصادمات بين الجيش والمتظاهرين بميدان التحرير

TT

قال المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم في مصر أمس إنه سيجلي المحتجين من ميدان التحرير بوسط القاهرة بحزم وقوة للسماح بعودة الحياة إلى طبيعتها. وحمل ضابط رفيع في الجيش، في مؤتمر صحافي، مسؤولية المشكلات التي وقعت الليلة الماضية في ميدان التحرير لعناصر دعمت الثورة المضادة، في إشارة إلى المؤيدين لإدارة الرئيس المخلوع حسني مبارك.

ونفى المجلس الأعلى إطلاق أفراد من القوات المسلحة النار على المعتصمين بميدان التحرير أول من أمس، وشدد المجلس على عدم صحة ما تردد عن أن القوات المسلحة استخدمت الذخيرة الحية ضد المتظاهرين، مضيفا أن عناصر القوات المسلحة داخل ميدان التحرير وقت وقوع الأحداث لم تكن مسلحة أصلا.

وقال التلفزيون المصري، مساء أمس: إن المجلس دعا الشباب لسرعة تشكيل أحزاب سياسية تمثلهم وتتحدث بالنيابة عنهم، وأكد تطبيق أحكام قانون البلطجة على الخارجين، واسترداد جميع المقار والأصول التي في حيازة الحزب الوطني الحاكم سابقا، وإجراء تغييرات لبعض المحافظين، وتحديد موقف المجالس المحلية في ضوء قانون الإدارة المحلية الجاري.

كما دعا المواطنين لمشاركة الشرطة في إعادة الأمن للشارع المصري وتحقيق أمن الوطن، وأكد بقاء عصام شرف رئيسا لمجلس الوزراء، نافيا صحة ما تردد أمس عن تقديم شرف استقالته، مضيفا أن اجتماعا جرى في وقت سابق بين المجلس ومجلس الوزراء تم خلاله استعراض جميع الأمور في الوقت الراهن.

وجاء في المؤتمر الصحافي الذي عقده عضوا المجلس العسكري اللواء عادل عمارة، مساعد وزير الدفاع، واللواء إسماعيل عتمان، مدير الشؤون المعنوية، نفي بأن تكون القوات المسلحة قد رفضت سفر الرئيس السابق حسني مبارك إلى الخارج لتلقي العلاج بناء على توصية وتقرير من فريق طبي أردني زاره بمقر إقامته بشرم الشيخ، وأن الفريق الطبي قال، بحسب ما رددته مواقع إخبارية: إن حالة الرئيس السابق تعاني تدهورا وتستدعي العلاج في الخارج، وتحديدا ألمانيا، وأكد المجلس أنه «يسمع بذلك للمرة الأولى».

وأوضح أنه تم إلقاء القبض على 42 متهما يجري التحقيق معهم بينهم 8 أشخاص يرتدون زيا عسكريا، و3 أجانب. وجاء ذلك بعد أن كان نحو 3 آلاف مصري قد تظاهروا على مدار يوم أمس في ميدان التحرير بوسط العاصمة المصرية القاهرة احتجاجا على ما قالوا إنه محاولة قامت بها القوات المسلحة فجر أمس لـ«فض اعتصامهم» بالقوة، مما أدى إلى مقتل شخص واحد وإصابة 71 آخرين بحسب بيانات وزارة الصحة المصرية، بينما يقول المتظاهرون إن عدد القتلى هو 3 بينهم اثنان من ضباط الجيش الذين أعلنوا تضامنهم مع المعتصمين وشاركوا في المظاهرة المليونية يوم الجمعة الماضي بملابسهم الرسمية حاملين بطاقات هوياتهم العسكرية في أيديهم ليؤكدوا انتماءهم للجيش المصري.

وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»: إن استخدام القوة من جانب الشرطة العسكرية جاء بعدما فشلت محاولات إنهاء الاعتصام بالمفاوضات، وتسليم ضباط الجيش المعتصمين بالميدان لأنفسهم ليخضعوا للمحاكمة العسكرية، مما دفع قوات من الشرطة العسكرية في الحديقة المستديرة وسط الميدان، في الثانية والنصف صباح أمس، لإطلاق كمية كبيرة من الأعيرة النارية في الهواء بالإضافة إلى استخدام الهراوات لتفريق المتظاهرين، وهو ما حدث بالفعل.

وفي الإسكندرية (200 كم شمال غربي القاهرة)، وعلى خلفية ما حدث بميدان التحرير، قامت قوات من الجيش، أمس، بغلق جميع الطرق المؤدية إلى مقر قيادة المنطقة الشمالية العسكرية، مما أدى إلى شلل مروري كامل بمنطقة سيدي جابر، وتم تحويل مرور السيارات إلى مسارات أخرى، بحيث لا تمر من أمام قيادة المنطقة، بينما أعلن ائتلاف شباب الثورة بالإسكندرية مقاطعته لجلسات الحوار الوطني التي يعقدها المجلس الأعلى للقوات المسلحة التي كان قد دعا قيادات بالائتلاف إليها في وقت سابق.

وأصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم في مصر في ساعة مبكرة من صباح أمس بيانا حمل الرقم «34» جاء تعليقا على الأحداث التي شهدها ميدان التحرير، وقال البيان الذي نُشر على صفحة المجلس على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» إنه «أمر بضبط وإحضار المدعو إبراهيم كامل، أحد فلول الحزب الوطني، الذي وردت معلومات تؤكد تورطه مع بعض أتباعه في أعمال تحريض وبلطجة وإثارة للجماهير في ميدان التحرير».

وأوضح البيان أن «قرار الضبط والإحضار شمل ثلاثة من مساعدي كامل الذي يعتبر أحد كبار رجال الأعمال المنتمين للحزب الوطني الحاكم سابقا والمتهم الرئيسي، بحسب بلاغات متعددة، بالمسؤولية عن أحداث سابقة عرفت باسم (موقعة الجمل) قبل تنحي الرئيس المصري السابق عن منصبه»، حسب البيان.

وقطع المتظاهرون الطرق باستخدام أسلاك شائكة من مخلفات الجيش وقواطع حديدية ومنعوا المرور، بينما قامت مجموعات من المتظاهرين في وقت لاحق برفع الأسلاك الشائكة الموضوعة أمام النادي الدبلوماسي بشارع قصر النيل، مما أدى إلى حدوث انفراجة مرورية نوعية بمنطقة وسط القاهرة.

وعلى الرغم من إعلان القوى السياسية أن الموجودين في الميدان ليسوا من أنصارها، فإنها أدانت، في بيان، ما حدث من جانب القوات المسلحة، وناشدتها الحفاظ على سلمية الثورة. وأصدر ائتلاف قوى الثورة بيانا، ألقاه جورج إسحاق، القيادي بالجمعية الوطنية للتغيير، جاء فيه أنه تابع بقلق أحداث ميدان التحرير، وأن هناك محاولات لإجهاض الثورة من خلال الوقيعة بين الشعب والجيش الذي حمى الثورة. من جانبه، أكد المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الدكتور محمد البرادعي، أهمية الثقة بين الشعب والجيش، حفاظا على استقرار مصر. وقال: إن استمرار الثقة بين الشعب والجيش خط أحمر للحفاظ على الوطن، وإن الحوار هو البديل الوحيد لاستقرار البلاد. وأصدر الدكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، بيانا، حذر فيه مما سماه محاولات الوقيعة بين الجيش والشعب، التي قال إن من يقوم بها فلول النظام السابق. وقال البيان أيضا: إن الكثير من مطالب الشعب لم تتحقق حتى الآن.

على صعيد ذي صلة، قرر قاضي التحقيق المنتدب من وزير العدل المصري في شأن وقائع الاعتداءات التي جرت ضد المتظاهرين بميدان التحرير يومي 2 و3 فبراير (شباط) الماضي، التي عرفت إعلاميا بـ«موقعة الجمل»، استدعاء صفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى السابق والرجل القوي في نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، بعد غد، للتحقيق معه وسؤاله حول دور محتمل له بالضلوع في تلك الاعتداءات والتدبير لها، وذلك في الوقت الذي سيباشر فيه جهاز الكسب غير المشروع بوزارة العدل تحقيقات موازية مع الشريف غدا في وقائع أخرى تتعلق بتضخم ثروته بصورة لا تتناسب مع موارد دخله المقررة قانونا والمثبتة في إقرار الذمة المالية الخاص به.