الجناح الخيري للإخوان المسلمين يكسبهم دعما سياسيا غير محدود

بتوفير فرص عمل ومساعدة الراغبين في الزواج وتوزيع اللحوم على الفقراء في الأعياد

TT

من المفيد أن تتعرف العائلات الفقيرة داخل أوسيم، خارج القاهرة، على محمد السيسي، حيث يترأس عضو جماعة الإخوان المسلمين البالغ من العمر 45 عاما جمعية خيرية توسعت داخل أوسيم وتقدم مجموعة من الخدمات الاجتماعية.

وقامت هذه الجمعية بمنح أرملة فرنا لاستخدامه في خبز العيش، واشترت ملابس لفتيات في المدارس وتساعد الراغبين في الزواج. وخلال عيد الفطر، يوزع السيسي على الفقراء لحم جمل يذبحه بنفسه مع متطوعين آخرين.

وتعمل هذه الجمعية تحت جناح الإخوان المسلمين، وهي قوة إسلامية كبيرة كانت محظورة قانونا إبان حكم الرئيس حسني مبارك. وفي الوقت الذي تسعى فيه الجماعة للاستعداد لانتخابات سبتمبر (أيلول) المقبل، يعطي العمل الذي يقوم به السيسي لمحة عن جذور الإخوان المسلمين القوية داخل المجتمع، وما قد يمنح الجماعة المثيرة للجدل ميزة كبيرة في عملية تشكيل مصر بعد الثورة.

يقول طه هارون (37 عاما)، صاحب محل بقالة داخل أوسيم ويعرف السيسي وجمعيته الخيرية: «إنهم نشطون طوال العام، ولديهم القدرة على طرق كافة الأبواب».

وعلى الرغم من أن جماعة الإخوان شاركت متأخرة في انتفاضة الخامس والعشرين من يناير التي أطاحت في نهاية المطاف بمبارك عقب قرابة ثلاثة عقود من الحكم، فإنها ظهرت بالفعل كأحد أقوى المنافسين في المشهد السياسي الجديد داخل مصر، بسبب تنظيمها المحكم والذي يتمتع بتمويل جيد.

ويقول مصطفى كمال السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: «يعلمون كيف يحصلون على أعداد كبيرة من الناخبين، وربما يكونون الجماعة المنظمة الوحيدة داخل المجلس».

وقد أعلنت جماعة الإخوان المسلمين، التي فاز أعضاؤها من قبل بمقاعد في البرلمان كمستقلين لأن الجماعة كانت كيانا سياسيا محظورا، عن خطط من أجل تشكيل حزب العدالة والحرية. وفي نهاية الأسبوع الماضي كشفت قيادات الجماعة عن نسخة غير نهائية تتضمن إشارات عديدة إلى الشريعة الإسلامية.

وعلى عكس ما جاء في برنامج روجته جماعة الإخوان في محاولة سابقة لم تكلل بالنجاح لإنشاء حزب قبل أربعة أعوام، فقد تراجعت الجماعة عن موقفها إزاء ترشح المرأة والمسيحي لمنصب الرئيس. كما تراجعت عن مقترحها عام 2007 بإنشاء لجنة دينية للنظر في التشريعات الجديدة، بحسب ما قاله السيد.

ومن أجل تبديد مخاوف من أن تسيطر على السلطة، قالت جماعة الإخوان المسلمين إنها لن ترشح أحدا على منصب الرئيس ولن تسعى للحصول على أكثر من 35 في المائة من مقاعد البرلمان الجديد.

ولكن يعتقد الكثير من المصريين أن هذا التعهد ربما لا يعني الكثير إذا ترشح أشخاص متعاطفون مع جماعة الإخوان المسلمين كمستقلين أو من خلال أحزاب أخرى.

وقال عبد المنعم أبو الفتوح، العضو البارز بجماعة الإخوان المسلمين، لصحيفة محلية إنه يفكر في الترشح للرئاسة كمستقل. وأضاف أبو الفتوح في حديث مع صحيفة «المصري اليوم»: «قد أترشح مستقلا لأنني سأمثل حينها مصر وليس الإخوان، ولكن سأبقى دوما محبا لهذه الجماعة».

وتوجد علامات على أنه بعد بعض العثرات الأولية، فقد وجدت «الإخوان» موطئ قدم في الفترة التالية للثورة والتي تشهد تغيرات متسارعة.

وعشية استفتاء مارس (آذار) الماضي على تعديل الدستور، سار أعضاء بجماعة الإخوان المسلمين في شوارع أوسيم بمكبرات الصوت يحثون الجميع على التصويت. وذكروا الناس بأهمية النص الدستوري الذي يعود إلى عام 1980 وينص على أن الإسلام هو مصدر التشريع الرئيسي، بحسب ما قاله هارون، بائع البقالة.

وقال السيد إن «الإخوان» أكدت على التزامها بالعدالة الاجتماعية تجاه الفقراء، وتعد ببناء مدارس ومستشفيات، وهي رسالة تحظى بشعبية ولها صدى داخل دولة يبلغ نصيب الفرد فيها من الناتج المحلي الإجمالي 6,200 دولار سنويا.

ولكن يخشى بعض المصريين من هذه الحركة الإسلامية واحتمالية قيامها بخطف تحول تجاه الديمقراطية يقف آخرون بالأساس وراءه.

وقال مصطفى عبد الحميد (37 عاما)، وهو جزار يقول إنه ينوي أن يصوت لصالح مرشحين علمانيين أكثر اعتدالا: «لا أحبهم من الناحية الأيديولوجية لأن الدين سلمي، وهم متطرفون». ولكن يقلل آخرون من هذه المخاوف. ويقولون إن الإخوان المسلمين ربما يصبحون أكثر عملية إذا ما اضطروا إلى الحكم.

وسعى السيسي خلال المقابلة معه إلى تبديد هذه المخاوف بشأن الإخوان المسلمين، ولا سيما تلك التي يتحدث بها صانعو السياسات داخل واشنطن. وانضم السيسي، الذي نشأ داخل أوسيم قبل أن يدرس القانون في جامعة القاهرة، إلى الإخوان المسلمين عام 1985. ولم يؤدِ الاعتقال والتعذيب على يد القوات الأمنية التابعة لمبارك إلا إلى تقوية عزمه من خلال تناول قضايا الأفراد المستهدفين من جانب النظام.

وتقدم جمعية السيسي خدماتها إلى الأشخاص بغض النظر عن دينهم، وليس لها علاقة رسمية بجماعة الإخوان المسلمين، بحسب ما قال. ولكن يتولى أعضاء من الجماعة المواقع القيادية في الجمعية وينتشرون في صفوف المتطوعين.

وأكد أن الأنشطة التي تقوم بها الجمعية لصالح الفقراء تنبع من القلب ومن القرآن، وليس لها أغراض سياسية خفية. ولكن يقر السيسي، الذي يقول إنه لن يمانع أن يمثل مدينته على قائمة الإخوان المسلمين إذا وافقت قيادات الحزب، بأن الأعمال الخيرة تعد سياسة ذكية، ويعلم أن تقديم يد العون يمكن أن يوجد نوعا من الولاء المفيد أثناء الانتخابات.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»