القضاء المصري يواصل محاكمة مسؤولين كبار من النظام السابق بينهم عز ورشيد وعسل

جنايات السويس أجلت محاكمة ضباط شرطة متهمين بقتل متظاهرين

TT

واصلت المحاكم المصرية أمس نظر دعاوى قضائية ضد وزراء ومسؤولين كبار في نظام الرئيس المصري حسني مبارك، الذي تخلى عن السلطة في البلاد تحت الضغط الشعبي، ليتوالى منذ ذلك الكشف عن قضايا فساد متهم فيها رجال أعمال شكلوا عماد الحكومة في نظام الرئيس السابق، وكان الإرجاء سيدا للموقف في مختلف قاعات المحاكمات.

ففي العاصمة المصرية، أرجأت محكمة جنايات القاهرة أولى جلسات محاكمة رجل الأعمال أحمد عز، ووزير التجارة والصناعة السابق رشيد محمد رشيد، ورئيس هيئة التنمية الصناعية السابق عمرو عسل، إلى جلسة بعد غد (الثلاثاء) بناء على طلب هيئة الدفاع عن المتهمين للاطلاع على ملف القضية والاستعداد لإبداء الدفاع، وذلك في وقائع تتعلق بالإضرار بالمال العام وتربح عز دون وجه حق وبالمخالفة للقانون.

وشهدت الجلسة مفاجأة مدوية بتقدم محمد قدري فريد، المستشار القانوني لشركة صناعة الصلب (عز الدخيلة)، بدعوى مدنية ضد أحمد عز للحصول على تعويضات منه، على أن يكون المبلغ المتحصل من الدعوى لصالح شهداء ثورة يناير (كانون الثاني).

وأكد قدري أنه عمل بالإدارة القانونية لشركة الإسكندرية للحديد والصلب التي تحولت بعد ذلك لشركة «عز الدخيلة»، حيث تبين له وقوع مخالفات مالية جسيمة على مرأى ومسمع من رئيس الشركة أحمد عز، وأنه (أي قدري) توجه بالعديد من المذكرات التي تتضمن مستندات تثبت ما يذهب إليه من مخالفات ارتكبها أحمد عز، غير أنه لم يتم بحثها أو التحري في ما تضمنته من وقائع.

وأضاف أنه تقدم ببلاغ لمباحث الأموال العامة بالإسكندرية عام 2004 التي رفضت تلقي البلاغ، فقام بالتوجه إلى مباحث الأموال العامة ونيابة الأموال العامة العليا بالقاهرة، التي أحالت بدورها المذكرة والمستندات لنيابة الإسكندرية للاختصاص، ولم يتم البت أو التحقيق في البلاغ أيضا، وباشرت النيابة التحقيق في البلاغ دون استدعائه لسماع أقواله، وأنه تم لاحقا حفظ البلاغ.

وكانت الجلسة قد بدأت فور إيداع المتهمين رجل الأعمال أحمد عز ورجل الأعمال عمرو عسل، قفص الاتهام، طلبت بعدها المحكمة من النيابة تلاوة أمر الإحالة (قرار الاتهام) الذي جاء فيه أن كلا من رشيد محمد رشيد، وعمرو محمد عسل، وأحمد عبد العزيز عز، قاموا بالتربح وتسهيل الاستيلاء على المال العام، حيث تلقت النيابة العامة بتاريخ 7 فبراير (شباط) الماضي عدة بلاغات كشفت التحقيقات فيها عن قيام الوزير السابق رشيد وعمرو عسل رئيس هيئة التنمية الصناعية بالاتفاق مع أحمد عز على إصدار موافقة على الترخيص بإنتاج الحديد الإسفنجي والبيليت (المستخدم في صناعة الصلب) بـ«المجان» للشركات المملوكة لأحمد عز وذلك بالمخالفة للقرارات الوزارية التي تقضي بأن يكون منح هذه التراخيص بالمزايدة العلانية بين الشركات، على نحو مثل تربحا للغير على حساب المال العام، وإضرارا متعمدا به.

ونسبت النيابة إلى عمرو عسل قيامه بالتواطؤ مع الوزير رشيد بالترخيص لصالح أحمد عز بإقامة مصنعين بالمنطقة الحرة بالسويس بالمخالفة للشروط التي تنص على عدم جواز منح أكثر من ترخيص لذات المستثمر، مما ألحق ضررا بالمال العام قيمته 660 مليون جنيه تمثل قيمة رسوم تراخيص لم يقم عز بسدادها، علاوة على أن القانون يحظر منح ترخيص لأكثر من شركة واحدة في هذا المجال.

ونفى المتهمان عز وعسل ما هو منسوب إليهما من اتهامات، بينما طلب دفاعهما منحه أجلا مناسبا حتى يتمكن من الاطلاع على ملف القضية وإبداء دفاعه ودفوعه. كما قررت محكمة الجنايات تأجيل النظر في تأييد القرار الصادر عن النائب العام المستشار عبد المجيد محمود بالتحفظ على أموال وجميع ممتلكات رئيس الوزراء الأسبق عاطف عبيد، ووزير قطاع الأعمال السابق مختار خطاب، ورجل الأعمال محمد الدنف رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية، وتجميد جميع أرصدتهم المصرفية، وذلك في إطار التحقيقات الجارية بشأنهم حول اتهامات بإهدارهم المال العام والإضرار المتعمد به والتربح للنفس والغير دون وجه حق.

وكان النائب العام قد أمر بالتحفظ على أموال المسؤولين السابقين المذكورين في إطار التحقيقات في المخالفات التي وقعت في عملية بيع شركة «إسمنت أسيوط» المملوكة للدولة بأقل من السعر الحقيقي وبالمخالفة لقواعد بيع الشركات، علاوة على تقييم سعر السهم الخاص بتلك الشركة بسعر أقل من القيمة الحقيقية لمكونات الشركة من مصانع ومنشآت وأرباح، مما أضر بالمال العام. وجاء قرار التأجيل لجلسة بعد غد (الثلاثاء) بناء على طلب الدفاع عن عبيد وخطاب والدنف، في ضوء ما أبدوه من عدم اطلاعهم على التحقيقات التي تجري بشأن موكليهم كي يستعدوا لإبداء الدفاع والدفاع.

وفي الجيزة، أرجأت محكمة جنايات الجيزة محاكمة وزير السياحة السابق زهير جرانة (محبوس احتياطيا)، ورجلي الأعمال الهاربين خارج البلاد هشام الحاذق وحسين سجواني (إماراتي الجنسية)، في ضوء ما هو منسوب إليهما من اتهامات تتعلق بالتعدي على المال العام والاستيلاء عليه والتربح دون وجه حق، إلى جلسة بعد غد (الثلاثاء) بناء على طلب الدفاع عن الوزير جرانة للاطلاع على ملف القضية والاستعداد لإبداء الدفوع والطلبات بالجلسة القادمة. شهدت الجلسة سجالا حادا بين رئيس المحكمة المستشار محمود سامي كامل، وهيئة الدفاع عن جرانة، بعدما طلبت هيئة الدفاع تأجيل نظر القضية إلى دور الانعقاد القادم للمحكمة في شهر مايو (أيار) المقبل حتى يتسنى لهم الاطلاع بصورة وافية على ملفات القضية وأوراقها وتحديد طلباتهم بالجلسة القادمة والتحضير لدفاعهم ودفوعهم القانونية، وهو الطلب الذي قوبل برفض المحكمة.

وبررت المحكمة رفضها استنادا إلى توافر كافة الأوراق والملفات بالمحكمة، مشيرة إلى أنها على استعداد لإتاحة الفرصة للدفاع للاطلاع بذات جلسة اليوم (أمس السبت) بغية الانتهاء من القضية سريعا ودون الانتظار إلى دور الانعقاد القادم للمحكمة، وهو الأمر الذي لاقى اعتراضا كبيرا من المحامين، فقررت المحكمة رفع الجلسة بعد سجال طويل متبادل لتقرر التأجيل إلى الثلاثاء.