«التعليم العالي» السعودية تسن ضوابط جديدة لـ«التعليم عن بعد»

طبقت برنامج «جونيور فاكلتز تيتشر» لتضمن فاعلية التمركز حول الطالب

وزارة التعليم العالي تسعى إلى إبقاء عضو هيئة التدريس دوما في المسار البحثي
TT

كشفت وزارة التعليم العالي في السعودية لـ«الشرق الأوسط»، عن رسمها لاستراتيجية بعيدة المدى، ضمنتها خططا لتطوير كوادر أعضاء هيئة التدريس بالجامعات السعودية، مشيرة إلى أن أكثر من سبعة آلاف من أعضاء هيئة التدريس استفادوا من منهاجها التطويرية، بغية نقل تجارب وخبرات مراكز دولية متقدمة أوفد إليها أساتذة الجامعات في السعودية.

وقال الدكتور محمد العوهلي، وكيل وزارة التعليم العالي للشؤون التعليمية، حول ما يختص بعملية تأهيل الكوادر التعليمية في وزارته، أفاد بأنها محور أساسي، وحجر زاوية في استراتيجية التعليم العالي، بل وأفردت الوزارة لذلك مسارا خاصا في الاحتياجات المستقبلية، سواء من ناحية الإعداد، أو من ناحية المواصفات، أو من ناحية استكمال المتطلبات لهذا الإعداد.

وزاد العوهلي في حديثه: «حتى تكون الصورة واضحة للوزارة وللجامعات في ما يختص بمستقبل التعليم العالي، انطلقت الوزارة أيضا في عدة مناح مختلفة، ولم تنتظر هذه الدراسات حتى تنتهي»، وقال: «انطلقت منذ عام 1426هـ في مبادرة أطلق عليها اسم (مبادرة تنمية الإبداع والتميز في تنمية مهارات أعضاء هيئة التدريس)، ومولت الوزارة هذا الإطار بمبالغ مالية كبيرة، ونهجت في هذا المنحى دورات كثيرة داخلية وخارجية.

وأشار وكيل وزارة التعليم العالي، إلى أن وزارته عملت على مسارين: مسار داخلي وهو يقوم بالتعاقد مع عدد من مراكز الأبحاث الدولية، ومراكز التأهيل العالمي، وإحضارها للسعودية، وعُقدت دورات في مختلف جامعاتنا، وأقيمت دورات متعددة فاقت الآن أكثر من خمسمائة دورة، وأيضا استفاد منها أكثر من سبعة آلاف أو أكثر من أعضاء هيئة التدريس السعوديين وغير السعوديين.

وحول المغزى من سن تلك الاستراتيجيات الرامية للتطوير، قال: «يهمنا الطالب السعودي، يهمنا الطالب في جامعاتنا السعودية، وغير الطالب السعودي، فتنمية مهارات أعضاء هيئة التدريس مهم ومن صلب أولوياتنا واهتمامنا، وهذه الشروط لأعضاء هيئة التدريس تنطبق على السعودي وغير السعودي»، واستطرد في حديثه: «يهمنا البعد التعليمي الذي سوف ينتج من عضو هيئة التدريس حتى يستطيع أن يقدم الخدمة التعليمية الصحيحة للطالب، بالإضافة إلى أن الأمر الثاني تركز حول عملنا مسارا خارجيا أيضا، وهو بعث مجموعات من أعضاء هيئة التدريس أيضا بحسب التخصصات المختلفة من جامعات مختلفة إلى جامعات عالمية، لديها مثل عمادات ومراكز لتدريب أعضاء هيئة التدريس في أستراليا وفي نيوزيلندا وفي أميركا وفي بريطانيا وفي عدد من الدول الأوروبية.

وكنتاج لذلك علق العوهلي: «تمكنا بفضل الرحمن من إعطاء عضو هيئة التدريس غير هذه الدورات، بل عمدنا من خلال تلك المسارات التطويرية أيضا لأن يقوم عضو هيئة التدريس بالسير على مقتنيات الواقع التعليمي، ويحتك بأعضاء هيئة التدريس الآخرين في تلك المراكز، وفي تلك الجامعات، ويرى على أرض الواقع نوعية ما يقدم في هذه الجامعات، حتى يتمكن من أن يكون ناقلا للتجربة، وليس فقط لكلام نظري بعيد عن التوجهات العملية الحديثة، وإنما يقوم بنقل التجربة في تلك الجامعات المتميزة».

وأفاد وكيل وزارة التعليم العالي بأنه «تم اختيار هذه الجامعات وهذه المراكز بعناية جدا لأنها تحت شروط ومواصفات شديدة والتنافس عليها من بين الجامعات السعودية كان شديدا، حيث إنه ليس كل من قدم عرضا حول هذا حصل على هذا الدعم، وكررته الوزارة في عام 1427 وعام 1428 ولنا أربع سنوات في عمر البرنامج، وهذا البرنامج مستمر بمساريه الداخلي والخارجي، بل وضعنا مسارات خاصة لأعضاء هيئة التدريس الذين لا يجيدون اللغة الإنجليزية، وقمنا بتدريبهم تقريبا بنفس المهارات والمواضيع التي تكون بدول خارجية، ولكن باللغة العربية حتى يستفيدوا أيضا».

وعن تطوير أعضاء هيئة التدريس من النساء، قال: «أولينا عناية خاصة بأعضاء هيئة التدريس من النساء سواء كنّ في الجامعات السعودية، أو في جامعة الأميرة نورة بالتحديد، ووضعنا عددا من البرامج، وحين تسألني ما بال الجامعات التي لم تفز؟ أقول لك، لم نغفلها؛ قمنا بتشكيل واختيار عدد من البرامج الناجحة في بعض الجامعات، ثم تعاقدت الوزارة مع هذه الجامعات الناجحة، وطلبنا منها أن تعقد هذه الدورات في الجامعات التي لم يتوفر لديها ولم تفز بهذه الدورات، حتى نضمن للجميع أنه حصل نوع من التدريب على هذا الموضوع، وخاصة في الجامعات الناشئة».

وعن ماهيتها، أفصح العوهلي: «طبعا تختلف كل سنة عن السنة السابقة لها في هذه الدورات»، معرفا ذلك بـ«التميز»، و«نحن إن شاء الله سائرون على هذا حتى تكون ثقافة أساسية في تأهيل عضو هيئة التدريس، وأيضا لم نغفل جانب التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد، لدينا مواصفات معينة الآن ليس كل عضو هيئة تدريس يصلح أن يكون من كادر أعضاء هيئة التدريس الذي يقوم بالتعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد، ولذلك طورت لائحة التعليم عن بعد، وأقرت الحمد لله قبل خمسة أشهر من مجلس الوزراء، لكي ننظم عملية التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد، وأيضا نضع الآن مواصفات معينة لأعضاء هيئة التدريس الذين يمكنهم الدخول على هذا النوع من التعليم، لأن هناك مواصفات وشروطا معينة يشترط أن يكون عضو هيئة التدريس ملما بها قبل أن يقدم على هذا المحور».

وحول أبرز الخيارات التي اتسم بها التطوير، ذهب العوهلي، إلى أن كل هذه الجهود تؤكد وتستمر في التركيز على عضو هيئة التدريس، وأنه حجر زاوية ينطلق منه الكثير من المبادرات، مضيفا أن الوزارة طرحت مبادرة جديدة اسمها «التعلم المتمركز حول الطالب»، لأن هذا يعد توجها جديدا في التعليم، حيث ينقل التعلم، ليس فقط ليتمركز حول عضو هيئة التدريس، إنما ليكون التمركز حول الطالب، وقامت الوزارة بعقد عدد من الورش التدريبية، بل طلبت من الجامعات تقديم عروض لبرامج ومشاريع تؤسس لهذا المنهج الجديد من التعلم وتدعمه الوزارة بالكامل، بحيث يكون الطالب هو محور العملية التعليمية.

وزاد: «قامت بدعم الدورات التي تدرب أعضاء هيئة التدريس، لنقل هذا التمركز من الأستاذ إلى الطالب والتعود عليه، وأيضا تحويل الكثير من أساليب العملية التعليمية ليكون مركزها هو الطالب وليس عضو هيئة التدريس، وهذه توجهات جديدة نحرص على أن نقدمها عن طريق ورش عمل أيضا، وتقام ندوات أيضا كلها تقوم على هذا الأمر، ويكون هناك أيضا أعمال لجان تقويمية لهذه البرامج ومدى تطبيقها ومدى الاستفادة منها والتطوير بها من سنة إلى أخرى، ونحن إن شاء الله تعالى مستمرون في هذا، وأيضا في مبادرات جديدة تخدم هذا التوجه في خطتنا الاستراتيجية للوزارة».

وحول ما ينقص المعلم في السعودية حتى يتكيف مع تحديات التعليم في القرن الجديد، قال إن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي هو أيضا وسيلة أخرى من وسائل هذا الاهتمام، لأن الكثير من الذين يبتعثون لرسائل الماجستير والدكتوراه، نحرص على أن يكونوا من جامعات متميزة، خاصة المعيدين والمحاضرين الذين تبتعثهم الجامعات، ثم أيضا تنويع التجارب العملية، حتى يعودوا للجامعات بإذن الله من مختلف المشارب ومختلف التجارب، وتكون هناك العملية التكاملية والاستفادة بأكثر الخبرات الدولية، الأمر الثاني، يتم التركيز على هؤلاء المبتعثين من قبل الجامعات بأخذ دورات تدريبية للاستفادة من أعضاء هيئات التدريس المختلفة، ناهيك عن أخذ دورات تدريبية لتنمية مهاراتهم في جامعاتهم أثناء الابتعاث.

وشدد وكيل وزارة التعليم العالي، على أنه أيضا تم التأكيد على الملحقيات على أن تولي هذا الجانب اهتماما مهما جدا، لأنه من المناسب جدا حصولهم على الدورات أثناء قيامهم بالابتعاث وقبل أن يعودوا أيضا، وهنا أضيف أن عددا من الجامعات الآن انطلقت ببرنامج اسمه برنامج الـ«جونيور فاكلتز» الذي هو عبارة عن أعضاء هيئة التدريس حديثي التخرج، يضعونهم في برنامج يمتد من 3 إلى 4 أو 5 سنوات ويكثف، بحيث إن عضو هيئة التدريس، لا بد أن يمر بعدد من البرامج التأهيلية التطويرية الصحيحة، وهي برامج تأهيلية تطويرية تستطيع أن تعطيه عددا من القضايا المهمة سواء كانت تدريسية أو تعليمية، أو حتى على أساس البحث العلمي لا نريد أن يفقدوا الزخم الذي كانوا فيه أثناء دراستهم للدكتوراه.

واستطرد العوهلي بالقول: «حين يأتي عضو هيئة التدريس، ويجلس بعيدا عن البحث العلمي يفقد إثر ذلك الحس البحثي، وسيسمح له البرنامج بالاستمرار والتقدم أيضا في هذا المجال، وهذا البرنامج مدته ثلاث سنوات، وزاد (جونيور فاكلتز تيتشر) فيه عددا من المناشط التي تعين عضو هيئة التدريس على الالتحاق بهذا البرنامج، بل وبعض الجامعات لا يمكن أن يحصل على بعض المزايا إذا لم يلتحق بهذا البرنامج ويحصل على عدد من النقاط حتى يمكن أن يكتمل متطلباته، ويصبح بالفعل مشاركا أكثر في العملية التعليمية». وحول موعد تطبيقه، قال: «تتراوح الجامعات في ذلك، فمثلا جامعة الملك فهد لها تقريبا أربع سنوات، وجامعة الملك سعود لها سنتان تقريبا، وهكذا عدد من الجامعات التي لديها هذا البرنامج تختلف طبعا طبيعته من جامعة إلى أخرى وأيضا يضاف فيه على حسب ماهية التخصص، وجامعة الملك عبد العزيز لديها مثل هذا البرنامج؛ حيث إنه قد لا يكون على جميع الكليات، ولكنه موجود ومنتشر».

وحول الامتيازات التي يحصل عليها عضو هيئة التدريس، أفاد بأن فترة الصيف تمكن عضو هيئة التدريس من الاستفادة واستغلال الوقت، ويعطى مكافأة إضافية إذا بقي في فترة الصيف، ونظاما يقوم بعملية بحث ويكلف بجزء من مهمات تتعلق بهذا التدريب، وأيضا يكون له الأولوية في حضور المؤتمرات، وتعطيه الجامعات مبلغا من المال لتطوير بحثه الذي انتهى إليه، أو يريد أن يقوم ببحث حتى يستطيع أن يكمل ما بدأه من بحوث مختلفة.