نتنياهو يطرح «قوانين لعب» جديدة: رد قاس على كل صاروخ

وزير الخارجية الإسرائيلي يطالب بعملية اجتياح لقطاع غزة تؤدي إلى تصفية حماس

TT

وسط أجواء مفعمة بالزهو والعربدة، عقدت الحكومة الإسرائيلية جلسة لها، لخصت فيها مجريات التصعيد العسكري مع قطاع غزة. وقد طالب وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، باستغلال الأوضاع لتنفيذ عملية اجتياح واسعة بهدف تصفية حماس. وأعلن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، عن «قوانين لعب جديدة يكون فيها الرد الإسرائيلي قاسيا جدا مقابل كل صاروخ فلسطيني يطلق باتجاه البلدات الجنوبية».

وقد تحدث قادة الجيش والمخابرات عن إنجازات كبيرة في المعارك الصاروخية «رغم أن الجيش الإسرائيلي لم يستخدم عشر إمكاناته». ونقل على لسان أحدهم قوله إن حماس قصفت إسرائيل بـ120 صاروخا وقذيفة خلال الأسبوع، فأصيب فتى إسرائيلي واحد، وفي المقابل، تسببت الغارات الإسرائيلية في عشرين جنازة بغزة وقادة حماس نزلوا تحت الأرض. وأشادوا بمنظومة «القبة الحديدية» (التي تطلق الصواريخ نحو صواريخ حماس وتدمرها وهي في الجو، أي قبل الوصول إلى أهدافها)، مشيرين إلى أنها تمكنت من تدمير 8 صواريخ كانت موجهة إلى مناطق سكنية في مدينتي بئر السبع واشكلون. وأعربوا عن أملهم في أن يؤدي هذا النجاح إلى بيع هذه المنظومة لعشرة جيوش في العالم، بينها الجيش الأميركي والهندي وغيرهما.

وكان القصف الصاروخي قد استؤنف، صباح أمس، ولكن ليس بشكل كثيف. ورأى المراقبون أن صورة الوضع حاليا هي أن الطرفين؛ حكومة إسرائيل من جهة وحركة حماس من جهة ثانية، يحاولان التوصل إلى تهدئة من خلال «كسب الضربة الأخيرة»، أي إن كليهما يريد أن يتوقف القصف من الجهة الأخرى وليس من جهته. وحسب مصدر سياسي كبير في تل أبيب، فإن حماس أبلغت إسرائيل، عبر طرف ثالث، أنها مستعدة لوقف القصف الصاروخي ذي المدى المتوسط مقابل وقف الغارات الإسرائيلية. ولكن إسرائيل رفضت ذلك وطلبت وقفا تاما لقصف الصواريخ والقذائف بما في ذلك القصف ضد القوات الإسرائيلية المحيطة بالقطاع.

وقد عرضت المخابرات الإسرائيلية على جلسة الحكومة تقريرا يقول إن هناك صراعا داخل قيادة حماس حول استمرار الصدام العسكري. ففي حين تريد القيادة السياسية في غزة العودة إلى التهدئة وتعتبر القصف الصاروخي على إسرائيل غير مجد، فإن القيادة العسكرية في القطاع بقيادة محمد ضيف وأحمد الجعبري ومعها القيادة السياسية في دمشق برئاسة خالد مشعل تريد الاستمرار في المعارك حتى تفرض دول الغرب وقفا لإطلاق النار باتفاق متكافئ بواسطة المفاوضات.

وبدا أن صراعا شبيها يجري في القيادة الإسرائيلية أيضا، حيث إن هناك من يطالب بتصعيد القصف ضد غزة لدرجة تنفيذ عملية اجتياح شامل، وهناك من يريد «تصعيدا مراقبا»، أي مواصلة الغارات ورفع درجتها والعودة إلى الاغتيالات السياسية لقادة حماس، وهناك من يريد أن يتوصل إلى «تهدئة مشرفة»، أي توجيه ضربات قاسية أخرى يتم خلالها تسجيل إنجازات مرئية، ومن ثم الموافقة على التهدئة. وقد اتفق في نهاية المطاف على الاستمرار في الرد القاسي على كل صاروخ أو قذيفة فلسطينية. وساد الاجماع في الحكومة على أن إسرائيل كسبت المعركة السياسية ضد حماس، حيث إن «العالم يتفهم غضبنا على قصف حافلة الركاب الإسرائيلية وإصابة فتى يهودي في السادسة عشرة من عمره ما زال يعالج في وضع خطير، ويتفهم ردنا على هذه الجريمة»، كما قال نائب وزير الخارجية، داني أيالون.

وقد عبر عن هذا الموقف رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي استهل الجلسة بالإعلان أنه تحدث قبيل الجلسة «مع إسحاق، والد دانيال، التلميذ الذي أصيب بجروح إثر الهجوم الإجرامي على حافلة الأطفال. دانيال يقاتل من أجل حياته. إننا نصلي مع الشعب بأكمله لسلامته ونأمل أنه يتماثل للشفاء». وعندها انتقل إلى التهديد لحركة حماس وتلخيص المعارك فقال: «لقد أحرز الجيش (الإسرائيلي) إنجازين كبيرين في الأيام الأخيرة؛ الأول في المجال الدفاعي، والثاني في المجال الهجومي. وفي المجال الدفاعي سجلت إسرائيل إنجازا كبيرا مثيرا للإعجاب، عندما اعترضت منظومة القبة الحديدية صواريخ. ولهذا الأمر توجد أصداء في جميع أنحاء العالم وأيضا في البلدان التي زرتها مؤخرا. ومع هذا الإنجاز المثير للإعجاب، فإن من الواضح أن هذا ليس سوى حل جزئي، وبالطبع نحتاج أيضا إلى رد فعل هجومي. وسجل في هذا المجال إنجاز ملموس لجيش الدفاع الإسرائيلي بتوجيه ضربات فادحة لحماس وللمنظمات الإرهابية الأخرى في الأرواح والمعدات، وذلك ردا على الهجمات الإجرامية علينا.. وأجريتُ خلال نهاية الأسبوع مناقشات مع كل من وزير الدفاع ورئيس هيئة أركان الجيش ورئيس جهاز الأمن العام، وسياستنا واضحة: إذا استمر استهداف المواطنين والجنود الإسرائيليين فسيكون ردنا أكثر قسوة وصرامة».

وقد انعكس الصراع الحكومي حول الموضوع أيضا على الشارع الإسرائيلي. فقد توجه عدد من رؤساء البلديات في الجنوب إلى الحكومة طالبين «عملية عسكرية تنهي وإلى الأبد تهديدات حماس». في حين اعترض على ذلك آخرون، قالوا إن الحرب تدمر اقتصاد البلدات الجنوبية وطالبوا بسلوك نهج الحوار والمفاوضات حتى مع حماس والتوصل إلى اتفاق تهدئة طويل الأمد.

بيد أن حزب «إسرائيل بيتنا» بقيادة الوزير ليبرمان، توجه إلى نتنياهو برسالة خطية يذكره فيها بالبند رقم 11 في اتفاقية الائتلاف الحكومي بينهما، الذي ينص على أن «الحكومة تلتزم بمكافحة الإرهاب وتصفية التنظيمات الإرهابية وترى في إسقاط حكم حماس في قطاع غزة هدفا استراتيجيا لها». ويطلب ليبرمان تفعيل هذا البند فورا.