الرئيس اليمني يؤكد تمسكه بحل للأزمة «وفق الدستور».. و«شباب الثورة» يدعون لمسيرات مليونية

اللواء الأحمر: صالح فاقد للشرعية ويسحب احتياطيات «المركزي» ويسلح «أرباب السوابق»

طفلة يمنية تحمل مظلة أثناء مشاركتها في مظاهرة للمعارضة في صنعاء أمس (أ.ب)
TT

اتهم اللواء علي محسن الأحمر، قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية، قائد الفرقة الأولى مدرع في اليمن، الرئيس علي عبد الله صالح بسحب الاحتياطيات النقدية من البنوك وتحويلها للخارج، ووصف نظام صالح بـ«العصابة»، كما اتهمه بتسليح «قطاع الطرق وأرباب السوابق» من أجل قتل المواطنين، هذا في وقت خرجت عشرات المسيرات والمظاهرات في معظم المحافظات اليمنية للتنديد باستمرار قمع المعتصمين والمتظاهرين، بعد سقوط قتلى ومئات الجرحى في صنعاء على أيدي قوات الأمن والمسلحين المدنيين.

ودعا اللواء الأحمر المعتصمين في «ساحات الصمود والتغيير والحرية» في جميع المحافظات اليمنية إلى الصمود وإلى الحفاظ على سلمية ثورتهم، وقال إن النظام يحاول بـ«يأس تفجير الوضع عسكريا، كما هو الحال في ليبيا»، وأكد أن أفراد القوات المسلحة والأمن والحرس الجمهوري يشعرون بما يعانيه المعتصمون و«يعانيه أبناء الشعب اليمني من ظلم واستبداد وتسلط»، وأنهم سيواصلون حماية الاعتصامات ودعم نضالهم السلمي «تجاه ما تقوم به العناصر المارقة من القوات المسلحة والحرس الجمهوري والأمن المركزي الذين باعوا أنفسهم للشيطان وارتهنوا لأشخاص شكلوا بهم ميليشيات وفرق للموت ضد إخوانهم من أبناء الشعب».

وأضاف بيان صادر عن اللواء الأحمر، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه: «ولا يشرف جيشكم اليمني أن ينتسب إليه من يقومون بهذه الأعمال الإجرامية»، وأنه «لم يحدث في تاريخنا اليمني عبر منعطفاته السياسية المختلفة أن كان الجيش يوما أداة بيد القتلة والسفاحين، ولم يرتكب مجازر في حق أبناء شعبه، بل هو لحماية الشعب وملك للشعب، لا لحماية فرد أو عصابة نبذها وتبرأ منها الشعب»، وأشار إلى أن من وصفها بـ«العصابة» قامت بـ«تسليح قطاع الطرق وأرباب السوابق للاعتداء على المواطنين والاعتداء على شرعية الشعب الذي هو مصدر كل شرعية».

ودعا بيان الأحمر وسائل الإعلام «الشريفة والمحايدة» إلى «نقل الصورة الحقيقية وفضح كل الأساليب الفاشلة التي تمارسها ميليشيات وإعلام العصابة المتحصنة بالقصور العاجية، وأسيادهم الواهمون، في جر الوطن إلى الاحتراب والاقتتال»، وقال البيان إن النظام اليمني «فقد شرعيته الدستورية والشعبية»، وإنه يلعب الآن على «ورقة المخاوف وبأسلوب فرِّق تسُد ويستخدم وسائل الإعلام الرسمية التي هي ملك للشعب، في تحريض أبناء الشعب بعضهم على بعض»، كما اتهم بيان الأحمر النظام بالسعي لـ«اغتيال بعض الرموز الوطنية ورجالات اليمن وشبابه النشطاء في ساحات التغيير»، وذلك في محاولة «يائسة منه لإسكات صوت الحق، صوت الثورة الذي يزلزل أركان نظامه المنهار ليل نهار ويقض مضجعه».

وأشار علي محسن الأحمر، الذي انشق مؤخرا عن النظام وأعلن الانضمام إلى الثورة السلمية المطالبة بإسقاط النظام، إلى أن الرئيس صالح وإلى جانب قيامه بسحب الاحتياطيات النقدية من فروع البنك المركزي بالمحافظات، فإنه قام بـ«إلغاء بعض الصفقات التي أبرمت باسم الدولة وتحويلها إلى أرصدة في الخارج، ظنا منه أن يستطيع الالتفاف على إرادة الشعب وإطالة معاناته من خلال افتعال الأزمات المختلفة في رغبة شيطانية لترك البلاد بعد رحيله قاعا صفصفا، ولكن هيهات هيهات»، على حد تعبير البيان.

واعتبر قائد الفرقة الأولى مدرع «المجازر التي ارتكبها النظام وزبانيته أيام الخميس والجمعة والسبت في حق المعتصمين في كل من تعز والحديدة وصنعاء»، بأنها «دلالة على إفلاسه وهستيريته وضيق أفقه وحمقه وحقده على الشعب والوطن»، ونبه الأحمر المواطنين إلى عدم «الانخداع بهذه الميليشيات التي عمدت إلى ارتداء ملابس الفرقة الأولى مدرع في محاولة مكشوفة للإساءة لإخوانكم أبناء الفرقة».

وكان الرئيس علي عبد الله صالح أكد تمسك بلاده بـ«النهج الديمقراطي التعددي واحترام حرية الرأي والتعبير وفي الإطار السلمي وبعيدا عن ارتكاب أعمال العنف والفوضى والتخريب»، واتهم أحزاب المعارضة في تكتل اللقاء المشترك بالتسبب في الأزمة الراهنة في البلاد، وأبدى حرصه على «حل تلك الأزمة عبر الحوار وفي إطار الدستور»، وأشار صالح خلال لقائه، أمس، بجمال بن عمر، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن للوقوف على تطورات الأوضاع، إلى أن هناك توجيهات من مجلس الدفاع الوطني صدرت في الفترة السابقة إلى «كل الأجهزة الأمنية بتوفير الحماية لكل المعتصمين سواء من المؤيدين أو المعارضين»، وقال إنه قد وجه «الجهات المعنية بسرعة إحالة كل المتهمين في الأحداث المؤسفة التي جرت يوم الجمعة الموافق 18 مارس (آذار) الماضي في حي الجامعة وغيرها من الأحداث، إلى القضاء للبت فيها وعلى ضوء نتائج التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة».

على الصعيد ذاته شارك مئات الآلاف من اليمنيين أمس في مظاهرات غاضبة خرجت في معظم المحافظات اليمنية للتنديد بعمليات القمع التي قامت بها قوات الأمن والمجاميع التي تعرف بـ«البلاطجة» بحق المعتصمين والمتظاهرين في صنعاء وتعز والحديدة خلال الأيام الثلاثة الماضية، وردد المشاركون في المظاهرات شعارات تطالب بمحاكمة الرئيس صالح وأركان نظامه.

وسقط عدد من القتلى وأكثر من 1200 جريح في هجمات عنيفة تعرض لها متظاهرون في العاصمة صنعاء في وقت متأخر من مساء أول من أمس، من قبل قوات الأمن و«البلاطجة»، وسجلت معظم حالات الإصابة جراء استنشاق الغازات، وبعض الحالات برصاص القناصة، وقال شهود عيان إن مسلحين اعتلوا بعض المنازل في شارعي الدائري والزبيري وإنهم من قاموا بإطلاق النار على المتظاهرين، وحسب الشهود فإن «البلاطجة» انتشروا في الأزقة لمنع هروب المتظاهرين من رصاص القناصة وقاموا بالاعتداء عليهم، وجراء هذه «الاعتداءات» المتواصلة، دعا «شباب الثورة» المواطنين إلى الخروج في «مظاهرات مليونية»، اليوم (الاثنين) للتنديد بعمليات القمع وللمطالبة بمحاكمة صالح.

في هذه الأثناء جددت أحزاب المعارضة اليمنية، اللقاء المشترك، الترحيب بالمبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن، في وقت تنتظر الأوساط السياسية والشعبية اليمنية نتائج الاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض، حيث ينظر إلى الدور الخليجي في اليمن على أنه يشبه «طوق نجاة» لليمن من أزمته الراهنة، وقالت أحزاب المعارضة في بيان جديد بعد رفض الرئيس صالح لهذه المبادرة وغيرها من المبادرات السابقة، إن النظام يقوم فقط «بالمراوغة»، ودعت «الشعب اليمني بكل فئاته وشرائحه ومكوناته السياسية والاجتماعية لمزيد من الصمود في مواجهة كل أساليب العنف والمراوغة ويدعون كل اللذين ما زالوا مترددين ويقفون موقف المتفرج للالتحاق بالثورة السلمية، فعجلة التغيير قد دارت ولن تعود إلى الوراء»، وثانيا توجهوا بـ«الشكر للأشقاء في دول مجلس التعاون وإلى المجتمع الدولي وإلى الأصدقاء في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية والمنظمات الدولية والأمم المتحدة، لوقوفهم إلى جانب الشعب اليمني وخياراته، ونطالبهم باتخاذ خطوات أكثر جدية وحزم لحماية المجتمع المدني في اليمن الذي يتعرض للقتل والذبح والقمع».