نائب رئيس الوزراء المصري: أستبعد أي انقلاب عسكري والجيش مؤسسة وطنية قامت بحماية الثورة

الدكتور يحيى الجمل لـ«الشرق الأوسط»: السعودية عرضت استثمارات في مصر.. وأعلنت عدم تدخلها بشأن مبارك

د. يحيى الجمل
TT

أكد الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء المصري في حوار خاص لـ«الشرق الأوسط» أهمية تنمية العلاقات المصرية بالدول العربية والأفريقية، موضحا أن جولة الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء الخليجية المرتقبة سوف تبدأ بالسعودية، ووفق الموعد الذي يحدده خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، متوقعا أن تكون في الأسبوع الأخير من شهر أبريل (نيسان).. وكشف عن إعادة صياغة العلاقات المصرية مع الدول العربية على أسس مشروع المد القومي، فلا قوة للعرب ومصر دون علاقات خاصة بينهما.. قائلا: «للأسف أن النظام السابق ركز في السنوات الماضية على العلاقة مع أميركا وإسرائيل، وترك العرب والأفارقة».

كما تحدث الجمل عن الأوضاع في مصر حاليا، مستبعدا إمكانية حدوث أي انقلاب عسكري.. واتهم فلول الحزب الوطني بمحاولة القيام بثورة مضادة، إلا أنه أبدى ثقته في وعي الشعب المصري وقوته للحفاظ على مكاسب الثورة. وقال الجمل إن الحوار الوطني سوف يبدأ برئاسة الدكتور عبد العزيز حجازي رئيس جمعيات المجتمع المدني، وإن القضاء المصري وجهاز الكسب غير المشروع كفيلان بالتعامل مع كل ملفات الفساد.. وإلى نص الحوار..

* متى ستبدأ تحديد الجولة الخليجية للدكتور عصام شرف، وما هي أجندة الزيارة وما هي الأولويات؟

- الجولة سوف تبدأ يوم 22 من أبريل، أو بعد ذلك بيومين على أقصى تقدير، وهي تخضع للترتيبات وتحديد المواعيد. وسوف تبدأ بالسعودية ثم بقية دول الخليج، وسوف يرافق رئيس الوزراء وفد وزاري من المختصين في موضوعات التعاون المشترك.

وتهدف الزيارة إلى ترسيخ مبدأ التعاون والانفتاح على الدول العربية، ورسالة تؤكد أن مصر ليست غائبة أو بعيدة عن الدول العربية والأفريقية، وقد عاد الاهتمام بهما. لأن مصر - للأسف الشديد - غابت لفترة طويلة عن أفريقيا، وترتب على ذلك النتائج التي نعايشها حاليا في مياه النيل، وكذلك في العبث الذي تمارسه إسرائيل في أفريقيا.

وأيضا لا ننسى أن مصر غابت عربيا، لأنها كانت تركز أكثر على العلاقة مع أميركا وإسرائيل خلال المرحلة الماضية، بكل أسف.. وبالتالي بدأت الحكومة الحالية والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وجميعنا، ندرك أن مصر بغير العرب ضعيفة والعكس صحيح، وأنه لا بد من عودة التلاحم وبشكل أقوى.

* ما هو تقييمك لهذا التوجه العربي والأفريقي؟

- من يعرفني يعلم توجهي القومي منذ ستين عاما، وأنا ممن عملوا مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في المشروع القومي العربي.. وأذكر عندما عينت في الوزارة عام 1974، جاءني صحافي لبناني وسألني: هل معنى تعيينك في هذه الوزارة أن المد القومي سوف يعود؟ أقصد إلى هذا المدى كان اسمي مرتبطا بالمد القومي.

وأنا سعيد بهذا التوجه الجديد وأدعمه بكل طاقتي، سواء كنت داخل الوزارة أو حتى خارجها، لأنه كما قلت إن مصر بغير الوطن العربي ضعيفة ومصر بالوطن العربي قوية.

* هل هناك أي نوع من الحساسية في العلاقات المصرية العربية، وبخاصة بعد الادعاءات القائلة بوجود ضغوط سعودية لمنع محاكمة مبارك؟

- على الإطلاق.. لا صحة لما يتردد في هذا الشأن. وكان معي السفير السعودي السفير أحمد القطان بالأمس، وقال لي إن «كل هذا الكلام الذي تردد عن السعودية ودفاعها عن الرئيس السابق لا أساس له من الصحة، ونحن لا نتدخل في الشأن المصري.. وموضوع الرئيس مبارك متروك للقضاء والسلطات المصرية ولا دخل لنا به مطلقا».

كما أبدى استعداد السعودية للإسهام في استثمارات بمصر، ونحن قلنا إن مصر أكبر من أن تطلب مساعدات وإنما هي تطلب استثمارات مع ضمانات يستفيد منها المستثمر ومصر، من خلال إيجاد فرص العمل للشباب.. كما عرض السفير السعودي رغبة المملكة في بناء بعض المدارس والمستشفيات وقد رحبنا بذلك.. إذن لا توجد أي حساسية من مصر بعد الثورة، وكل بلد وله ظروفه.

* هل يعتزم الدكتور شرف القيام بجولة أفريقية أم أن ظروف مصر لا تسمح بذلك في الوقت الراهن؟

- سوف يتم الإعداد لهذه الجولة، وظروف مصر تسمح بالانفتاح على كل دول العالم، وخاصة العرب والأفارقة.

* هل هناك اتجاه لتعيين وزير دولة للشؤون الأفريقية كما كان في السابق؟

- هذا الاتجاه مطروح ووارد، لكن الحكومة الراهنة هي حكومة تصريف أعمال مؤقتة، ووزارة إدارة أزمة. لكن وزارة الخارجية بها إدارة أفريقية مميزة، وأيضا وزارة الموارد المائية مهتمة بأفريقيا للغاية.. والمسألة ليست وزارة، قدر كونها تنصب على إبراز الاهتمام والأولوية وتنفيذ الخطط والبرامج التي يتفق عليها.

* هل تشعرون بالراحة لنتائج الحوار الإيجابية مع إثيوبيا؟

- أنا كنت سعيدا جدا بزيارة السفير الإثيوبي لي مؤخرا، وشعرت بمشاعر طيبة جدا، وقلت له بالحرف الواحد في وجود الدكتورة فايزة أبو النجا (وزيرة التعاون الدولي والتخطيط): «انتبهوا في الظرف الراهن، لأن هناك قوى تريد العبث بالعلاقة بين مصر وإثيوبيا»، فرد قائلا: «نحن متنبهون لذلك».

* هل من المتوقع تبادل الزيارات على مستوى رئاسة الوزراء بين البلدين، خاصة بعد زيارة السفير الإثيوبي الأخيرة للدكتور شرف؟

- كل شيء وارد.

* وهل هناك وعد واضح من إثيوبيا بتجميد بناء السد الذي يحجز المياه عن مصر؟

- لا أستطيع أن أجزم بذلك، كما لا يستطيع أحد منع المياه عن مصر.. لأن التدفق الطبيعي للمياه لا يمكن منعه مهما كانت قدرة السدود. وإثيوبيا تدرك ذلك، وكل علماء المياه يدركون ذلك، لكن من دون شك سيكون هناك تأثير.. وعلى أي حال لدينا حوار إيجابي في الوقت الراهن مع إثيوبيا.

* إذا انتقلنا للوضع الداخلي، هل لديك مخاوف من ثورة مضادة أو إجهاض لمكاسب الثورة؟

- كل ثورة في التاريخ أعقبتها ثورات مضادة.. وتوجد ثورة مضادة في مصر تتمثل في فلول الحزب الوطني ونظامه من ذوي العقليات المظلمة، وأيضا لا أستبعد وجود أياد أجنبية لا تريد لمصر خيرا.

لكن الشعب المصري واع وذكي، وسيكشف هؤلاء جميعا ولن يعطيهم الفرصة لكي يعتدوا على مكتسبات الثورة. وبالتالي أنا مطمئن لفطنة الشعب المصري، وأن حركة التاريخ صاعدة وليست هابطة.

* البعض لديه هواجس حول إمكانية حدوث انقلاب، فما تقييمك للموقف؟

- الجيش المصري جيش وطني.. التحم مع الشعب منذ البداية، ويعرف ماذا يفعل. وقام بحماية هذه الثورة العظيمة، وأعلن بوضوح منذ اليوم الأول أنه ليس بديلا عن الشرعية الشعبية، وأنه يريد تمكين الثورة من إقامة دولة مدنية ديمقراطية عادلة.. ولن يحدث ذلك الذي يتمناه أعداء مصر.

* هل ستشكل لجنة قضائية خاصة لبحث ملفات الفساد؟

- القضاء وجهاز الكسب غير المشروع يتعاملان مع كل ملفات الفساد، وهما كفيلان بذلك.

* ما هي نتائج الحوار الوطني في تقديركم حتى اليوم؟

- اتفقت مع الدكتور عصام شرف على نقل الحوار إلى المجتمع المدني برئاسة الدكتور عبد العزيز حجازي، الذي يرأس جمعيات المجتمع المدني. وقد نقلنا الحوار إليه، وهو يعد نفسه حاليا لهذه المهمة كي يبدأها من جديد. وسوف يشارك في الحوار كل فئات الشعب المصري، بلا تهميش أو إقصاء، وإنما كل من يرغب في المشاركة سيجد لنفسه مكانا.

* وما حقيقة رغبة الدكتور عصام شرف في الاستقالة أكثر من مرة؟

- هذا الخاطر يرد على ذهن كل مسؤول في الوقت الحالي، لأن الضغوط كثيرة والأوضاع قاسية.. وبالتالي هذا التفكير يخطر بذهن الجميع، أنا والوزراء والدكتور عصام والمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يريد أن يذهب إلى الثكنات اليوم قبل الغد. والدكتور عصام شرف عف اليد واللسان، ودائما ما أقول له «أنت أكثر شبابا مني، ويمكن أن تتحمل.. أما نحن فقد أرهقنا إرهاقا شديدا، لكن المسؤولية تدعونا إلى الصبر».