وزير الخارجية الإماراتي: نحو 640 أسيرا لدى القراصنة في الصومال بينهم أطفال

الإمارات تكشف تفاصيل تحرير سفينتها وتحشد الجهود الدولية لمحاربة القراصنة

TT

في تفاصيل جديدة للعملية التي شنتها القوات الإماراتية مطلع الشهر الحالي لتحرير سفينة إماراتية محتجزة من قبل قراصنة صوماليين، أكدت الإمارات أمس أنها نجحت، وبالتنسيق مع الأسطول الخامس الأميركي، في اقتحام وتحرير سفينة «أريلة – 1» الإماراتية التي تم الاستيلاء عليها من قبل القراصنة في منطقة بحرية واقعة شرق عمان في بحر العرب، وإعادة الأشخاص الذين يشتبه بتورطهم في محاولة اختطاف السفينة إلى الإمارات لتتم محاكمتهم، بينما تم إطلاق سراح البحارة المحتجزين.

وقال وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان إن هذا الحدث أثبت للعالم التزام الإمارات بإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب التي ميزت عمليات عصابات القرصنة في تهديدها للممرات البحرية في منطقتنا، وهي الأنشطة التي تهدد مكانة دولة الإمارات في المنطقة كمركز للتجارة والأعمال. لافتا إلى أن المشتبه بتورطهم في عملية الاختطاف سيخضعون للمحاكمة، الأمر الذي يجعل من الدولة واحدة من الدول القلائل في العالم التي تبذل قصارى جهدها في سبيل ملاحقة القراصنة، ولهذا، فإننا نشجع الدول كافة على تبني مسؤولياتها القضائية في أعقاب عملياتها العسكرية.

وفي بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه فإن «العملية العسكرية الناجحة، التي نفذتها دولة الإمارات، تعكس حجم الاستثمارات التي قدمتها الدولة في مجال عمليات مكافحة القرصنة، حيث قدرت المنظمة الدولية للملاحة البحرية التكاليف السنوية لمكافحة القرصنة بما يتراوح ما بين (9 – 12) مليار دولار أميركي، من ضمنها مليارا دولار أميركي كنفقات الدول المساهمة في الاستجابة العسكرية الدولية على القرصنة.

واعتبر وزير الخارجية الإماراتي أن تجربة تحرير السفينة «أريلة – 1» تشير إلى توجه مقلق لجهة تصاعد أعمال القرصنة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2011، «فعلى الرغم من الاستجابة الدولية العالية، فإن عدد الهجمات التي شنها القراصنة خلال العام الحالي قد ازداد».

ولا يقتصر نطاق هذه الهجمات على المناطق المقابلة للسواحل الصومالية فحسب، بل إنها وفي حقيقة الأمر امتدت وللمرة الأولى منذ عامين إلى منطقة جنوب شرقي آسيا. كما أثار تزايد عدد الهجمات على السواحل في غرب أفريقيا قلق المراقبين أيضا في الوقت ذاته.

ووفقا للبيان، فقد أعرب الكثير من المراقبين عن قلقهم من أن القرصنة بدأت تصبح «الصناعة الإجرامية» للقرن الـ21. ونظرا لكون القرصنة مسألة ربحية، فقد أخذت عصابات القرصنة تقوم بتطوير وتحديث نفسها، حيث أصبحت تستفيد اليوم من التقنيات المعقدة، وهي قادرة على تكييف وملائمة إجراءاتها وأنماطها التشغيلية والتكتيكية بوتيرة سريعة تفوق قدرة القوات البحرية وقوات خفر السواحل على الاستجابة لها. معتبرا أن القراصنة يتوقعون أن يكون عام 2011 الأكثر ربحا بالنسبة إليهم. واعتبر وزير الخارجية الإماراتي أن تزايد الهجمات التي يشنها القراصنة رافقه ارتفاع مثير للقلق في مستويات العنف. فقد أعرب العالم أجمع عن سخطه وغضبه الشديدين في نهاية شهر فبراير (شباط) لمقتل أربعة سياح أميركيين تم اختطاف مركبهم من قبل القراصنة قبالة سواحل عمان. وعادة ما ترافق أعمال العنف هذه زيادة في معاناة أفراد أطقم البحارة والمسافرين الذين يتم احتجازهم عند اختطاف السفن. لافتا إلى أن نحو 640 شخصا يقبعون في الأسر حاليا كرهائن في الصومال بينهم أطفال، كما أمضى بعض هؤلاء زهاء عامين في الأسر.

إلى ذلك، دعا الشيخ عبد الله بن زايد إلى «عدم السماح للمناقشات المتعلقة بتكاليف مكافحة القرصنة بأن تؤدي إلى توقف البحث عن حلول مستدامة للقرصنة، كما يتوجب علينا التوصل إلى هذا الحل بالنسبة لليابسة أيضا في الصومال، الأمر الذي قد يؤدي إلى حصول الفئات الشابة في الصومال على مستقبل مشرق وعلى سبل مستدامة للعيش كي لا ينساقوا إلى حياة الإجرام والعنف». ويرى البيان الإماراتي أن الصندوق الائتماني الذي أنشأته مجموعة الاتصال الدولية الخاصة بمكافحة القرصنة، والذي تذهب 70 في المائة من أرصدته إلى مشاريع في الصومال، لن يكون قابلا للاستمرار ماليا بعد الآن ما لم يتلق تمويلات إضافية عاجلة.

وبحسب وزير الخارجية الإماراتي فإن هذا الأمر يقف وراء موافقة الإمارات العربية المتحدة، وبناء على طلب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، على الرئاسة المشتركة مع الأمم المتحدة لاجتماع المانحين الدوليين خلال المؤتمر رفيع المستوى حول مكافحة القرصنة الذي تستضيفه دولة الإمارات الأسبوع المقبل في دبي.

وسيقدم هذا التبرع فرصة تاريخية لكافة المستفيدين من دعم الجهود الدولية الجارية حاليا لمكافحة القرصنة، كما سيضمن ألا تؤثر التكاليف التي نتكبدها الآن على التزامنا طويل المدى بالتوصل إلى علاج للمشكلة.

وأشارت دولة الإمارات إلى أنها سوف تقدم مساهمة مستدامة إلى الصندوق الائتماني، وستشجع شركاءه الدوليين وقادة القطاعات ذات الصلة على فعل الشيء ذاته. داعية المجتمع الدولي في الوقت الذي يتم فيه صياغة جداول الأعمال، أن يبقى يقظا للتهديد المتزايد الذي تشكله القرصنة البحرية. ومن المهم جدا أن نمضي قدما في هذه العملية، وعليه فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تتطلع خلال الشهر الحالي إلى استضافة كافة شركائها الدوليين من حكومات وقطاعات أخرى في الحرب ضد القرصنة البحرية.

يشار إلى أن قراصنة هاجموا مطلع الشهر الحالي في بحر العرب السفينة الإماراتية «أريلة – 1» التي كانت في طريقها من أستراليا إلى ميناء جبل علي في دبي، والتي تستخدم في نقل بضائع الصب.