ضغوط على اليونان لرفع القيود عن كلياتها الخاصة

أوروبا تريد من أثينا تخفيف الرسوم الباهظة ووقف التدخل في توظيف المدرسين

«كلية ألبا لإدارة الأعمال» تخضع لقيود حكومية أكثر من الجامعات الحكومية العادية في اليونان (نيويورك تايمز)
TT

تواجه اليونان إمكانية اتخاذ الاتحاد الأوروبي إجراءات قانونية بحقها ما لم تبرهن للاتحاد بأنها تتخذ خطوات عملية لرفع سلسلة القيود المفروضة على الكليات الخاصة التي تنافس الجامعات الحكومية والجامعات التقنية في قطاع التعليم العالي في البلاد.

هذه الكليات التي تدرس طلابها مناهج دراسات عليا متخصصة في مجالات إدارة الأعمال والقانون والسياحة وإدارة الفنادق، تعد مجموعة غير متساوية في القيمة العلمية. فهناك كليات مثل «كلية ألبا لإدارة الأعمال»، والتي تعتبر مؤسسة تعليمية رائدة، وتعد مصدرا لأصحاب الأعمال في الحصول على موظفيهم من خلالها، في الوقت الذي يوجد عدد آخر من الجامعات الجديدة والمعاهد الأصغر والأقل مصداقية أكاديمية.

من بين الشروط التي فرضت على هذه الكليات، تقديم 500.000 يورو (715.000 دولار) كضمان بنكي يغطي المبالغ المستردة من الرسوم الدراسية للطلاب وأجور العاملين في حال إغلاق الكلية، وهي لا تتوافق وقوانين الاتحاد الأوروبي بشأن عرض وتلقي الخدمات، بحسب المفوضية الأوروبية.

وهناك بعض القيود الأخرى مثل الحاجة إلى معلمين في الكليات الخاصة، التي أبرمت اتفاقات امتياز من الجامعات الأجنبية للوفاء ببعض المطالب الأكاديمية الخاصة، وهو ما يشكل تدخلا غير ملائم من قبل الحكومة اليونانية، بحسب رسالة من الاتحاد الأوروبي في بروكسل. وتعطي الرسالة المؤرخة 27 يناير (كانون الثاني) الماضي الحكومة اليونانية مهلة شهرين للالتزام بقانون الاتحاد الأوروبي أو مواجهة محكمة العدل الأوروبية.

وبغض النظر عن خطوة الاتحاد الأوروبي، فقد شهدت الساحة اليونانية نقاشات أوسع بين الحكومة والمسؤولين الأكاديميين، الذين يقولون إن الجامعات الخاصة لا تعتبر بديلا تقليديا لجامعات الدولة التقليدية والكليات التقنية والجامعات ذاتها التي تقول إن منافسة القطاع الخاص ضرورية لتحسين التعليم العالي اليوناني.

تم وضع غالبية هذه القيود في عام 2008 خلال سعي الحكومة المحافظة السابقة إلى تنظيم المنطقة الرمادية، حيث تعمل العشرات من هذه الكليات لسنوات مثل الشركات الخاصة، تحصل على رخص من وزارة التنمية. وخلال الصيف الماضي، طلبت الحكومة الحالية من الكليات الوفاء بالشروط الجديدة لإعادة تجديد تراخيصها. وفي الخريف وافقت الحكومة على 30 رخصة ورفضت عشرا.

من جانبها أكدت وزارة التعليم نهاية الشهر الماضي أنها استجابت لتحذيرات المفوضية الأوروبية في غضون الحد الزمني الأقصى. وقالت وزارة التعليم في بيان لها: «أرسلنا ردا أوضحنا فيه مقترحاتنا التي تهدف إلى احترام قوانين الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي تضمن فيه جودة قطاع التعليم». واعتبرت الوزارة أنها «تواصل مشاوراتها مع الاتحاد الأوروبي، وأنها تجري سلسلة من المناقشات القوية والمتطورة لدعم شرعية الموقف الحكومي بشأن عملية مراكز ما بعد التعليم الجامعي في اليونان».

وقالت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية في رسالة على البريد الإلكتروني: «إذا لم يكن الرد اليوناني مقنعا، فسوف تستخدم المفوضية حقها في اللجوء إلى العمل القانوني»، مشيرة إلى أنه «رغم ذلك لن تفرض الجزاءات المالية في المرحلة الراهنة».

وعلى الرغم من انتهاء النزاع بين الطرفين، فإن الكليات الخاصة تواجه عقبة أخرى، فالحكومة اليونانية لا تعترف بالشهادات التي أصدرتها هذه الجامعات للخريجين لتكون مكافئة للدرجات التي تمنحها الجامعات الحكومية اليونانية. واستشهدت بالمادة السادسة عشرة من الدستور اليوناني التي تحظر عمل الشركات الخاصة في قطاع التعليم العالي والتي دافع عنها بقوة طلبة الجامعات والأساتذة في أعقاب تأسيس هذه الكليات عام 1975 بعد عام من سقوط الديكتاتورية العسكرية في اليونان.

ويقول نيكولاوس ستافراكاكيس، المتحدث باسم رابطة أساتذة الجامعات اليونانية: «هناك صراع كبير بين النظرية والتطبيق، فالسلطات تتجنب التعامل مع المشكلة خشية وقوع أزمة سياسة». وقد قدمت الوزارة تنازلا مميزا، عندما أصدرت في فبراير (شباط) الماضي قرارا بمنح خريجي الجامعات الخاصة نفس الحقوق التي يتمتع بها خريجو الجامعات الحكومية، والتي تتضمن حق الحصول على الوظائف وعضوية الاتحادات المهنية. ويأتي هذا القرار في أعقاب عام ونصف العام من قرار المحكمة الأوروبية الذي أدان الحكومة اليونانية بانتهاك قوانين الاتحاد الأوروبي في الاعتراف بالحقوق المهنية لخريجي مراكز التعليم ما بعد الثانوي وقضت بتغريم الحكومة اليونانية 975.000 يورو.

وستمهد الخطوة الجديدة الطريق أمام ما يقرب من 25.000 من خريجي الكليات الخاصة في الحصول على حقوق مهنية متساوية مع نظرائهم من الجامعات الحكومية، وهو الأمر الذي عارضه طلبة الجامعات الحكومية والذين يؤكدون على أن ذلك سيقلل من فرص حصولهم على الوظائف وانتقدوا «تجارية التعليم» على مواقع الإنترنت والمظاهرات الاحتجاجية.

ويرى كوستاس ستراتيس (24 عاما) الذي يدرس تكنولوجيا المعلومات في جامعة أثينا، أن طلبة الكليات الخاصة يجب ألا يحصلوا على نفس الحقوق التي يحصل عليها طلبة الجامعات. ويقول: «نحن لم ندفع للجامعة الخاصة لكي تقدم لنا التعليم. لقد عملنا بجد لنصل إلى الجامعة، وقد تنافسنا مع الطلاب الآخرين للحصول على هذه المكانة».

ومن بين الجامعات التي واجهت مشكلات في تجديد ترخيصها معهد الدراسات الفرانكوفونية، الذي حصل على امتياز من جامعة باريس13 (واحدة من 13 مؤسسة تشكل ما كان يعرف بجامعة السوربون)، نظرا لفشلها بصورة مؤقتة الصيف الماضي في الوفاء بالشرط المفروض عليها من قبل الحكومة، إذ لم تتمكن من تقديم الضمان المصرفي في الموعد المحدد وقدمت استئنافا في المفوضية الأوروبية والمحكمة اليونانية ضد شرعية القيود الحكومية. ويرى ستليانوس أمارجياناكيس، المدير العام لمعهد الدراسات الفرانكوفونية، أن تحذير الاتحاد الأوروبي يعد انتصارا معنويا للكلية المتخصصة في الاقتصاد وإدارة الأعمال والقانون وحصلت على ترخيصها في أكتوبر (تشرين الأول).

ولم تحاول بعض الكليات الخاصة التي تم إلغاء ترخيصها، الوفاء بهذه الشروط وأبدت ترددا في تقديم شهادات وصفت بأنها أدنى من الدرجات العلمية الممنوحة من الجامعات. فيما حاولت أخرى التحايل على القيود، فعندما ألغي ترخيص كلية ألفين سنتر، التي تمنح درجة البكالوريوس في السياحة والفنادق، الصيف الماضي بعد العمل 24 عاما في اليونان، قامت بالاندماج مع كلية سيتي يونيتي بتأمين 500.000 يورو.

* خدمة «نيويورك تايمز»