سورية تنشر «اعترافات خلية إرهابية» تقول إنها تلقت أوامرها من نائب لبناني.. والنائب ينفي

الجراح لـ«الشرق الأوسط»: فبركة مخابراتية لتوريط تيار المستقبل في أحداث سورية

تشييع الجندي أيمن اسماعيل يوسف الذي قتل في بانياس أول أمس، في مدينة حلب (أ.ب.ا - سانا)
TT

بث التلفزيون السوري في الساعة الثانية من فجر أمس ما قال إنها «اعترافات خلية إرهابية زودت بالمال والسلاح من جهات خارجية لتنفيذ مخططات وأعمال تخريبية في سورية» وعرض صورا لأسلحة متنوعة قال إنها «ضبطت مع الخلية الإرهابية». ولم يذكر التلفزيون السوري أي معلومات عن كيفية القبض على هذه الخلية، ولا في أي منطقة. وظهر شريط تحدث فيه 3 أشخاص بعد التعريف عن أنفسهم، عن حصولهم «على تمويل وتسليح ودعم من لبنان» عن طريق النائب اللبناني جمال الجراح، وهو عضو في تيار المستقبل الذي يرأسه سعد الحريري، «من أجل تأجيج المظاهرات والقيام بعمليات تخريب».

ونفى الجراح الاتهامات التي سيقت له، ووصف الاعترافات، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بأنها «فبركة مخابراتية لتوريط تيار المستقبل في أحداث سورية». ونفى الجراح أي «علاقة له أو لتيار المستقبل بهذه الخلية أو بما يحصل في سورية»، مؤكدا أنه «لا يعرف أيا من الأفراد التي وردت أسماؤهم بالتقرير التلفزيوني»، ومشددا على «حرص تيار المستقبل على الابتعاد عن هذا الموضوع واعتماده المبدأ القائل بأن ما يحصل في سورية لا دخل لنا فيه كما أن لا دخل لسورية بشؤوننا الداخلية».

وأشار الجراح إلى أن «هذه الحملة التي تتهم تيار المستقبل بالسعي لزعزعة الوضع في سورية، بدأت داخلية مع قوى 8 آذار لتنتقل بعدها إلى التلفزيون السوري»، معتبرا أنها «حملة تتزامن مع موقف رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الرافض للتدخل الإيراني بالشأن اللبناني والعربي». وأضاف: «هم يسعون لخلق نوع من التوازن بين تدخل إيران بشؤوننا ليقولوا إننا نحن نتدخل بالشأن السوري. كل هذا يجري بتنسيق إيراني سوري مع قوى 8 آذار»، مجددا تأكيده على «حرص تيار المستقبل على الأمن والاستقرار السوري لانعكاسه مباشرة على الاستقرار اللبناني».

ووصفت كتلة المستقبل في بيان أمس ما بثه التلفزيون السوري بـ«الادعاءات الباطلة»، مشددة على أن «لا علاقة لها أو لأي نائب من نوابها لا من قريب أو بعيد بأي تدخل في الأحداث التي تشهدها المدن السورية لا بشكل مباشر أو غير مباشر». وذكرت بأن «الكتلة كانت قد أعلنت مرارا أنها لا ترغب ولا تؤيد التدخل في الشؤون الداخلية السورية، وهذا الأمر ينطبق على نوابها وأعضاء تيار المستقبل كافة». واعتبرت الكتلة أن «هذا الاتهام الكاذب يهدف لتعكير العلاقات اللبنانية السورية الأخوية والزج بتيار المستقبل في اتهامات مختلقة ضده التي هو بعيد عنها كل البعد» لافتة إلى أنها «تحتفظ بحقها القانوني كاملا بما في ذلك الادعاء على الأشخاص الذين اختلقوا ودبروا وأطلقوا هذه الاتهامات الباطلة والمرفوضة».

من جهته، أعرب عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت عن أسفه لأن «يلجأوا إلى هذه الأمور الباطلة»، مؤكدا أن «هذا أمر يسيء للعلاقات اللبنانية ـ السورية». وقال فتفت «إنهم يستهدفون النائب الجراح لأن هناك علاقة عائلية قديمة بين الجراح وعائلة عبد الحليم خدام، وهذا ليس سرا»، معتبرا أن «هناك عقلا لم يتحرر من أفكار الماضي، ويخوض معركة المستقبل بأفكار الماضي»، قائلا: «الذي سيتبع هذه الطريقة رح يفوت بالحيط».

وكان التلفزيون السوري بث شريطا يظهر فيه شخص يجلس على أريكة فخمة، عرف عن نفسه بأنه أنس كنج رئيس الخلية الإرهابية، وقال إنه من مواليد مدينة دمشق عام 1982، ويعمل في مجال اللوحات الإعلانية في مدينة حوش بلاس الصناعية، وإنه ألقي القبض عليه يوم الأحد في 10 أبريل (نيسان). وأضاف أنه شكل خلية من اثنين هما محمد بدر القلم ومحمد أحمد السخنة تحت اسم الثورة السورية هدفها نقل «وضع البلد من سيئ إلى أفضل». وأضاف أنه جاءتهم مهمة وهي الهجوم المسلح على مخفر (السبينة) ـ جنوب دمشق ـ بسبب قلة الحراسة عليه.

وقال كنج في اعترافاته أمام التلفزيون الرسمي: «جندت القلم والسخنة لأنهما كانا من أصدقائي المقربين واقترحت عليهما الموضوع فقبلا وقالا لي إنهما بحاجة للسلاح فقلت لهما إن السلاح موجود وجاءتنا أوامر لتحريض الناس على التظاهر وخاصة أمام الجامع الأموي فأرسلت بدر مع 8 شباب إلى الجامع الأموي ليهتفوا بشعار (الحرية) فاجتمع الناس عليهم وكانوا تقريبا نحو 500 شخص ثم جاءت دوريات الأمن فهرب بدر». وأضاف كنج «أن أوامر جاءتهم بعد ذلك بضرورة التسلح والقيام بعمليات لمساندة درعا واللاذقية وبانياس، وتم هذا بواسطة أحمد عودة الذي كان المرسال بين كنج والنائب جمال الجراح في لبنان، وكان يقول عودة يجب أن نطلق نحن النار على المتظاهرين وعلى المسيرة وعلى الشبان الذين يؤيدون السيد الرئيس بشار الأسد، فأخذ بعض القناصات وأسلحة الكلاشنيكوف منه واتجه مباشرة لموقع المسيرة ولكن لم يطاوعني قلبي فرجعت وأخبرته، فقال لي هذا الكلام مرفوض ويجب أن تطلق النار وتزرع الفتنة».

وتابع كنج الذي كان يتحدث ببطء ويبتلع ريقه كلما جف: «طبعا لم أكن أرى أحمد كثيرا لأنه كان يتردد كثيرا على لبنان ولم يكن يأتي حتى يكون هناك أوامر أو مهمة جديدة»، لافتا إلى أن آخر مهمة كانت «الهجوم على مخفر السبينة بريف دمشق وعلى أساس أن يؤمن أحمد سيارة تشبه سيارات الأمن وتليفونات مطورة جدا وتم تكليف شخص معين لتصوير القتلى والجرحى وإرسال الصور مباشرة إلى موقع الثورة على الـ(فيس بوك)». وقال كنج «إن أحمد أخبره بانتمائه لجماعة الإخوان المسلمين وإنه سيجمعه مع النائب جمال الجراح الذي كان كريما جدا معه وكان يساعد أهله رغم أنه لم يره». وأشار إلى أن «آخر مرة اجتمع فيها مع أحمد كان يتباهى أمامه بشخص اسمه فداء السيد يدعي أنه رئيس الأمن العام لجماعة الإخوان المسلمين بسورية وقال له أحمد أيضا إنه سيأخذه إلى النائب جمال الجراح فسأله سيكون ذلك فقال بعد أن نداهم نحن مخفر السبينة الجراح موجود في لبنان وأنا أعمل في البقاع ووسيلة الصلة بيني وبينه ضعيفة قليلا وعندما لا يكون مشغولا في أحد الأيام سنذهب إليه».

وأضاف كنج «أن أحمد كان يقول له إن هناك خلايا أخرى موجودة وهو لا يعرفها أو هي غير معروفة وهو يتعامل مع رؤسائها والسلاح موفر كثيرا عندهم ويأتي عن طريق لبنان وأن لديه جماعة على الحدود لا تقوم بتفتيشه، وأنه سأل أحمد إذا جاءنا في يوم من الأيام سلاح غريب فكيف سنستطيع التدرب عليه فأكد له أنه قام بتجهيز خلية للتدريب على السلاح وقامت هذه الخلية بتدريبهم على القناصة وأعطتهم قناصات وبعض الأسلحة التي تم تدريبهم على استخدامها».

وأوضح كنج أن أحمد كان يرسم الخطط ويطلب منهم التقيد بها وفي آخر عملية كان الهدف لفت انتباه العالم على الـ«فيس بوك» أي على «موقع الثورة» إلى «أن رجال الأمن هم الذين يقتلون الناس»، ولدى سؤال أحمد عن الأسلحة في حال تم تجنيد أشخاص فقال: «أنت جند أشخاص أما بالنسبة للمال أو السلاح فهو موجود ومؤمن» وقال كنج «دائما كنت أقول في نفسي يجب أن أبلغ دوريات الأمن ولكن دوريات الأمن كانت أسرع مني».

أما محمد بدر القلم، الشخص الثاني الذي ظهر في شريط التلفزيون، فقال إنه يعرف أنس كنج منذ 5 سنوات وعندما بدأت المظاهرات عرض عليه أن يساعده في دفع المال للناس ليتظاهروا وبعد الإلحاح لمعرفة مصدر المال قال له كنج إنه «من جمال الجراح التابع للإخوان المسلمين وإنه يوجد مراسل بين الجراح وكنج وهو عامل اسمه أحمد عودة يقوم بالتنسيق بينهما».

وأوضح القلم أنهم «خرجوا أول فترة وجمعوا الناس ودفعوا لهم المال ومن ثم خرجوا إلى مظاهرة الجامع الأموي منذ نحو أسبوعين بالضبط ولم يعترضهم أحد. وفي الأسبوع الثاني وجدوا أن المظاهرات لا تكفي ولا بد من عمل شيء تخريبي ولم يكن لديهم سلاح، لكن رفيقه أكد أنه خلال 24 ساعة يكون لديهم قناصات وقواذف آر بي جي وكل ما يريدونه حتى إذا اضطر الأمر ممكن تأمين دبابات».

وتابع يروي أنه «بناء على طلب كنج اجتمع القلم وكنج وعودة في دمشق وتم الاتفاق أن يقود القلم السيارة وعودة يقوم بالتفجير في المخفر ويتم تصوير الهجوم ومباشرة ليرسل إلى الـ(فيس بوك)»، مشيرا إلى أنه متأكد من انتماء عودة للإخوان المسلمين.

بدوره، قال محمد أحمد السخنة، الشخص الثالث الذي قيل إنه عضو الخلية الإرهابية، وأكد أنه من مواليد دمشق عام 1986 «إن كنج كان يحرضهم ويقول إن الشهيد بيننا ستنال عائلته جائزة كبيرة جدا وإذا عاش أحدنا أيضا سينال جائزة وسيكون له راتب شهري وإن هناك جماعة خارجية تمدهم بالسلاح من أجل تجنيد أشخاص وإخراج مظاهرات تندد بالأمن وبما يحدث في البلد». وأضاف أن «القلم اشترك بمظاهرة في الجامع الأموي وبمظاهرة في جامع كفرسوسة حتى جاء يوم اجتمعت مع الشباب مع رجل اسمه أحمد وخلال الجلسة تطرقوا للأحاديث عن الوضع وجرى حديث حول ماذا سنفعل. وكان كنج قد خطط لأن نهجم على مخفر شرطة السبينة ويجردهم من السلاح لأن المخفر لا يوجد فيه أمن كفاية».