قتلى وجرحى في عدن.. واشتباك بين لواء الأحمر وقوات أمنية

اليمن: مظاهرات مليونية تشدد على «رحيل فوري» لصالح.. والاتحاد الأوروبي يرحب بالمبادرة الخليجية

حشد من اليمنيين يواصلون التظاهر للمطالبة برحيل الرئيس علي عبد الله صالح في تعز أمس (إ.ب.أ)
TT

تجاوزت صنعاء انفجارا للوضع الأمني والعسكري بصعوبة بالغة، بعد أن اشتبكت قوات أمنية مع قوات الجيش ممثلة في «الفرقة الأولى مدرع» التي يقودها اللواء علي محسن الأحمر، المؤيد لـ«الثورة الشبابية»، في حين تواصلت المظاهرات المليونية وحالات العصيان المدني في عدد من المحافظات، تزامنا مع مواقف أوروبية بشأن التطورات الميدانية والأمنية والتي، في سياقها، سقط، أمس، قتلى وجرحى في عدد من المحافظات اليمنية في المظاهرات المطالبة برحيل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح.

وتصاعدت، أمس، وتيرة المظاهرات والمواجهات في أكثر من محافظة يمنية لرفع سلسلة من المطالب، وقتل شابان في محافظة عدن برصاص قوات الأمن عندما حاول مجموعة من الشباب قطع طريق رئيسي في سياق العصيان المدني الذي تشهده المحافظة منذ عدة أيام، وقال شهود عيان إن عددا من المتظاهرين في عدن سقطوا جرحى برصاص الأمن، وإن القتيلين وعددا من الجرحى سقطوا برصاص قناصة كانوا يعتلون بعض المباني في مدينتي «الشيخ عثمان» و«المعلا» التي يقع فيها الشارع الرئيسي بعدن «مدرم».

ونفى مصدر أمني مسؤول في المحافظة حدوث عصيان مدني وقال إنها كانت «محاولة فاشلة لقطع الطرقات الرئيسية في بعض مديريات عدن»، وإن المجاميع «الخارجة على القانون» قامت بـ«مهاجمة رجال الشرطة بالأعيرة النارية من بعض الأماكن غير المعروفة ومن وراء بعض العمارات»، وأشار إلى تلك «الأعمال الخارجة عن القانون نتج عنها إصابة 4 أشخاص في مديرية المنصورة في حين أصيب خامس بمديرية المعلا في ظروف غامضة»، وأشار إلى أن تلك المجاميع «حاولت الاعتداء بالقوة على جنود الشرطة لانتزاع أسلحتهم غير أنها لم تتمكن من ذلك وتم القبض عليها»، وإلى أن «تلك العناصر قامت أيضا بإحراق سيارة للشرطة وسيارات مواطنين، فضلا عن محاولتها إحراق قسم الشرطة بمديرية المنصورة، إلا أنه تم إحباط ذلك»، وإلى أنها «كانت تسعى إلى القيام بفرض ما سمي بـ(العصيان) بالقوة لشل الحركة إلا أن يقظة الأمن والمواطنين المخلصين أفشلوا تلك الأعمال الفوضوية ولم يتحقق شيئا مما كانت تريده تلك العناصر».

وفي محافظة إب، بوسط البلاد، جرح عدد من طلاب الجامعة، وذلك عندما قامت مجاميع من المسلحين المدنيين أو من يسمون «البلطجية» بإطلاق النار على طلاب جامعة إب المعتصمين داخل الجامعة، من أجل إرغام الطلاب على الدراسة، في حين يرفضون ذلك ويرفعون ذات الشعار الذي يردد في كثير من الجامعات اليمنية وهو: «لا دراسة ولا تدريس.. حتى يسقط الرئيس».

وخرجت مظاهرات حاشدة في معظم المحافظات اليمنية تلبية لدعوة «شباب الثورة» من أجل إعلان رفض المبادرة الخليجية التي يقول المتظاهرون إنهم يرفضونها لأنها لم تنص صراحة على تنحي الرئيس علي عبد الله صالح بعد ما يقرب من 33 عاما في سدة الحكم، ونفذت، أمس، 5 محافظات يمنية عصيانا مدنيا شاملا، في سياق الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإسقاط النظام ورحيل الرئيس صالح، ولليوم الثالث على التوالي، شهدت عدن، وتعز والحديدة عصيانا شاملا، والتحقت بها محافظتا البيضاء ولحج.

وقالت مصادر محلية وشهود عيان في العاصمة اليمنية صنعاء إن دورية من «شرطة النجدة» قامت بمهاجمة نقطة عسكرية تديرها «الفرقة الأولى مدرع» في «جولة عمران» بشمال العاصمة، وتبادل الطرفان إطلاق النار، الأمر الذي أسفر عن سقوط 5 قتلى، من الجانبين، ومنذ أواخر مارس (آذار) الماضي، انشق اللواء علي محسن الأحمر، قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية، قائد الفرقة الأولى مدرع، عن نظام الرئيس علي عبد الله صالح الذي كان «ساعده الأيمن» في الحكم خلال العقود الماضية من الحكم، باتت القوات التابعة للواء الأحمر في «حماية الثورة الشبابية»، حسبما أعلنت والتزمت بذلك.

ووقع الحادث في «جولة عمران» بشمال العاصمة صنعاء، وحسب مصادر محلية فإن دورية «شرطة النجدة» هاجمت النقطة الأمنية التابعة للفرقة قبل تبادل إطلاق النار وسقوط قتيلين من الفرقة و3 من النجدة، ثم جرى احتواء الموقف، وقد اتهمت مصادر رسمية جنود الفرقة بالقيام بما سميت «عملية استفزازية» بحق جنود النجدة، وتقول مصادر مقربة من قيادة الفرقة إن المهاجمين كانوا جنودا في الحرس الجمهوري يرتدون زي النجدة وإن الهدف كان اندلاع مواجهات مسلحة بين الطرفين.

وقال مصدر مسؤول في وزارة الداخلية إن أفرادا من شرطة النجدة «تمكنوا من دحر عناصر مسلحة تابعة للفرقة الأولى مدرع معززة بمدرعات (بي إم بي) وصواريخ من نوع (لو) ورشاشات 14.5 و12.7 دفعت بها قيادة الفرقة منتصف الليلة (قبل) الماضية لمهاجمة أفراد النجدة المرابطين في جولة عمران بأمانة العاصمة التي تقع في نطاق مسؤولية قوات النجدة، بهدف الاستيلاء على الجولة بالقوة»، وأضاف المصدر في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن أفراد قوات النجدة «اضطروا إلى الرد دفاعا عن أنفسهم والتصدي لتلك العناصر المسلحة وإحباط محاولتها الاستفزازية»، وأكد أنه «لم يكن مع أفراد شرطة النجدة خلال الاشتباك مع تلك العناصر سوى أسلحتهم الشخصية»، وحمل المصدر «قيادة الفرقة الأولى مدرع مسؤولية أي محاولة من شأنها إقلاق الأمن والسكينة العامة أو الاعتداء على رجال الأمن والمواطنين وإراقة الدماء وإزهاق الأرواح والإضرار بالممتلكات العامة والخاصة».

وقامت قوات الفرقة الأولى مدرع، الشهر الماضي، بالانتشار في كافة الشوارع القريبة من معسكرها في شمال غربي العاصمة صنعاء وكذا في كافة المداخل المؤدية إلى «ساحة التغيير» أمام جامعة صنعاء، وأعلنت توليها حماية «ثورة الشباب»، وأدى ذلك إلى انسحاب قوات الأمن المركزي ومجاميع «البلطجية» من محيط الساحة، في صورة أوضحت مدى الانقسام في المؤسسة العسكرية اليمنية إزاء التطورات السياسية والميدانية الراهنة.

على صعيد آخر، حث الاتحاد الأوروبي الرئيس اليمني علي عبد الله صالح على العمل «دون تأخير» على «انتقال سياسي سلمي يمكن الوثوق به في اليمن»، وأعرب مجلس وزراء الاتحاد في توصيات له بشأن الوضع في اليمن، عن «قلقه البالغ إزاء الوضع المتدهور في اليمن»، ودان و«بقوة الموجة الجديدة من القمع والعنف ضد المتظاهرين سلميا»، وشجب و«بشدة فقدان المزيد من الأرواح»، وشدد على «وجوب معالجة الاحتجاجات بشكل سلمي».

ودعا الاتحاد الأوروبي السلطات اليمنية إلى «الالتزام بمسؤوليتها في احترام وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع الأفراد، بما في ذلك حريتهم في التعبير وضمان سلامتهم والحيلولة دون إراقة المزيد من الدماء. يؤكد المجلس والدول الأعضاء أنهم سيضعون كافة سياساتهم تجاه اليمن تحت المراجعة الدائمة في ضوء التطورات»، كما دعا إلى فتح «تحقيق متكامل ومستقل في جميع الأحداث الأخيرة التي أدت إلى فقدان الأرواح والإصابات، كما يجب إحالة المسؤولين عن تلك الأحداث إلى القضاء»، وقال بيان صادر عن اجتماع المجلس الوزاري الأوروبي إن على «جميع الأطراف البدء الفوري في حوار بناء وشامل وكامل مع أحزاب المعارضة والشباب»، وأعرب عن استعداد الاتحاد لـ«دعم هذه العملية»، ورحب البيان بمبادرة دول مجلس التعاون الخليجي، وقال إنه «يدرك تماما الدور الذي يمكن أن يلعبه المجلس كوسيط».