كلينتون تعتبر الثورات العربية نهاية «شتاء طويل» وتشدد على أهمية الإصلاح

واشنطن تستعد لمسعى جديد لإطلاق محادثات السلام.. وأوباما يلقي خطابا قريبا حول تطورات المنطقة

وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون تلقي كلمتها أمام المتتدى الاسلامي العالمي في أوشنطن اول من أمس (ا.ب.أ)
TT

اعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن الثورات العربية تشكل نهاية لـ«شتاء طويل» في العالم العربي الذي قالت إنه بدأ «يصبح أكثر دفئا». وخصصت كلينتون خطابها لحشد من المهتمين بتحسين العلاقات بين المسلمين والولايات المتحدة في «منتدى أميركا والعالم الإسلامي» في واشنطن مساء أول من أمس حول التطورات في المنطقة منذ الثورة التونسية وأهمية الإصلاح، بالإضافة إلى التأكيد على استعداد واشنطن لإطلاق مساع جديدة لإقامة سلام بين العرب وإسرائيل.

ودعت كلينتون القادة العرب إلى تبني «ذهنية الإصلاح» التي عمت المنطقة والإسراع في تلبية المطالب المتزايدة لمواطني الدول العربية والتي عبروا عنها في مسيرات وتظاهرات حاشدة منذ بداية العام. وأشادت كلينتون بـ«الشباب العربي» المنتفض ضد «الروايات الخاطئة» التي تحدد الوضع العام في العالم العربي والتي تقف في طريق الإصلاح السياسي والاقتصادي، ومنها أن الشعوب العربية لا تريد تحقيق مصيرها بنفسها. واعتبرت كلينتون أن التطورات في المنطقة «فرصة فعلية للتغيير»، وهي عبارة تتكرر في واشنطن في الدوائر السياسية والاقتصادية في تقييم ما يحدث في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولكن في الوقت نفسه قالت كلينتون إن التطورات في المنطقة تطرح تساؤلات كثيرة حول مستقبل المنطقة وكيفية تعامل شعوب وقادة دول المنطقة مع هذه التطورات. وبينما قالت كلينتون إن الدول العربية هي التي ستحدد أجوبة هذه الأسئلة، فإن «الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل كشريك للمساعدة في تحقيق طموحات المنطقة». وأعلنت كلينتون أن «منظمة الاستثمار الخاص الخارجية الأميركية» ستستثمر ملياري دولار لتشجيع الاستثمار في القطاع الخاص في المنطقة، بالإضافة إلى العمل على صناديق دعم للقطاع الخاص لمصر وتونس.

وعددت وزيرة الخارجية الأميركية في خطابها المطول التعاون الأميركي مع قطاعات في العالم العربي للعمل على دعم المجتمع الدولي والعمل مع «الأقليات المهمشة أو النساء»، قائلة إنه في السابق كان الكثيرون يقولون إن «مصادر قلقنا نبيلة ولكن ليست ملحة». ولكنها أضافت أن التطورات في المنطقة أظهرت أنها بالفعل ملحة. ولفتت إلى «الحيرة» بين شباب المنطقة، مضيفة أن «تغيير القادة لن يكون كافيا لإرضائهم، إذا استمرت المحسوبية والسياسات الاقتصادية المنغلقة التي تخنق الفرص والمشاركة، أو إذا لم يكن من الممكن أن يعتمد المواطنون على الشرطة والمحاكم لحماية حقوقهم». وتابعت أن على صناع القرار والمتمكنين في الحكومات العربية وخارجها أن يتحملوا مسؤولياتهم و«يهندسوا مع الشعوب رؤية إيجابية للمستقبل». ودافعت كلينتون عن سياسات الرئيس الأميركي باراك أوباما، قائلة إنه «منذ اليوم الأول من تولي هذه الإدارة السلطة بدأنا العمل على إعادة توجيه السياسة الأميركية الخارجية». وأضافت «وضعنا الشراكات مع الشعوب، وليست فقط الحكومات، في صلب جهودنا»، معلنة أن أوباما نفسه سيوجه خطابا خلال الفترة المقلبة حول التطورات في المنطقة، ويوضح سياساته.

وأعلنت كلينتون في خطابها أن واشنطن تسعى إلى إحياء فرص السلام في المنطقة وذلك بعد ساعات من إعلان رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جون كيري أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ينوي التوجه إلى واشنطن خلال أسابيع وإلقاء خطاب أمام الكونغرس الأميركي يحدد فيه خطة إسرائيلية للسلام. وهناك جهود أميركية - إسرائيلية لوضع «خطة» للسلام وإعادة المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين المجمدة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي لوقف الجهود الفلسطينية لإعلان دولة فلسطينية.

وتحدثت كلينتون عن أهمية «تقوية التقدم» في مصر وتونس و«ضمان السلطات الانتقالية الحقوق الأساسية للشعوب مثل حرية التجمع والتعبير وتوفير الأمان على الشوارع وأن يعتمدوا الشفافية والشمولية». ولكن كلينتون أقرت بالتحديات الكثيرة في المنطقة، مركزة على العنف في المنطقة، من مصر إلى العراق، والذي يستهدف الأقليات وغيرها من أطياف المجتمع.

ومن جهة أخرى حرصت كلينتون على الإشادة بالعلاقات مع المسلمين ودور المسلمين الأميركيين، قائلة «إنهم يفعلون الكثير لتقوية بلدنا». وعددت كلينتون في خطابها «التحديات المختلفة» التي تواجه المسلمين والأميركيين، وهي «الحاجة لمواجهة التطرف العنيف وضرورة تحقيق حل الدولتين بين الإسرائيليين والفلسطينيين وأهمية احتضان كل مجتمعاتنا لحقوق الإنسان الدولية».

وتحدثت كلينتون في خطابها عن دول معينة تعاني من اضطرابات. وبينما تحدثت عن المطالبة العربية بتدخل أجنبي لفرض الحظر الجوي على ليبيا، قالت إن «الحل الأمني وحده لن يحل التحديات» التي تواجه البحرين. وأضافت أن على الرئيس اليمني علي عبد الله صالح «حل المعضلة السياسية مع المعارضة بطريقة تسمح بتغيير سياسي ذي معنى على المدى القريب بطريقة سلمية ومنتظمة». أما فيما يخص سورية، فقالت إن «على الرئيس (السوري بشار) الأسد والحكومة السورية احترام حقوق الشعب السوري الذي يطالب بحقوق حرم منها منذ زمن».

ورحب المشاركون في «منتدى أميركا والعالم الإسلامي» بخطاب كلينتون الذي جاء في مساء اليوم الأول من المنتدى الذي يختتم أعماله اليوم. وعبر «مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية» (كير) عن ترحيبه بالخطاب. وقال المدير التنفيذي للمنظمة نهاد عوض «نحن نرحب باعتراف الوزيرة كلينتون بالمساهمة الإيجابية التي يقوم بها المسلمون الأميركيون في مجتمعنا».