وثائق «ويكيليكس» تفجر مجددا الصراعات بين السفارديم والأشكناز في «العمل» الإسرائيلي

الوزير هيرتسوغ يشير إلى أن إحدى العقبات أمام بيرتس هي انتماؤه الطائفي

TT

مع نشر المزيد من وثائق موقع «ويكيليكس» المتعلقة بإسرائيل، انفجر مجددا الصراع الطائفي بين اليهود الشرقيين (السفارديم) والغربيين (الأشكناز) في قيادة حزب العمل الإسرائيلي، إذ تبين أن الوزير الأشكنازي، يتسحاق هيرتسوغ، كان قد أبلغ مسؤولا في السفارة الأميركية في تل أبيب بأن رئيس حزب العمل في ذلك الوقت، عمير بيرتس، يواجه عقبات جدية للفوز على اليمين بسبب أصوله العربية، علما بأن بيرتس من أصل مغربي.

وجاء هذا النشر، أمس، مع تصادف إعلان بيرتس نيته العودة للمنافسة على رئاسة حزب العمل، التي يتنافس عليها أيضا هيرتسوغ. وقد خرج أحد مؤيدي بيرتس، النائب إيتان كابل، وهو من أصل يمني، بهجوم كاسح على هيرتسوغ يتهمه بالعنصرية ضد اليهود الشرقيين. وطالبه بالانسحاب من المنافسة على رئاسة الحزب.

ورد هيرتسوغ بنفي قاطع لما جاء في الوثيقة. وقال: «كل من يعرفني ويراقب مواقفي عبر كل تاريخي السياسي يعرف أنني أبعد ما يكون عن العنصرية، وأنني لا يمكن أن أتفوه بكلمات كهذه». وحذر من أن هناك من يريد تحويل المنافسة على قيادة حزب العمل إلى منافسة طائفية. مضيفا أن انحدار المنافسة إلى هذا الدرك سوف تقضي على الحزب وتحطم فرصة عودته إلى قيادة العمل السياسي في إسرائيل.

وبيرتس كما هو معروف، كان قد فاز برئاسة حزب العمل في سنة 2005 وتمكن من الفوز بـ19 نائبا في الكنيست ودخل في تحالف مع حزب كديما برئاسة إيهود أولمرت، في انتخابات سنة 2006. وكان يريد الحصول على وزارة المالية، ولكن أولمرت رفض ذلك واحتفظ بهذه الوزارة لحزبه، وليكتشف في ما بعد أن وزير المالية إبراهام هيرشنزون أدين بتهمة السرقة ويمضي اليوم محكوميته بالسجن. وأما بيرتس فقد عين وزيرا للدفاع. وقد اتفق مع أولمرت على تخفيض ميزانية الجيش بخمسة مليارات شيقل (1.2 مليار دولار في ذلك الوقت)، مما أغضب الجيش. ومع الإخفاقات في حرب لبنان الثانية، تم ربط بيرتس بهذا الفشل واضطر إلى الاستقالة من الحكومة ورئاسة الحزب، ليحل محله إيهود باراك.

ويرى بيرتس أن الإسرائيليين اليوم يعرفون أنه كان وزير دفاع جيدا، فهو الذي أمر باختيار منظومة «القبة الحديدية» لمكافحة صواريخ حركة حماس وحزب الله (التي تعتبر اليوم شعبية جدا في إسرائيل بسبب تصديها إلى الصواريخ متوسطة المدى التي أطلقت من غزة، ونجحت في تدمير ثمانية من تسعة صواريخ قبل أن تصل إلى أهدافها في المناطق المأهولة في إسرائيل). ويسانده حاليا أربعة من مجموع ثمانية نواب يمثلون حزب العمل في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي).

وتكشف الوثائق المذكورة أمورا أخرى من نشاط السفارة الأميركية في تل أبيب، يتضح منها أن السياسيين والعسكريين الإسرائيليين يتعاملون مع الدبلوماسيين الأميركيين، كما لو أنهم المعلم الذي يحجون إليه باستمرار، مهما اختلفت مواقعهم ومواقفهم ودرجاتهم. وهؤلاء الدبلوماسيون يعطون «علامات» للقادة الإسرائيليين ويطلقون عليهم مختلف الأوصاف. ففي إحدى الوثائق يصفونهم بصفة الأحصنة: «وبيرتس حصان بلون مختلف، باراك حصان عنجهي وبنيامين بن اليعازر (مسؤول في العمل أيضا) حصان ميت والرئيس شيمعون بيريس حصان عجوز».

وتكشف الوثائق أن المخابرات الأميركية حاربت شركة إسرائيلية تقدم خدمات استشارة استراتيجية لعدد من دول أميركا اللاتينية، لأن أحد موظفيها نسخ وثائق سرية من حكومة كولومبيا بهدف تسريبها إلى المتمردين هناك. والشركة تعرف باسم «غلوبل سي إس تي» ويملكها الجنرال في الاحتياط يسرائيل زيف، الذي كان آخر منصب له في الجيش الإسرائيلي رئيس قسم العمليات سنة 2006. وكشفت الوثائق، حسب صحيفة «هآرتس»، أنها تبيع أسلحة وخدمات أمنية في عدة دول في أميركا اللاتينية وأفريقيا وحتى في أوروبا. فهي تقدم استشارات لدولة البيرو بقيمة 9 ملايين دولار في السنة، وتتبنى تدريب وحدات في جيش كولومبيا وتدير نشاطا مخابراتيا وتفاوض على تقديم خدمات شبيهة لكل من بنما والأكوادور. وفي أفريقيا تقيم حرسا رئاسيا خاصا في غينيا وتبيعها الأسلحة، وتدرب وحدات مكافحة الإرهاب وتقدم استشارة استراتيجية لكل من توغو والغابون ونيجيريا. وتولت تدريب قوات في جورجيا قبل الحرب مع روسيا. ولولا محاربة الأميركيين لها، لكان نشاطها أوسع، مع العلم بأن عمرها لا يزيد على أربع سنوات.