السودان: مقتل أكثر من 20 في أعمال عنف بجنوب كردفان

مسؤول في الحركة الشعبية لـ «الشرق الأوسط»: مرشح الحكومة يسعى لنقل نموذج دارفور إلى كردفان

TT

قالت مصادر سودانية إن أكثر من 20 شخصا، بينهم نساء وأطفال، قتلوا في مواجهات عنيفة اندلعت في منطقة «الفيض» بالقطاع الشرقي في ولاية جنوب كردفان، التي تشهد انتخابات تكميلية لاختيار حاكم للولاية، يتنافس عليها من جانب المؤتمر الوطني والي جنوب كردفان الحالي، أحمد هارون، ونائبه عن الحركة الشعبية (الحاكمة في الجنوب) عبد العزيز آدم الحلو.

وحسب المصادر فإن القتال اندلع بين قبيلتي دار فايد، ذات الأصول العربية، وتقلى، المنحدرة من النوبة الأفريقية، واستمرت من صباح أول من أمس وحتى الخامسة مساء، بالتوقيت المحلي، بسبب مقتل أحد رجال الإدارة الأهلية من منطقة الفيض قبل شهر.

وأثارت انتخابات حاكم الولاية وبرلمانها نزاعات في كل مراحلها، ومن المقرر أن تجري يوم الثاني من مايو (أيار).

وشهدت المنطقة بعضا من أعنف المواجهات بين الشمال والجنوب خلال عقود من الحرب الأهلية، وتشهد منافسة ضارية بين الحزبين الحاكمين في الشمال والجنوب. ويرشح حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الشمال أحمد هارون حاكما للولاية، الذي تتهمه المحكمة الجنائية الدولية بالتورط في جرائم حرب في دارفور. ويشك كثيرون في إمكانية انتخابه، لأنه ليس من أبناء الولاية. وتقول الحركة الشعبية لتحرير السودان المهيمنة على الجنوب إن دوره كان يتمثل في حشد وتسليح الميليشيات التي كانت تهاجم أنصارها لمنعهم من التصويت.

وقال عبد العزيز الحلو، مرشح الحركة الشعبية لمنصب حاكم الولاية لـ«الشرق الأوسط»، إن هارون يستخدم الميليشيات لزعزعة الاستقرار وترويع السكان. وقال إن ميليشيا الدفاع الشعبي، تقوم بقتل الضحايا حرقا ورميا بالرصاص، محذر من أن الخطوة ستقود إلى اشتعال الحرب في جميع أنحاء السودان. وقال إن على الذين يقومون بتلك الأعمال أن يضعوا في اعتبارهم مأساة دارفور القائمة حاليا، واصفا الأحداث بشكل من أشكال الهروب من الانتخابات، التي قال إن نتيجتها صارت واضحة وشبه محسومة.

وأضاف: «تعد هذه الأحداث المفتعلة واحدة من السيناريوهات السيئة التي رسمها المؤتمر الوطني للتنصل من أهم استحقاقات اتفاقية السلام، المتمثلة في قيام حكومة منتخبة وإجراء المشورة الشعبية لتحديد مستقبل الإقليم»، مشيرا إلى أن الإقليم ظل خارج حساب المركز لحقبة طويلة من الزمان جعلته من أكثر المناطق تهميشا.

وقال الحلو إن والي جنوب كردفان، أحمد هارون، قام بإطلاق سراح قائد الدفاع الشعبي، صالح جادين، وأضاف أن جادين تم اعتقاله على خلفية ترويع المواطنين وزعزعة أمن واستقرار الولاية، عبر نصبه الكمائن ومهاجمة القرى ونهب المواطنين، وقال إن الرجل ظل يستخدم الجمال والدراجات البخارية والسيارات لتنفيذ عملياته، خلال الفترة من 2007 إلى عام 2009. وتابع: «جادين يتزعم عصابة تضم 196 مجرما مطلوبا للعدالة، وقد تم اعتقاله في مايو (أيار) عام 2009 نتيجة عمليات مشتركة بين القوات المشتركة المدمجة والشرطة والاحتياطي المركزي والجيش السوداني». وقال مصدر للأمم المتحدة لـ«رويترز» إنه وقعت أعمال عنف في الفايد بجنوب كردفان، الأمر الذي تسبب في وقوع خسائر بشرية، لكنه لم يقدم المزيد من التفاصيل. واتهم الحلو حزب المؤتمر الوطني بحشد قوات في الولاية. ويقول مشروع «سنتينال للمراقبة بالأقمار الصناعية»، الذي أقامه نشطاء لمراقبة تحركات القوات في مناطق النزاع، إن لديه صورا التقطت بالأقمار الصناعية لهذه الحشود.

وأضاف الحلو أنه لو تولى هارون السلطة في جنوب كردفان، في حين يسيطر حزب المؤتمر الوطني على السلطة في الخرطوم، فسيحولان جنوب كردفان إلى «جحيم» على الأرض، ويهاجمان الناس، ويعلنان الحرب هناك. إلى ذلك قال الجيش السوداني إن وحدات منه تصدت لمجموعة مسلحة تسللت إلى داخل مدنية كبكابية بشمال دارفور، على متن عربتي دفع رباعي، وحاولت اقتحام أحد البنوك «بهدف النهب».

وأشارت وكالة الأنباء السودانية الرسمية إلى أن القوات الحكومية تصدت للمجموعة وأجبرتها على الهروب، كما طاردتها وتمكنت من إلقاء القبض على خمسة منها.

وفي سياق ذي صلة، نقلا عن «رويترز»، قال متحدث باسم بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي المشتركة لحفظ السلام في دارفور إن نازحي دارفور احتجزوا 12 من عمال الإغاثة السودانيين رهائن في معسكر «كلمة» للنازحين، الأمر الذي يزيد التوتر في المنطقة الواقعة في غرب السودان. وتفيد تقديرات بأن ملايين أجبروا على النزوح من ديارهم إلى معسكرات، وأن 300 ألف شخص قتلوا في دارفور نتيجة التمرد هناك وجهود الحكومة لإخماده.

وقال كريس سيكمانيك، المتحدث باسم بعثة حفظ السلام: «عمال الإغاثة خطفوا الشاحنات ردا على اعتقال أحد النازحين على أيدي الأمن الوطني في التاسع من أبريل». وقال إن الأمم المتحدة وزعماء من معسكر «كلمة» في جنوب دارفور يتوسطون، ومن المتوقع إطلاق سراح عمال الإغاثة في وقت لاحق يوم الأربعاء، مضيفا أن جماعات إغاثة أخرى علقت عملياتها في المعسكر خلال الحادث.

و«كلمة» من أكثر معسكرات النازحين ارتباطا بالسياسة في المنطقة، ويضم عشرات الآلاف ممن فروا من القتال ويرفضون العودة إلى ديارهم إلى أن يتحقق لهم الأمان في ذلك.