«العوينة» قاعدة عسكرية تونسية أصبحت سجنا لرموز عهد بن علي وعائلته

بناها الفرنسيون.. وظلت مطارا مدنيا منذ 1940 حتى 1972

TT

لم تتوقف تعليقات التونسيين منذ الإعلان عن إيداع مجموعة من أقارب الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين في بداية شهر يناير (كانون الثاني) الماضي في القاعدة العسكرية بالعوينة، وإلحاق بعض المسؤولين من رموز العهد الماضي بنفس مكان الاعتقال.

وتكاد المعلومات عن هذه الثكنة أن تكون شحيحة، وهي غير معروفة بالنسبة لكثير من التونسيين حتى من قاطني تونس العاصمة، وذلك جراء الصرامة المعروفة عنها باعتبارها تقع تحت تصرف وزارة الدفاع الوطني، ولا يمكن زيارتها إلا في بعض المناسبات النادرة على غرار عيد الجيش في 24 يونيو (حزيران) من كل سنة. ويوجد في هذه الثكنة مقر الشرطة العسكرية وإدارة الخدمة الإنمائية، وهي إحدى الوحدات العسكرية المختصة في البرامج التنموية التي ينفذها الجيش، هذا إلى جانب مطار عسكري متوسط المساحة تم الاحتفاظ به بعد تحويل الحركة الجوية إلى مطار تونس قرطاج الدولي، وكذلك ناد لضباط الجيش. وتتميز بنايات هذه القاعدة العسكرية بكونها عالية، وأسوارها مرتفعة، بحيث لا يمكن للمارين من الطريق الرابط بين تونس العاصمة والضاحية الشمالية أن يروا شيئا من الخارج.

وكانت بداية توجيه بعض المعتقلين من رموز عهد بن علي إلى قاعدة «العوينة»، يوم 20 يناير الماضي حين تم الإعلان عن اعتقال 33 من أقارب الرئيس التونسي المخلوع، وتم حجزهم فيها. ثم توالت الاعتقالات وشملت محمد الغرياني، الأمين العام للتجمع الدستوري الديمقراطي الحزب الحاكم سابقا، وكذلك عبد الرحيم الزواري، وزير النقل السابق، والأمين العام السابق كذلك لحزب التجمع. ويقول المؤرخ التونسي خالد عبيد، إن القاعدة العسكرية في العوينة استغلت منذ إنشائها في عقد الثلاثينات من القرن الماضي، كمطار مدني منذ سنة 1940 إلى غاية سنة 1972، عندما دخل مطار تونس قرطاج الدولي مجال الخدمة الجوية، فتم تحويل المطار القديم بالعوينة إلى قاعدة عسكرية اتخذت نفس الاسم، وهي التي توزع مهام الجيش الوطني على بقية الثكنات الموزعة في مختلف أنحاء البلاد. وبنى المطار الفرنسيون. وكانت الطائرات بشقيها المدني والعسكري تهبط فيه، بيد أنه تطور ليصبح قاعدة عسكرية على غاية من الأهمية باعتبارها الأقرب إلى العاصمة. ويضيف عبيد أن الألمان استعملوا المطار خلال الحرب العالمية الثانية بعد أن استحوذوا عليه من أيدي الفرنسيين، وذلك خلال ربيع سنة 1943 عندما تمركزوا في تونس.

وحسب بعض زوار القاعدة العسكرية أو من أدوا الخدمة العسكرية فيها، فإنها تخلو من تجهيزات الرفاهية، والتهوية فيها طبيعية، ولا تتطلب أجهزة تبريد في الصيف لعلو سقوفها. وتوجد في الغرف الداخلية أسرة مكونة من طابقين هي في الأصل مخصصة للجنود الذين يقضون أحكاما، والاحتفاظ بهم في قاعدة عسكرية، بيد أن القضاء التونسي يرى أن الاحتفاظ بهم في القاعدة العسكرية أفضل لسلامتهم من بقية السجون. وفي غضون ذلك، يلمح المحامون إلى إيداع بعض رموز العهد السابق خاصة أولئك الذين اصطلح الشارع التونسي على تسميتهم « العبادلة الثلاثة» وهم عبد العزيز بن ضياء وعبد الله القلال وعبد الوهاب عبد الله، في السجن المدني بالمرناقية الواقع على بعد 14 كلم عن العاصمة التونسية. ويتندر التونسيون على المعتقلين هناك، ويدعون علنا إلى إدماجهم في تدريبات عسكرية شاقة، باعتبار أن غالبيتهم وخاصة من أقارب الرئيس المخلوع، تهربوا من الخدمة العسكرية، وأن الفرصة حانت لأدائها. وأشارت مصادر مطلعة إلى أن أقارب الرئيس التونسي المخلوع البالغ عددهم 33 فردا تم الفصل بينهم وبين بقية النزلاء الجدد، وهم الغرياني والزواري، وذلك لضمان سلامة مجموع المعتقلين. وأكدت المصادر ذاتها أن وزارة الدفاع الوطني اضطرت خلال الفترة الماضية لاقتناء كمية من المهدئات وزعتها على أقارب الرئيس المخلوع بعد أن تدهورت نفسية كثير منهم جراء افتقادهم للمواد المخدرة، علما أن التحقيقات الميدانية كشفت عن تعاطي معظم أفراد العائلة للمخدرات، وتم العثور على كميات منها في القصور والمنازل التابعة لهم.