ليبرمان يرفض الاستقالة.. وحركة «نزاهة الحكم» تهدده باللجوء للمحكمة العليا لإجباره على ذلك

بلورة لائحة اتهام ضد وزير الخارجية الإسرائيلي بعد 15 سنة من التحقيق

TT

بعد 15 سنة من التحقيقات في قسم جرائم النصب والاحتيال الدولية في الشرطة الإسرائيلية، قرر المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، يهودا فاينشتاين، تقديم وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، للمحاكمة بعدة اتهامات بالاحتيال والحصول على أموال في ظروف نصب خطيرة.

وقد دعا المستشار الوزير إلى جلسة لسماع أقواله، قبل أن يكتب لائحة الاتهام. ورد ليبرمان بأنه واثق من براءته، ورفض الاستقالة من منصبه في الحكومة ما دامت لم تصدر لائحة الاتهام. لكن حركة «أومتس» المعروفة بكفاحها من أجل نزاهة الحكم، طالبته بالاستقالة فورا وهددت بالتوجه إلى القضاء لإجباره على ذلك. وكانت الشرطة الإسرائيلية قد باشرت التحقيق في قضايا فساد مختلفة مع ليبرمان سنة 1996، عندما كان يشغل منصب المدير العام لديوان رئيس الوزراء خلال دورة الحكم الأولى لرئيس الوزراء الحالي، بنيامين نتنياهو. وأغلق أول ملف للتحقيق بتهمة تلقي الرشوة لانعدام الأدلة الكافية. ثم فُتح ضده ملف ثان وثالث ورابع، وأغلقت جميعها في سنة 2008 للسبب نفسه. لكن ملفا فتح في سنة 2007 بسرية، ثم كشف عنه النقاب، تبين منه أن ليبرمان أقام شركة باسم ابنته ميخال، دخلت إليها نحو أربعة ملايين دولار، وأن غالبية هذه الأموال سحبت لحساب ليبرمان كأجر مقابل «تقديم استشارة استراتيجية». ومع أن قسما من هذه الأموال دُفع له عندما كان خارج العمل الجماهيري، فإن مليونا وبضع مئات الألوف من الدولارات دخلت جيبه وهو وزير، وهذا مخالف للقانون.

وتبين أن مصدر الأموال هو عدد من المتمولين الكبار في روسيا وأوروبا الشرقية، من ذوي المصالح التجارية في إسرائيل، مما جعل هذه الأموال تدخل في باب الرشوة.

وكان هذا أطول تحقيق مع متهم في تاريخ إسرائيل. وعندما انتقدت الشرطة على التأخير، ردت باتهام ليبرمان بتشويش التحقيق ومحاولة التأثير على شهود. وفي مثل هذا الوقت من السنة الماضية، أوصت الشرطة بتقديم لائحة اتهام ضد ليبرمان بتهمة الرشوة والنصب والاحتيال والخداع. لكن المستشار القضائي للحكومة، ميني مزوز، في حينه ترك منصبه قبل أن يبت في المسألة. وأعلن المستشار الجديد، فاينشتاين، أنه سينتهي من دراسة الملف في نهاية السنة، ثم قرر تأجيل ذلك شهرين، وبعدها تم التأجيل لشهر ثالث، وفقط في الليلة قبل الماضية أعلن قراره، وقد تخلى عن توجيه تهمة الرشوة لانعدام الأدلة الكافية. واكتفى بالتهم التالية: تهم الاحتيال وإساءة الائتمان وتلقي شيء عن طريق الاحتيال في ظروف مشددة وغسل الأموال ومضايقة شاهد إثبات. ورد ليبرمان على ذلك بتصريح مقتضب قال فيه إنه سيثبت براءته، وإنه سيبقى في منصبه ما دامت لا توجد ضده لائحة اتهام. وأعرب رفاق ليبرمان في الحزب عن ثقتهم في براءته. وقال أحد المقربين منه، وزير السياحة ستاس مسجنيكوف «هذا بطل طوال عمره، في الرياضة (المصارعة الحرة) وفي السياسة.. وسينتصر هذه المرة أيضا». وصرح رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بأنه مقتنع بأن ليبرمان سيستطيع إثبات براءته «فأنا أرى فيه وزيرا مهما جدا في الحكومة، وأتمنى أن ينتهي من هذه القضية ويواصل المساهمة في قيادة الدولة».

يذكر أن القانون الإسرائيلي لا يلزم وزيرا بالاستقالة من الحكومة مع تقديم لائحة اتهام ضده. لكن محكمة العدل العليا، كانت قد سجلت سابقة عندما انتقدت وجود وزير في الحكومة وهو يمثل أمام القضاء. ولذلك، ربط ليبرمان بين الاستقالة وتوجيه لائحة الاتهام. لكن حركة «أومتس» أصدرت بيانا قالت فيه إنه «لا يجوز أن يبقى شخص ما وزيرا في الحكومة وهو متهم بالنصب والاحتيال، فما بالنا عندما يكون هذا نائبا لرئيس الوزراء، مثل ليبرمان، ووزير خارجية يمثل إسرائيل أمام شعوب العالم؟». وأضافت أن على ليبرمان أن يستقيل فورا من منصبه «من غير المعقول أن يسافر ليبرمان اليوم إلى دول العالم المختلفة ليمثل إسرائيل وعلى جبينه منقوشة وصمة عار كهذه».

من جهته، أرسل ليبرمان مساعديه وأصدقاءه للإعلام حتى يؤكدوا أنه لا ينوي التسهيل على القضاء وأنه لن يرفع يديه. ويقدر المراقبون أن يستغل ليبرمان الوقت المتاح له حتى يمثل أمام المستشار القضائي لجلسة استماع، فيماطل في الوصول إلى مرحلة لائحة الاتهام. وحتى ذلك الحين، يمكن أن يفاجئ ويستقيل من الحكومة ويتسبب في انتخابات جديدة. وقد يعود إلى قيادة العمل السياسي بقوة أكبر. لكن هناك احتمالا آخر هو أن يطلب ليبرمان محاكمة سريعة ويستقيل من الوزارة ويعقد صفقة مع النيابة لإنهاء المحاكمة من دون اعتقال. يشار إلى أن هناك عددا كبيرا من الشخصيات القيادية الإسرائيلية في السجون أو في الطريق إلى السجون أو في قفص الاتهام. فرئيس الدولة السابق، موشيه قصاب، سيدخل السجن في نهاية أبريل (نيسان) الحالي ليمضي محكومية بالسجن سبع سنوات بعد إدانته بتهمة اغتصاب موظفة في مكتبه والاعتداء والتحرش الجنسي ضد عدد من موظفاته السابقات. ويمضي وزيرا المالية (ابراهام هرشنزون) والصحة (شلومو بن عيزري) حكما بالسجن بتهمة السرقة وتلقي الرشوة. ورئيس الوزراء السابق، إيهود أولمرت، يحاكم بتهم فساد شبيهة. وهناك عدة ملفات ضد أعضاء كنيست. وحتى رئيس الوزراء الحالي، نتنياهو، يواجه تحقيقا لدى مراقب الدولة بتهمة تلقي أموال بطريقة غير شرعية، لكن المراقب لم يبت فيها بعد.

وكان للصحافة دور أساسي في كشف هذه الفضائح وكذلك مراقب الدولة. وقامت الشرطة والنيابة والقضاء بإكمال دورها في التحقيق المكثف وتقديم لوائح الاتهام وإصدار الحكم.