صرب البوسنة يدفعون في اتجاه تشكيل قضاء مستقل عن بقية البلاد

أقروا إجراء استفتاء على الخطوة.. والمبعوث الدولي اعتبرها «مخالفة لدايتون»

TT

أثار تصويت برلمان صرب البوسنة، على قرار بإجراء استفتاء لتكوين قضاء مستقل، عن المؤسسات المركزية المشتركة داخل البوسنة والهرسك، ردود أفعال قوية من قبل الجهات الدولية على رأسها المبعوث الدولي إلى البوسنة فلانتينو انزكو، الذي أدان التصويت واعتبره غير شرعي، ومخالفا لاتفاقية دايتون.

وكان برلمان «جمهورية صربيسكا» (الذي يمثل مع الفيدرالية الكيانين المشكلين للبوسنة) الذي يهيمن عليه الصرب في البوسنة، قد وافق مساء الثلاثاء وبالأغلبية على قرار بإجراء استفتاء على تشكيل محاكم موازية في كيان صرب البوسنة، ومنفصلة تماما عن المؤسسة القضائية في البوسنة. وأيد القرار 66 نائبا، بينما عارضه اثنان، وامتنع 7 نواب عن التصويت. وتم الاستفتاء بدعوة من زعيم حزب «الاشتراكيين الديمقراطيين المستقلين» ورئيس وزراء كيان صرب البوسنة، ميلوراد دوديك، لمعرفة رأي السكان، وما إذا كانوا يؤيدون أو يعارضون قرار المبعوث السامي إلى البوسنة، فلانتينو انزكو، المتعلق بالقضاء والادعاء العام، في البوسنة والهرسك. وكان صرب البوسنة، قد طالبوا مرارا، بإنهاء عمل القضاة والمدعين العامين الدوليين، بل وبإنهاء مهمة المبعوث الدولي، وغلق مكتب البعثة الدولية في البوسنة. وجمد المبعوث الدولي قرارا سابقا لبرلمان «صربيسكا» يستحوذ بموجبه على ممتلكات الدولة البوسنية الواقعة في حدود كيان صرب البوسنة (جمهورية صربيسكا أو صربسكا باللغة المحلية).

وتأتي هذه التطورات في أعقاب تأكيد المحكمة الدستورية في البوسنة، على سلامة الإجراءات التي تمت في ظلها عملية تشكيل الحكومة الفيدرالية في البوسنة، بعد 5 أشهر على الانتخابات العامة التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ومن المقرر أن يعرض قرار برلمان صرب البوسنة، على التصويت داخل نادي الشعوب المكونة للبوسنة داخل البرلمان للتصويت عليه، قبل عرضه على الاستفتاء الشعبي، وهو ممنوع بموجب اتفاقية دايتون التي تنص على ضرورة اتفاق جميع الأطراف في البوسنة على أي استفتاءات مهما كانت. علما بأن البوشناق والكروات كما الصرب لديهم حق استخدام الفيتو، رغم نسبتهم الضئيلة داخل البرلمان على أي قرار يصدره البرلمان المحلي. وقال ميلوراد دوديك، إنه سيستمع لرأي السكان (أغلبية صربية) حول قرارات المبعوث الدولي، وإنه سيقوم بترجمتها على أرض الواقع، مهما كانت النتائج.

وعلى الجانب البوشناقي، حذرت قيادات سياسية من الخطوة التي لجأ إليها رئيس وزراء صرب البوسنة ميلوراد دوديك. وقال مستشار الرئيس البوسني للشؤون السياسية جنان سليم بيغوفيتش، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نعتقد أن رئيس وزراء صرب البوسنة ميلوراد دوديك، يبيع الوهم لناخبيه، فهو لم يستطع أن يفي بوعوده الانتخابية، فعاد لإلهائهم بالمستحيل». وتابع: «لا شك أن تصريحاته والإجراءات التي يقوم بها، تهدد الاستقرار وتؤثر على الأمن الداخلي، وتخالف اتفاقية دايتون، ولكنه لن ينجح في تحقيق أي من ذلك». وأردف: «الاتحاد الأوروبي قرر فرض عقوبات، تكون جسيمة في بعض الأحيان ضد كل من يخالف اتفاقية دايتون، وهذه فرصة لتطبيق هذه العقوبات».

من جهته، قال المبعوث الدولي إلى البوسنة، فلانتينو انزكو، إن الإجراءات التي يقوم بها رئيس وزراء صرب البوسنة، ميلوراد دوديك، تمثل تهديدا، وإن «إضعاف دولة القانون يشكل انتهاكا لاتفاقية دايتون». وتابع: «أعربنا عن قلقنا من التصريحات والإجراءات التي صدرت عن الجانب الصربي، ولا سيما قرار البرلمان، بالموافقة على إجراء استفتاء على قرارات المبعوث الدولي، التي تأخذ صفة الإلزامية لجميع الأطراف بموجب اتفاقية دايتون، المادة العاشرة. والمصادق عليها مع بقية المواد من قبل مجلس الأمن». وأضاف: «قرارات المبعوث الدولي، إلزامية، ولا تخضع لأي تعقيب أو استفتاء، سوى من مجلس الأمن الدولي، وقد وافق البرلمان البوسني، على قانون المحكمة سنة 2002 وقانون المدعي العام في سنة 2003 وصوت على ذلك جميع ممثلي الطوائف المكونة للبوسنة والهرسك». ومضى قائلا: «من أجل تحقيق التقدم نحو الاتحاد الأوروبي، وهو هدف كل الأحزاب السياسية البرلمانية في البوسنة والهرسك، يجب أن يتوافر في البلد مبدأ سيادة القانون من خلال النظام القضائي المؤسسي (المركزي) والمحكمة العليا ومكتب المدعي العام، شرط لذلك، وبالتالي تحقيق الرخاء لجميع سكان البوسنة والهرسك».

وفي شأن ذي صلة، اعتقلت السلطات الأميركية رجلا وامرأة من أصل بوسني حاصلين على الجنسية الأميركية بناء على طلب من البوسنة والهرسك لمواجهة اتهامات بارتكابهما جرائم حرب هناك منذ 18 عاما. وجاء في الوثائق المقدمة لمحكمة أميركية أن ادين جيكو، 39 عاما، وراسما هانادوفيتش، 38 عاما، كانا من أعضاء وحدة «ذو الفقار» الخاصة في جيش البوسنة. وجاء في طلب تسليمهما المقدم من جمهورية البوسنة والهرسك أنه في 16 أبريل (نيسان) 1993 هاجمت الوحدة قرية تروسينا وقتلت أكثر من 12 مدنيا وسجناء حرب من الكروات وأصابت 4 مدنيين من بينهم طفلان.

وأصبح جيكو مواطنا أميركيا عام 2006 بعد أن جاء إلى الولايات المتحدة عام 2001 وعاش في ولاية واشنطن. وجاء في طلب ترحيله أنه كان عضوا بارزا سابقا في وحدة الجيش البوسني. وحصلت هانادوفيتش على الجنسية الأميركية عام 2002 وعاشت في ولاية اوريغون. ونسقت السلطات الأميركية اعتقالهما معا بعد أن ورد اسماهما في طلب الترحيل المقدم للمحكمة الأميركية.