الرئيس اليمني: المعارضة «قطاع طرق».. والاختلاط في الساحة «حرام شرعا»

المعارضة ردت بمظاهرات نسائية حاشدة

الرئيس علي عبد الله صالح يحيي مؤيديه خلال مظاهرة تأييد له في صنعاء أمس (أ. ب)
TT

دعا الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أحزاب المعارضة في بلاده إلى «تحكيم الضمير»، وانتقد أمام حشد من أنصاره في صنعاء ما وصفه بـ«الاختلاط» في «ساحة التغيير» أمام جامعة صنعاء، وهي التصريحات التي أثارت ردود فعل غاضبة في الساحة اليمنية، وردت عليها المعارضة اليمنية بمظاهرات نسائية حاشدة في أكثر من محافظة يمنية. وجاءت هذه التطورات في ظل تصعيد متبادل من قبل المعارضة والنظام، في وقت تمكن فيه العشرات من السجناء من الفرار من السجن المركزي في محافظة عمران بشمال صنعاء.

وخرجت مسيرات ومظاهرات مليونية في صنعاء وتعز وعدن وحضرموت والحديدة والكثير من المحافظات اليمنية للمطالبة برحيل الرئيس اليمني وإسقاط نظامه ومحاكمته، إضافة إلى إعلان رفض المبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن. وفي «ميدان السبعين» بصنعاء، أطل الرئيس علي عبد الله صالح على أنصاره الذين احتشدوا لتأييد بقائه في الحكم وتأييد «الشرعية الدستورية»، وقال في كلمة مقتضبة إن الحشود التي حضرت إلى الميدان، هي بمثابة استفتاء على بقائه في الحكم. وأضاف أن «هذه الحشود الجماهيرية المليونية التي تأتي إلى هذه الساحات لتقول نعم.. نعم.. نعم.. للشرعية الدستورية، إنما تمثل رأي أغلبية أبناء الشعب اليمني الذين قالوا في الانتخابات الرئاسية عام 2006 نعم للحرية وللديمقراطية، ونعم لعلي عبد الله صالح رئيسا للشعب اليمني العظيم». واعتبر صالح «الحشود المليونية تمثل رسالة واضحة للداخل والخارج، وبمثابة استفتاء شعبي على الشرعية الدستورية».

وقال الرئيس اليمني إنه يمثل الشرعية في البلاد، واتهم أحزاب المعارضة في تكتل «اللقاء المشترك» بالوقوف وراء عمليات قتل ووراء أعمال تخريب لناقلات النفط والغاز. وأشار إلى أنها مسؤولة عن انعدام هاتين المادتين من الأسواق اليمنية. وتعاني العاصمة صنعاء وكبريات المدن اليمنية من انطفاءات متواصلة للتيار الكهربائي منذ عدة أيام بسبب ما تقول الحكومة إنه أعمال تخريبية قامت فيها عناصر بإطلاق النار على أبراج الكهرباء في شرق البلاد، إضافة إلى انعدام الغاز ووقوف المواطنين طوابير في المدن للحصول على اسطوانة غاز واحدة وهي التي تصرف عبر كشوفات بالسكان يشرف عليها عقال الحارات ذوو صفة الضبط القضائي. وخلال اليومين الماضيين قام مواطنون غاضبون بقطع الشوارع في صنعاء احتجاجا على عدم توافر الغاز.

وخاطب صالح معارضيه «نقول لأولئك المتشدقين عبر وسائل الإعلام هذه هي جماهيرنا الموجودة في ميدان السبعين، هذه ملايين الجماهير الصامدة والمؤيدة للشرعية الدستورية». وعبر عن أسفه «للأكاذيب التي يروج لها قيادات في (اللقاء المشترك)، ومن أصحاب النفوس الضعيفة والمرتدين عبر القنوات الفضائية». وقال «نأمل أن يكفوا عن الكذب والدجل على الشعب»، ودعا أحزاب «اللقاء المشترك» إلى أن «يحكموا ضمائرهم ويتوجهوا إلى الحوار للاتفاق على كلمة سواء من أجل أمن واستقرار الوطن». وحيا صالح منتسبي المؤسسة العسكرية لأنهم لم يصدقوا «الخارجين عن النظام والقانون ودعوات الخروج عن الشرعية الدستورية».

وأثارت تصريحات صالح بشأن ما وصفه بالاختلاط في «ساحة التغيير» بصنعاء، ردود فعل منددة. وقال نشطاء في ساحات التغيير والحرية إنهم يعتبرون تصريحات صالح «قذفا» للشابات والنساء الثائرات. وهددوا بالشروع في رفع دعاوى قضائية ضد الرئيس صالح. وردت الأوساط الشعبية بمظاهرات نسائية حاشدة منددة بتصريحات صالح، وجابت شوارع مدن الحديدة، وتعز، وذمار، والمكلا في حضرموت، وفي أكثر من محافظة ومدينة اليمنية.

ووصفت الصحافية وإحدى شابات الثورة في «ساحة التغيير» بصنعاء، سامية الأغبري، تصريحات الرئيس صالح بشأن الاختلاط بـ«المتخبطة والهستيرية». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن صالح تفوه بـ«إساءات لحرائر وأحرار اليمن، لكنه أساء لنفسه من حيث لا يدري». وأضافت أن صالح يبحث عن «ورقة جديدة علها تنقذه وتنقذ نظام حكمه المنهار، بعد أن فشلت كثير من الأوراق، منها الأمنية والقبيلة و(القاعدة) والأنصار الذين يحشدون من مختلف المحافظات وغيرها، فلم يبق أمامه سوى إصدار فتوى تحريم الاختلاط بين الثوار والتعرض للعفيفات الطاهرات في ساحات الحرية والتغيير».

وأعربت الأغبري عن استغرابها لصدور مثل تلك التصريحات عن رئيس جمهورية، وقالت إنه كان بإمكانه «أن يستعين برجل دين يصدر فتوى كهذه». وأشارت إلى أن المرأة اليمنية «موجودة بجانب شقيقها الرجل في مختلف المرافق.. المرأة طبيبة في المستشفيات، ومعلمة، وأستاذة جامعية، وصحافية، وسياسية، وجندية، حاضرة جنبا إلى جنب مع الرجل». وأكدت أن هناك «اختلاطا في مهرجاناته واحتفالاته، فلم ليس هذا الاختلاط محرما؟ لماذا الآن أصبح وجودها محرما؟ فقط لأنها طالبت بإسقاط نظام صالح ومحاكمته!».

وقدرت مصادر محلية عدد المشاركين في المظاهرات التي خرجت في «جمعة الإصرار» بأكثر من 7 ملايين متظاهر في عموم المحافظات. وقال شهود عيان إن 14 شخصا أصيبوا برصاص جماعة من «البلطجية» في أطراف مدينة تعز، وذلك عندما كانت مجاميع غفيرة من المواطنين متوجهة إلى «ساحة الحرية» في تعز. وقد أدى ملايين اليمنيين واليمنيات صلاة الجمعة في ساحات التغيير والحرية بعواصم أكثر من 17 محافظة يمنية على الأقل، وكل خطب الجمعة أكدت على الإصرار على استمرار الاعتصام حتى يسقط النظام ويرحل علي عبد الله صالح عن السلطة، وهتفت جماهير غفيرة مطالبة بمحاكمة الرئيس وأفراد أسرته.

وفي «ميدان السبعين» بصنعاء، احتشد أنصار النظام في ما سمي بـ«جمعة الحوار»، ونددوا برفض أحزاب المعارضة للمبادرة الخليجية، وذكرت هتافاتهم أن «رفض أحزاب اللقاء المشترك للمبادرة المقدمة من الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي الحريصة على تجنيب اليمن ويلات الحروب والفتن والتمزق والفوضى التي تزعزع أمن واستقرار البلاد، يعتبر دليلا جديدا على إصرار تلك الأحزاب على عرقلة أي فرصة أمام الحوار، وتعمد مواصلة نهج المغامرة والمقامرة للسير بالوطن اليمني نحو فوهة بركان الفتن وما يسمى (الفوضى المنظمة) التي سبق أن خطط لها أحد قياديي (المشترك) منذ عامين، بحسب ما كشفته وثائق (ويكيليكس) مؤخرا عن تفاصيل ذلك المخطط التآمري المستهدف تقويض أمن اليمن واستقراره ووحدته وشرعيته الدستورية»، وذلك في إشارة إلى الشيخ حميد الأحمر، أمين عام اللجنة التحضيرية للحوار الوطني المعارضة.

وفي المحافظات اليمنية الجنوبية، أحيت القوى السياسية هناك فعاليات للتذكير بـ«القضية الجنوبية»، إضافة إلى المظاهرات المتواصلة المطالبة بإسقاط النظام. وانضمت مدينة عدن إلى قائمة المحافظات اليمنية التي شكلت لها لجانا شعبية لإدارة شؤونها. فقد عقد جمع من النخب السياسية والحزبية والدينية والشخصيات الاجتماعية والحراك الجنوبي وحزب رابطة أبناء اليمن (رأي)، أمس، اجتماعا في منزل السيد الحبيب مصطفى العيدروس، منصب عدن. والمنصب صفة دينية غير رسمية ذات نفوذ روحي في الكثير من المحافظات اليمنية الشمالية والجنوبية. وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماع هو الأول من نوعه بعد تشكيل «مجلس عدن الأهلي»، واستعرض ما أنجزته اللجنة التحضيرية للمجلس، وناقش تشكيل لجنة لصياغة لائحة داخلية للمجلس، إضافة إلى مناقشة استكمال الحوار مع شباب المخيمات والفعاليات الأخرى والمجالس المحلية (البلدية) في مديريات عدن.