تجدد المظاهرات والاعتصامات في المدن الأردنية للمطالبة بالإصلاحات السياسية

عشرات الإصابات في اشتباكات بين أنصار التيار السلفي و«البلطجية» والأمن العام في الزرقاء

أحد السلفيين يشهر خنجرا طويلا أثناء مظاهرة لهم في مدينة الزرقاء بالأردن أمس (أ. ب)
TT

أصيب العشرات من أنصار التيار السلفي ومن رجال الأمن العام والدرك في اشتباكات وقعت بعد عصر أمس في مدينة الزرقاء، شمال شرقي عمان. وقال مصدر طبي إن من بين إصابات الأمن العام 6 حالات حرجة جرى نقلها للمستشفيات لتلقي العلاج.

وأكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن أنصار التيار السلفي كانت بحوزتهم عصي وأدوات حادة، استخدموها بعد تعرضهم للرشق بالحجارة من قبل عدد من الموالين. ونفذ الأمن العام، إثر ذلك، سلسلة من الاعتقالات في صفوفهم.

كانت الاشتباكات قد وقعت بعد عصر أمس عند البوابة الجنوبية لمدينة الزرقاء، وبالتحديد في منطقة دوار الجيش، بعد الانتهاء من اعتصام نفذه السلفيون أمام مسجد عمر بن الخطاب، استخدمت فيها قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين.

ووصف أحد قيادات التيار السلفي، الدكتور سعد الحنيطي، ما جرى بقوله: «بعد انتهاء المهرجان الخطابي وفض اعتصامنا وخروجنا من الموقع فوجئنا بقوات الأمن تعتدي على الإخوة في مؤخرة الصفوف، خاصة لمن كان يقوم بدور تنظيمي». وبيَّن الحنيطي أن «الشيخ عامر الضمور، وهو الرجل الذي كان يعمل على تهدئة الشباب ويحذرهم من أننا لا نريد مشكلات، تعرض للإصابة». وأضاف: «أنا الآن في مستشفى البشير في عمان، وهنالك 3 مصابين أحدهم في حالة خطرة وتجرى له عملية جراحية بعد أن تعرض للطعن بأداة حادة في منطقة الخصر». وتابع: «لقد أسعفتهم شخصيا، وهنالك مجموعة من الإخوة تفرقت وهنالك من آثر عدم الذهاب للمستشفيات لعدم التعرض لملاحقات أمنية».

ونفى الحنيطي أن يكون شباب التيار السلفي هم من بدأوا برشق الحجارة، وقال: «لا.. لم نبدأ بالاشتباك، وحقيقة الأمر، وأنا شاهدت ذلك، أن قوات الأمن هم من رشقوا بالحجارة وكان من يسمون البلطجية يشتمون الذات الإلهية».

من جهته، قال الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام، المقدم محمد الخطيب، في بيان صحافي: إن نحو 300 من أصحاب الفكر السلفي اعتصموا في الزرقاء بعد صلاة الجمعة لأكثر من ساعتين، وعند خروجهم على دفعات تم تأمين حماية أمنية لهم فخرجت المجموعتان الأولى والثانية، وعند خروج المجموعة الثالثة تلاسنوا مع مواطنين كانوا عند دوار الجيش وتطور الأمر إلى استخدام العصي، مما أدى إلى تدخل الأمن لمنع الاشتباك.

وبيَّن الخطيب: «عندها قام أصحاب الفكر السلفي بالهجوم على المواطنين والأمن بالأسلحة البيضاء والعصي والحجارة». وبين أن الأمن العام استخدم الغاز المسيل للدموع لتفريقهم. وأكد إصابة عشرات من رجال الأمن منهم 3 إلى 4 في حالة خطرة دخلوا إلى غرف العناية المركزة في مستشفيي جبل الزيتون والأمير هاشم في الزرقاء، وهم في حالة صحية حرجة، بينما الإصابات الأخرى بين متوسطة وعادية.

وتجددت، أمس، المظاهرات والاعتصامات في مختلف المدن الأردنية التي نظمتها لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة وحركتي «شباب 24 آذار» و«شباب 15 نيسان»، وذلك للمطالبة بتحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومحاربة الفساد في الأردن.

وانطلق المئات من الأردنيين بعد صلاة الجمعة من أمام المسجد الحسيني بوسط العاصمة عمان في مظاهرة وصلت إلى ساحة النخيل في منطقة رأس العين، حيث يعتصم فيها العشرات من حركة «شباب 24 آذار».

شارك في المظاهرة حزبيون ونقابيون وقوى وفعاليات شعبية وشبابية ونشطاء سياسيون وممثلون من الحركة الإسلامية في الأردن رفعوا خلالها الشعارات ورددوا الهتافات المطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد وملاحقة الفاسدين واستحضار ذكرى «هبة نيسان» عام 1989.

وفرضت قوات الأمن الأردنية طوقا أمنيا كبيرا لحماية المظاهرة السلمية من عبث البلطجية أو اعتداء.

وقالت الأمينة العامة لحزب الشعب الديمقراطي الأردني، عبلة أبو علبة: إن الشعب الأردني بجميع شرائحه يقف خلف المطالبات بالإصلاحات الشاملة، مشددة على أن الفتنة التي يحاول البعض إثارتها يجب ألا ينجر وراءها الشعب الأردني الواعي والمثقف؛ لأن الوحدة الوطنية هي الضامن الرئيسي لتحقيق الإصلاحات.

من جانبه، أكد نقيب المهندسين الأردنيين السابق، المهندس وائل السقا، أن المسيرات هي وسيلة للضغط على أصحاب القرار لتنفيذ المطالب الشعبية، التي تتمثل بالعمل الجاد للإصلاح الشامل، ومحاربة الفساد، مشيرا إلى أن الحراك الشعبي لا يتعارض مع محاولات الحكومة وخطواتها للإصلاح أو مع مخرجات لجنة الحوار الوطني باتجاه الإصلاح، وإنها تمثل سياجا آمنا لها.

بدوره، قال الناطق باسم جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، جميل أبو بكر: إنه لا توجد مؤشرات إيجابية في السياسة الحكومية، معتبرا أن سياسة التحريض والتجييش في الشارع الأردني تعتبر إشارة واضحة إلى عدم جدية الحكومة بالإصلاح.

ونفذ العشرات في مدينة إربد، شمال الأردن، اعتصاما بعد صلاة الجمعة نددوا فيه بالفساد وطالبوا بمحاكمة الفاسدين وإسقاط الحكومة وحل مجلس النواب، واعتصم أيضا العشرات من حركة «15 نيسان» في لواء المزار الجنوبي بمحافظة الكرك، جنوب الأردن، بينما وُجدت مظاهرة أخرى مؤيدة وسط انتشار أمني بين الجانبين لمنع الاحتكاك.

وأعلنت حركة «15 نيسان» في بيان سمته «يوم الهبة الأردنية لذكرى هبة نيسان المجيدة عام 1989» سلمية تحركها، وأدانت كل المحاولات التي جرت وتجري لإسكات الصوت الوطني الحر من تهديد وتخويف وردع وبلطجة.

كانت محافظات الجنوب قد شهدت مظاهرات واسعة عام 1989، التي عرفت لاحقا بـ«هبة نيسان»، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي عاشتها البلاد آنذاك، في ظل الأحكام العرفية التي كانت سائدة في البلاد، قبل عودة الحياة الديمقراطية في العام نفسه عقب تلك الأحداث.

وطالبت حركة «15 نيسان»، في البيان، بوقف جميع أشكال الفساد السياسي والاقتصادي والأمني، وملاحقة الفاسدين ومحاكمتهم محاكمة جدية وعادلة، من دون مماطلة أو تسويف، وحل الحكومة، وتكليف حكومة وحدة وطنية ترضي جميع القوى الوطنية، وتكون محل إجماع لدى الأردنيين، إلى جانب حل مجلسي النواب والأعيان، وانتخاب مجلس نواب جديد بقانون جديد يعبر عن إرادة الشعب، فضلا عن المطالبة بإصلاحات دستورية ترسخ مبدأ الفصل بين السلطات وأن الشعب هو مصدر السلطات.