المستشارة تهاني الجبالي: شباب الثورة يجب أن ينتقلوا بسرعة للمشاركة في المشهد السياسي عبر آليات محددة

نائبة رئيس المحكمة الدستورية العليا بمصر في حوار مع «الشرق الأوسط»: حجم الفساد مرعب

المستشارة تهاني الجبالي
TT

تمنت المستشارة القاضية بالمحكمة الدستورية، تهاني الجبالي، أن يتسع دور المرأة في المشهد السياسي المصري، وأن تتبوأ المكانة اللائقة بها، وتنافس بقوة على مقعد الرئاسة في الانتخابات المقبلة، خاصة بعد رياح التغيير التي عمت المجتمع بعد نجاح ثورة 25 يناير، ووضع النظام السابق في قفص الاتهام أمام القضاء.

ونفت القاضية الجبالي في حوار أجرته معها «الشرق الأوسط» بمكتبها بالقاهرة أن تكون شاركت في ورشة لدعم ترشح الدكتور محمد البرادعي للرئاسة، وقالت: «لم يحدث، ولم أشارك في أي حدث لأي مرشح للرئاسة، لأنني حريصة على أن أكون حيادية كقاضية دستورية تجاه كل الأطراف، طالما أجلس في هذا المقعد».

وقالت الجبالي إن الدستور المصري لا يوجد به ضمانات لمحاسبة أو محاكمة رئيس الجمهورية ولا الوزراء، معتبرة أن هذا «جزء من إهدار سيادة الدولة القانونية». وأعربت الجبالي عن عدم تخيلها أن تكون مصر دولة دينية، لافتة إلى أن حضارة المصري ترفض التشدد وتميل إلى الوسطية. كما اعتبرت الجبالي أن اندلاع الثورات بعدد من الدول العربية ما هو إلا رد اعتبار للقومية العربية.. وإلى نص الحوار:

* شاركتِ في الحوار الوطني أخيرا.. لكن هناك من اعتذر عنه؛ ما الذي دار في كواليس هذا الحوار؟

- لا ينبغي لأحد الاعتذار عن دعوة للحوار، وهذه من القيم التي تعلمتها في حياتي حتى لو قدمت الدعوة في وقت غير مناسب. فضلت الذهاب والتصريح بذلك، فقد تمت دعوتي قبل الحوار بساعات ولم يكن لدي أجندة للحوار المطروح، ولا أعلم لماذا نحن مجتمعون. في البداية استمعت إلى كلمة الدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء، ونائبه، الدكتور يحيى الجمل، فقد بادرا بعرض أهداف الاجتماع، المتعلقة ببحث عدد من القضايا الاقتصادية والدستورية في الفترة المقبلة، التي من غير الممكن أن يتفق عليها اثنان لأهميتها، وأنا ممن طالبوا وما زالوا يطالبون بتحقيق الحوار الوطني، لأن تدعيم الحوار الوطني، مطلب ملح، خاصة مع الدخول في الانتخابات البرلمانية، وحتى يكون هناك توافق بين بعض القضايا، فقد يحدث من خلال الحوار تغير إيجابي في مجرى الانتخابات المقبلة، إضافة إلى أن الحوار سيكشف التيارات السياسية للمرشحين للرئاسة، فنعلم من سيوافق على الحوار الوطني ومن سيرفضه.

* هل كان لك ملاحظات محددة على الحوار الوطني؟

- بالتأكيد كانت لي بعض الملاحظات الجوهرية وتقدمت بها فعلا، فقد كان ينقصه إعادة النظر في الآلية والمنهج الذي لم يكن مكتملا، فعلى أي أساس كان اختيار أعضاء الحوار، هل الأسس شخصية أم هناك معايير موضوعية، كما كانت كل الأطياف الدينية والسياسية موجودة، وكان يتوجب وجود كافة الفئات الاجتماعية، بما في ذلك العمال والفلاحون، ومن يمثل المرأة والشباب، فلا يجوز أن يكون هناك حوار وطني في غياب أي طرف من فئات المجتمع. ولكن يجب أن لا ننكر أنه أصبح لنا قناة رسمية للحوار، فقد كان لا يوجد مثل هذا من قبل، فقط كنا نتحاور مع بعضنا عبر الفضائيات ووسائل الأعلام، وما كان يتخذ من قرارات كان عبارة عن قرارات فوقية لا تمثل ولا تعبر عن الإرادة الشعبية.

* لو أتيح لك الوقت لإعداد أجندة للحوار؛ ما أهم القضايا التي كنت ستطرحينها للنقاش؟

- هناك الكثير من القضايا المفصلية في مستقبل الدولة، وعلى سبيل المثال لا الحصر كيفية فلسفة الدستور المقبل، ضرورة التوافق حول رؤية الدولة المدنية وإشكالياتها والضمانات المحيطة بها، ضرورة التوافق حول المادة الثانية في الدستور والضمانات التي تحيط بها، بحيث لا تسمح باستغلالها على المستوى السياسي، شكل الدولة القانونية واستقرار القضاء فيها، شكل الحكم هل سيكون رئاسيا، برلمانيا أم شبه رئاسي - برلماني؟ إضافة إلى أن هناك بعض الأمور المستحدثة لم توضع في دساتيرنا من قبل، مثل الموارد الطبيعية وما نسميها المرافق الدستورية والضمانات لكيفية التصرف فيها لحماية مصالح الأجيال والجموع الشعبية، فالبعض كان يتصور أنها ملك للحكومات تفعل بها ما تشاء بلا ضابط ولا رابط، وأخيرا فتح باب الحوار حول الدولة الديمقراطية، لأننا نتوقع أن رأي الأغلبية يجب أن ينفذ حتى لو كان بديكتاتورية.

* لماذا ظهر الحوار غير منظم ومفاجئا، مما أثار انتقادات الكثيرين.. هل يدعوك هذا لتغيري موقف؟

- أرى أنه بدأ منظما، وجميع الآراء كانت في نفس الاتجاه، وكل واحد من اللجنة وضع ضوابط محددة لرؤيته، واعتبرناه بداية أو عتبة حوار وليس حوارا بالمعنى الكامل، ولكن في اليوم التالي تغير المسار. فقد كان سيرأس الحوار د. يحيى الجمل، نائب رئيس الحكومة، ليتولاه د.عبد العزيز حجازي رئيس الحكومة الأسبق ورئيس اتحاد الجامعات الأهلية حاليا، وهذا سيغير مجرى الحوار إلى حوار في إطار المجتمع المدني وليس مع قناة رسمية، وبالتالي هذا التغير ينسف فكرة فتح قناة رسمية للحوار، ومن وجهة نظري، فإن الحوار مع «حجازي» سيجعله خارج دائرة مجلس الوزراء. إذن نتائج حوارنا ستصب في الشارع المصري الذي هو في حوار دائم من دون أمر من أحد، أما إذا كان هناك قناة رسمية ستتأثر بهذا الحوار وتأخذ قرارا تنفيذيا فهذا مسار آخر، ولهذا ربما أستمر وربما.. على ضوء الإجابة سأقرر موقفي.

* من قام بالثورة هم الشباب، لكن لم نر لهم دورا في المشهد السياسي.. ما رأيك؟

- في رأيي أن هذه تعتبر ثغرة خطيرة في مسار الثورة. نحن أكرهنا الشباب أن يجري في «تراك» محدد، الوقت ضاغط عليه، يريد أن يطمئن لتحقيق المحاسبات والمحاكمات، وفي هذا الاتجاه بدأ يسعى للانضمام إلى أحزاب قديمة أو إنشاء أخرى جديدة.. شبابنا مفروض عليه أن يختار بسرعة الآليات وهيكلة رموزه ومؤسسته التائهة هي الأخرى في أدوار محدودة، ولليوم لم يُستَعن به بشكل منظم، وبالتالي فهم غير موجودين في المشهد السياسي. كنت سعيدة من فكرة طرحت في الفترة الأخيرة وأجمع عليها 50 شخصية، وهي تأسيس المجلس الوطني الانتقالي الذي تتمثل فيه كل الأطياف، بمن فيهم الشباب، لينتخبوا منهم من يمثلهم لإدارة هذا المرحلة، والتفاعل مع أدوات القرار المتمثلة في الحكومة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة.

* الشعب وجد أن المليونية كل جمعة وسيلة فعالة.. فهل باتت برأيك الحل السحري لتحقيق المطالب؟

- ليست الحل، ولكنها جزء من الحل؛ فاستمرار احتشاد الملايين يدل على أن قوى الثورة قادرة على الضغط الجماعي، لكن هذا ليس المسار الوحيد المطلوب في هذه اللحظة الحرجة. المطلوب الآن الحوار ليكون هناك قرار من خلال أدوات منظمة ومؤسسية.

* قيل إنك شاركت في ورشة عمل لصالح «البرادعي»؛ فهل هذا بمثابة دعم له؟

- لم يحدث، ولم أشارك في أي حدث لأي مرشح للرئاسة، وأعتقد أن هذا لن يحدث في الفترة المقبلة لأنني حريصة على أن أكون حيادية كقاضية دستورية تجاه كل الأطراف طالما أجلس في هذا المقعد.

* في رأيك من الأحق بقيادة مصر في المرحلة المقبلة؟

- بصدق شديد أنا أحترم كل الشخصيات المطروحة وما تطرحه من أفكار. كل من سيخوض المعركة هو أمام مسؤولية وطنية، وأنا سأقول رأيي على ضوء برامجهم ورؤيتي، وسوف أعطي صوتي لأحدهم بالتأكيد، ولكن اقتناعي أن الرئيس المقبل يجب أن تكون عليه ضمانات مهما كان بريقه وحجم التزامه في اللحظة الأولى، فالرئيس يجب أن يكون محاطا بصلاحيات محصنة بضمانات دستورية حتى نكون قادرين على محاسبته، فنحن لسنا في انتظار زعيم أو ملهم، نحن في انتظار أن من سوف يجلس على كرسي الرئاسة لا يفعل بنا مثلما فعل سابقه، في ظل دولة مؤسسية تمارس الحكم معه وقادرة على محاسبته إذا أخطأ.

* كنتِ أول قاضية في مصر؛ فهل سنراك أول مرشحة لانتخابات الرئاسة؟

- ليس طموحي ولم أفكر بهذا، فأنا ما زلت أرى أنه لا يوجد موقع يوازي القاضي الدستوري، الذي لن أتنازل عنه من أجل أي شيء. وأعلم أن دور هذا القاضي سيتعاظم في الأيام المقبلة، لأنه جزء من الرقابة والمحاسبة الدستورية، وهذا لا يعنى أنني لا أتمنى أن أرى امرأة مصرية تشارك في الانتخابات وتتقلد هذه المسؤولية، ولدينا عشرات السيدات القادرات ولديهن الاستعداد لتحمل تبعات الموقف، وأنا شخصيا أرشح الوزيرة «ميرفت التلاوي» لتاريخها الوطني والدبلوماسي والدولي، وعدم تفريطها في حقوق المصريين، وكان هذا سبب خروجها من الوزارة، ولو عددت لوجدت كثيرات، وأتمنى أن أرهن قريبا في المشهد الوطني ويكفيهن شرف المحاولة في هذه المرحلة العصيبة لمواجهة التيارات التي تحاول إقصاء المرأة عن المشهد السياسي.

* على ضوء الدستور؛ كيف ستتم محاكمة الرئيس السابق وباقي الوزراء؟

- للأسف دستورنا لا يوجد به ضمانات لمساءلة رئيس الجمهورية أو محاسبته ولا الوزراء، فقد كان هناك تقاعس لإدارة القوانين في «المساءلة والمحاكمة»، وكان هذا جزءا من إهدار سيادة الدولة القانونية، وفيما سبق هناك الكثير من الدروس أخذناها، تتلخص في أن أي صلاحيات واختصاصات مطلقة هي مفسدة مطلقة، حتى لو كان القادم أحد الأولياء الصالحين، لا يمكن في ظل صلاحيات مطلقة أن يكون ضمانة لأحد لأننا بشر عرضة للخطأ، والدولة التي تمارس الديمقراطية والحكم الرشيد لديها ضمانة واحدة، هي الخضوع لمبدأ المساءلة. أما الآن فستكون المحاسبة بمعايير لا نطلق لها العنان، ويجب أن تتولى الفصل فيها هيئة قضائية مستقلة، وأنا أرشح لهذه العملية قضاة خرجوا من الخدمة ومشهود لهم بالاستقلال والنزاهة، على أن يكون هذا وفق المعايير الدولية للمحاسبة حتى يعرف الجميع ماذا حدث؟ ولماذا، ومن المسؤول عن كل هذه الجرائم، فالماضي مقدمة لحكم المستقبل، وأتمنى أن تنشأ هذه المحكمة في مصر لأنني مازلت أثق في القضاء المصري وقدرته على الحكم والمحاسبة.

* على الرغم من كل الجرائم المنسوبة إلى النظام السابق، فإن هناك ما يشبه الإجماع على التباطؤ في المحاكمة؛ ما الأسباب؟

- الثائر دائما متعجل ليصل إلى نتائجه، لأنه خائف أن يتم في لحظة الالتفاف على الثورة وتضيع، ولكن ضمير القاضي لا يقبل فكرة الاستعجال، فلا بد أن يكون الأمر وفق معايير المحاكمات العادلة. وشخصيا أنا لا أتمنى أن نفعل بهم ما فعلوه بنا، ويكونوا ضحايا لمحاكمة غير عادلة. نحن نريد تربية الضمير الثوري حتى لا يأتي ويرتكب محاكمة غير عادلة، وإنما يمنح لنفسه الدرس الكافي للمحاسبة على أسس موضوعية وهناك حشد من البلاغات والملفات لا حصر لها ولا يصدقها العقل. فحجم الفساد كبير حقا، والنيابة عليها دور صعب، وأتمنى أن يشارك القضاة حتى يكون هناك عدالة ناجزة.

* برأيك ما السلبيات والإيجابيات لقانون الأحزاب الجديد؟

- القانون حقق أحد المطالب الوطنية في إطلاق تكوين الأحزاب بالإخطار، وهذا حق يجب أن يحاط بضمانات ووضع بعض الضوابط المقبولة، مثل أن لا تقام الأحزاب على أساس جغرافي، ديني، جنسي، ومن دون هذا تصبح خطرا على المجتمع المدني، ومن السلبيات في القانون على سبيل المثال أن يكون هناك هيئة تأسيسية من 5000 فرد ويقومون بنشر إعلان عن أهدافهم في جريدتين يوميتين، وهذا يحتاج إلى مليون جنيه، وهذا صعب على مجموعة مبتدئة، وكنت أتمنى أن يكون هناك ضمانة دستورية واختصاص أصيل للمحكمة الدستورية، حيث يمكن الطعن أمامها على برامج الأحزاب إذا ما هددت أمن الدولة المدنية أو الوحدة الوطنية.

* دستور 71 لا يمنح المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحق في تولي الحكم بعد سقوط الرئيس؛ فمن أين استمد المجلس شرعيته في حكم البلاد..؟

- المجلس استمد شرعيته من الثورة، فمن غير الصحيح أن الشعب قَبِل الجيش مرغما لحظة انتقال السلطة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وإنما تقبلها الشعب المصري برحابة صدر وقبول شعبي، وهذا يعكس العلاقة التاريخية بين الشعب المصري والجيش؛ لأنه أداة للدولة المدنية. التاريخ يذكر أن نشأة الجيش المصري الحديث كانت في عهد إبراهيم باشا، ومن يومها كان حماية الأمن في ربوع مصر، فلاحو مصر عندما دخلوا الجيش خرج منه أحمد عرابي وقاد ثورة لتحقيق كرامة الشعب المصري، وفي 1952 الجيش المصري هو من صنع الثورة عندما أطاح بالملك وحقق الانقلاب على الحكم الملكي وانحاز الشعب لهذا الانقلاب ليصنع ثورة، واليوم الشعب المصري ثار والجيش وقف حاميا للإرادة المصرية، فالجيش والشعب المصري بينهما الكثير من الحب والثقة، وأنا كمواطنة مصرية ارتحت لقرار نزول الجيش للشارع، فلم أتخيل يوما أن ترفع بندقية بوجه مواطن مصري، فبينهما علاقة تاريخه ليس من السهل لأحد انتهاكها، وفكرة وجود الجيش والشعب في الميدان هي تعبير عن تبادل المواقع؛ لأنهم يمثلون ثنائية استثنائية، فليس لدينا جيش مرتزقة ولا موال للحاكم، هذا لم يحدث في تاريخ العسكرية المصرية، الجيش تحمل المسؤولية في لحظات حرجة، وحسم الثورة لصالح الشعب، وما يشاع هذه الأيام للوقيعة بين الشعب والجيش ليس له صحة من الوجود.

* ما الوقت المناسب لإجراء الانتخابات الرئاسية؟

- كنت أرى أن الوقت المناسب قبل الانتخابات البرلمانية، حيث من الضرورة انتقال السلطة في أقرب وقت حتى يتفرغ الجيش لمهامه الكبرى وهي حماية حدود مصر، ولكننا وضعنا العربة أمام الحصان وقلنا يجب أن يكون هناك مجلس برلماني، يحلف أمامه الرئيس، وهذا ما أكده الإعلان الدستوري، فتوجب أن نبدأ بالبرلمان، ولكن يجب أن لا نبعد انتخابات الرئاسة مدة طويلة.

* هل حقا اقترحتِ «ميدان التحرير» لتولي الرئيس الجديد مهامه منه؟

- بالتأكيد، أنا أعلم أنه يجب أن يحلف اليمين ويتولى مهامه من مقر الرئاسة، ولكن عندما طفت على السطح مشكلة حلف اليمين أمام المجلس البرلماني، وهو أجراء شكلي من الدستور المعطل، قلت لماذا لا يحدث هذا، مثلما يحدث في بعض الدول، كأن يكون أمام المحكمة الدستورية أو هيئة من مجلس القضاء ومجلس الدولة، وإن تعذر يكون أمام الجماهير من ميدان التحرير، كما يحدث في أميركا؛ بأن يقسم الرئيس في ميدان عام بحضرة الشعب.

* من وجه نظرك؛ ما الأسباب الحقيقة وراء اندلاع الثورات في أغلب الدول العربية؟

- هنا أطالب بإعادة القراءة والرؤية لكل من ظنوا أن فكرة القومية العربية ووحدة العالم العربي من المحيط للخليج هي وهم وحلم صنعة الزعيم جمال عبد الناصر والقوميون الكبار، وأنهم حاربوا من أجل سراب، ما حدث أكبر رد لاعتبار القومية العربية؛ فلم يكن أحد يتصور حتى في الأحلام ما حدث، فعندما تحرك القلب تحركت الأمة كلها، ومصر دائما قلب العرب، ويجب أن لا ننسى أن الشرارة الأولى كانت من تونس.

* إجمالا كيف ترين المشهد السياسي لمصر في المرحلة المقبلة؟

- حالة من السيولة ومجموعة من المخاطر، ولكن ثقتي بالشعب المصري أنه قادر على تخطي كل المخاطر، فالجينات التي بداخل المصري تندفع في لحظات حرجة، ولو تذكرنا حادثة كنيسة القديسين التي وقعت قبل الثورة وأيا كان المدبر لها، كان الهدف هو شق الشعب المصري إلى نصفين، ولكن ما حادث أنه التحم وخرج للشارع مسلمين ومسحيين لوأد الفتنة، ولم يصدق أحد أن هذا سيحدث. أيضا مشهد ميادين التحرير التي انتشرت في كل ربوع مصر كانت تؤكد أن الجينات تظهر في المواقف الحرجة بقوة، وهناك لحظة مقبلة سيري فيها الشعب المصري للعالم أنه قادر على حماية وطنه كما عهدنا. الشعب المصري مثل الجمل يتحمل ويصبر، يغفو ولا يموت، يستطيع أن يصبر ويتحمل ولكن عندما يقوم لا يهدأ إلا إذا حقق غايته.

* في رأيك هل نحن مقبلون على دولة مدنية أم دينية؟

- مصر لا يمكن أن تكون دولة دينية على الرغم من الضغوط التي تمارس عليها في الفترة الحالية؛ فنحن لا نميل إلى التشدد بفعل طبيعتنا المتحضرة، كما أننا دولة زراعية، سلوكها ونسيجها الاجتماع طبعه السماحة والهدوء والوسطية، بعيدا عن روح التشدد، بعكس البيئة البدوية الجافة التي يميل أهلها إلى القسوة والتطرف.