الصحافة المصرية تلاحق صحة الرئيس وتعليقات نجليه ورجاله في السجن طرة

بعد أن كانت خطا أحمر تناوله يستوجب العقوبة.. أصبحت خيالا أزرق يستحق المراجعة

TT

لم تعد صحة الرئيس المصري السابق حسني مبارك خطا أحمر، وما كان سببا يكفي لإصدار حكم بالسجن على الصحافي المصري إبراهيم عيسى قبل نحو عامين، غدا اليوم الموضوع الرئيسي للصحف القومية والخاصة، التي لاحقت كلمات وإيماءات مبارك ونجليه منذ بدء التحقيق معهم في وقائع التحريض على قتل المتظاهرين أثناء الثورة المصرية.

وأبرزت صحيفة «الأخبار» القومية في صدر صفحتها الأولى «اعترافات مبارك في التحقيقات»، وفي المانشت الرئيسي لها نقلت الصحيفة عن الرئيس السابق قوله: «العادلي خدعني وكلهم تخلوا عني»، وألحقته بـ«اتركوا أولادي وافعلوا بي ما شئتم».

ونقلت بوابة صحيفة «الأهرام» القومية على الإنترنت خبرا عن حالة الرئيس الصحية: «مبارك يعاني اكتئابا شديدا وارتفاعا في درجة حرارته يهدده بالغيبوبة». وعلى صفحات «روزاليوسف» التي كانت محسوبة على جمال نجل الرئيس السابق رئيس لجنة السياسات بالحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم سابقا) قبل إجراء تغييرات القيادات الصحف القومية، قالت الصحيفة «مبارك حالته مستقرة.. وسوزان استعانت بخادمة فلبينية.. ونجلاه يرفضان طعام السجن»، واهتمت كذلك برجال نظام مبارك الذين أودعوا سجن طرة رهن التحقيق في قضايا فساد، وأضافت في صفحتها الأولى: «الشريف يطالب بزبادي فرنسي ومكرونة ريجيم وينادي على الحرس بـ(سعادة الباشا)».

وعانت الصحف المصرية الخاصة والحزبية من رقابة تفاوتت شدتها خلال سنوات حكم الرئيس مبارك، لكن السنوات الخمس الأخيرة شهدت انفراجة كبيرة في حرية التعبير باستثناء ملفات قليلة ظلت داخل الدائرة الحمراء، منها صحة الرئيس المصري.

وحاولت الصحف المصرية رصد كل ما يتعلق بأسرة الرئيس السابق منذ إعلانه تخليه عن السلطة في 11 فبراير (شباط) الماضي، واعتمدت الصحف في تناولها للقصص الصحافية منذ خروج الأسرة الرئاسية من قصر عروبة المقر الرسمي للرئيس، وحتى نقله إلى مستشفى شرم الشيخ، على مصادر مجهلة وصفتها بـ«القريبة من الرئيس أو من المحيطين به،» واكتفت أحيانا بوصفها بـ«الخاصة».

وتباينت القصص الصحافية التي تناولت الموضوع ذاته في بعض الصحف، خاصة ما يتعلق بتفاصيل اليوم الأول لنجلي مبارك في السجن، ففي حين تحدثت بعض الصحف عن إفطار جمع نجلي الرئيس بوزير الإعلام السابق أنس الفقي، قالت صحف أخرى إن إفطارهما الأول كان بدعوة من هشام طلعت مصطفى رجل الأعمال المحكوم في قضية مقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم.

واتفقت معظم الصحف في تغطيتها لوقائع نقل نجلي الرئيس المصري من مدينة شرم الشيخ إلى سجن المزرعة بطرة حيث يقضيان حبسا احتياطيا على ذمة التحقيق في قضايا فساد مالي.. على لون السترات، الحقيبتين الصغيرتين اللتين حملاها معهما إلى السجن، وما بدا على الشقيق الأصغر (جمال) من ذهول، والثبات الذي تحلى به الشقيق الأكبر علاء.

وعلق ياسر رزق رئيس تحرير صحيفة «الأخبار» القومية على التناول الصحافي لأسرة مبارك بقوله لـ«الشرق الأوسط» إنه «بالإضافة للظرف التاريخي الاستثنائي الذي يحيط بهذا الحدث غير المسبوق، أعادت وقائع التحقيق مع الرئيس ونجليه الثقل مرة أخرى للصحف وأبعدت وسائل الإعلام المرئية لحد بعيد عن المنافسة في هذا المجال حيث يتاح للصحافيين الاستعانة بمصادر متنوعة خاصة في ظل حساسية الحدث ورغبة المصادر في الاحتفاظ بسريتها».

وأكد رزق أن صحيفته كانت تملك معلومات رفضت نشرها لعدم تأكيدها من أكثر من مصدر، كما تجاهلت معلومات أخرى بدت غير معقولة، لافتا إلى أن «السياسة التحريرية في ظل هذا السباق المحموم بين الصحف عليها تحري الدقة لأن المصداقية لأي مؤسسة في حدث على هذا القدر من الأهمية تكون دائما على المحك».

من جهتها وصفت فريدة النقاش رئيس تحرير صحيفة «الأهالي» الحزبية الاهتمام الإعلامي بالأسرة الرئاسية بـ«الطبيعي والمفهوم جدا»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يحدث له رمزية شديدة الأهمية وتأثير على الحياة السياسية في مصر ويتضمن دروسا بلا حدود لكل من سيخلف نظام مبارك».

وأشارت النقاش إلى أن ما يحدث في البلاد حدث غير مسبوق في التاريخ المصري، فلم يسبق اعتقال والتحقيق مع أي رئيس فضلا عن إقصائه عبر ثورة شعبية.

وتابعت بقولها: «نقل كل همسة وكل حركة للرئيس السابق أمر مبرر ويستحق الاهتمام دون أن نتجاوز حدود المهنية، فسرعان ما سوف تتكشف الحقائق ما يهدد مصداقية المؤسسة الصحافية».